عام الرمادة.. إدارة الأزمات في المجاعات

أزمات مرت
03:31 صباحا
قراءة دقيقتين

إعداد: فدوى إبراهيم

ما بين عامي 17 و18 هجرية، حل بالمدينة في أرض الحجاز جفاف أدى إلى مجاعة حتى أصبح لون الأرض والبشر شبيهاً بالرماد، لشدة اليأس والجوع، لكن هذه الأزمة التي يشار أنها دامت 9 شهور كشفت عن أن إدارة الأزمات لها دور كبير في التخفيف من وطأة المحن.

حل عام الرمادة بعد أن حبس المطر وجدبت الأرض، فلم يجد الناس ولا المواشي ما يقتاتون عليه، فقتل الجوع منهم الكثير، وحل ذلك في المدينة وما حولها من مدن وبوادٍ، فقدموا إلى المدينة مما زاد من عظم المجاعة.

كشف عام الرمادة عن دور إدارة الأزمات في التخفيف من وطأتها، فحل في زمن الخليفة عمر بن الخطاب «رضي الله عنه»، الذي استخدم كل الوسائل والطرق لإيجاد الحلول وتخطي الأزمة، ومن بين أهم ما قام به أن جعل نفسه قدوة للناس، فحرم نفسه الطعام وأسرته إلا ما يقتاته العامة في الأزمة، وكره الإسراف، وأنفق ما في بيت المال حتى أنفذه، وأرسل لأهالي البادية الغوث من الطعام، وأعد رجاله الطعام لمن لجأ للمدينة بالآلاف، وطلب الغوث من ولاته فكان في مصر عمرو بن العاص فأرسل له قافلة بالأطعمة، وسعد بن أبي وقاص بالكوفة فبعث له بمثلها ومن الأكسية، وهذا هو حال كل الولاة، أبو موسى الأشعري بالبصرة، ومعاوية بن أبي سفيان بالشام، وفي فارس، فكان تعاضد الناس كبيرهم وصغيرهم من قريب وبعيد.

مع كلّ الإجراءات التي اتّخذها عمر «رضي الله عنه» ظل الدعاء لله تعالى في رفع الغمة أمراً يومياً، ومنه قال: «اللّهم عجزت عنّا أنصارنا، وعجز عنّا حولُنا وقوّتُنا، وعجزت عنّا أنفُسنا، ولا حول ولا قوّة إلا بك». ولعل من أكثر ما يذكره التاريخ عبر المؤرخين عن عمر في ذلك العام هو حد السرقة، فرفع حد قطع يد السارق؛ لأن في الناس مجاعة، وخشي أن يكون ذلك السارق مضطراً للطعام فسرق تحت وطأة الجوع، وأوقف إلزام الناس بالزكاة في عام الرمادة، فوصف المؤرخون والفقهاء ذلك بالرؤية الفقهية الثاقبة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"