عادي

كورونا.. «وصمة عار» تثقل كاهل سكان إفريقيا جنوب الصحراء

21:11 مساء
قراءة 3 دقائق

في كل أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء، وصمة العار المرتبطة بوباء كوفيد- 19 قوية لدرجة أن البعض يتجنب طلب العلاج لتفادي مواجهة سلوك عدائي يمارسه كثر في حق أي شخص يشتبهون في إصابته بالفيروس. فالمالكون يطردون المستأجرين من منازلهم ويتخلى أزواج الممرضات عنهن ويتم تهميش البعض فقط للاشتباه في اتصالهم مع مريض كوفيد-19.
يقول الأشخاص المشتبه في إصابتهم بالوباء إنهم يعامَلون مثل المنبوذين، فهم يتعرضون للتمييز في العمل وفي الأحياء التي يعيشون فيها وحتى في منازلهم. وقد وصفت فاتو وهي شابة سنغالية في العشرينات من العمر لم ترغب في الكشف عن اسمها الحقيقي، تجربتها المريرة منذ نحو شهر بعد اتصالها بشخص مصاب بفيروس كورونا، وهي حجرت نفسها على الفور في غرفتها وتعرضت للنبذ من مجتمعها.
وفاتو التي كانت بقيت محجورة في غرفتها حتى أتت نتائج الاختبار سلبية، أجبرت بعد ذلك على تمضية أسبوعين معزولة في أحد الفنادق على الرغم من عدم إظهارها أي أعراض، لكن فقط لأن الأطباء الذين يتتبعون حالتها قد تلقوا «مكالمات مجهولة المصدر» كما تقول.
على مسافة نحو ثلاثة آلاف كيلومتر في الغابون، يقول جوسلين وهو عالم أحياء يجري اختبارات لحالات مشتبه فيها في ليبرفيل، إنه يتعرض لتمييز مماثل يومياً.
يحاول أعضاء فريقه الحفاظ على سرية المهمة عندما يزورون المنازل، حتى لو كان ذلك يعني تعريض صحتهم للخطر. ويوضح: «نرتدي بزاتنا الواقية في الداخل وليس على عتبة المنزل. يشعر الغابونيون بالذعر من فكرة وصولنا إلى ديارهم».
كلفة نفسية
يروي ياب بوم عالم الأوبئة في ياوندي لوكالة الصحافة الفرنسية بأنه في الكاميرون المجاورة، طرد مالك منزل مستأجراً لديه ثبتت إصابته بفيروس كورونا.
ويتابع أن وصمة العار المرتبطة بالفيروس ليست فريدة من نوعها في إفريقيا «لكن هنا نتميز بأننا اجتماعيون أكثر وبالتالي نحن نعرف جيراننا».
يفضل الكثير من الأشخاص البقاء في المنزل عند ظهور الأعراض عليهم.
ووفقاً لبوم وهو أيضاً مدير مركز البحوث الإفريقي لمنظمة «أطباء بلا حدود»، فإن بعضهم قضوا لأنهم تأخروا في طلب العلاج الطبي خوفاً من أن تلاحقهم وصمة العار المرتبطة بالفيروس. ويقول «يجب أن يؤخذ الجانب النفسي في الاعتبار إذا أردنا الفوز في هذه المعركة». ويشير بوم إلى أن العاملين في مجال الرعاية الصحية هم أكثر الأشخاص المتضررين من هذا الأمر.
وتوضح لور مينغويني مفيينا التي ترأس وحدة الاستجابة النفسية لمرضى كوفيد- 19 في ياوندي، أن أزواج ممرضات كاميرونيات طردوهن من المنزل لأنهن كن يعملن في الوحدات المخصصة لفيروس كورونا. وتضيف «من الضروري مساعدة الممرضين نفسياً لأنهم إذا كانو مرهقين نفسياً وجسدياً فكيف سيهتمون بالآخرين؟». وتلفت مفيينا إلى أنه يجب على الناس أن يدركوا أن معدل الوفيات لا يزال منخفضاً في الكاميرون «وهو أقل من المعدل في أوروبا».
فقد تم الإبلاغ عن نحو 1400 وفاة فقط بوباء كوفيد- 19 في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
لقب «كورونا»
لا يزال بعض المرضى يشعرون بالخجل حتى بعد شفائهم من الفيروس؛ إذ يعتقد الكثيرون أنهم لا يزالون يعرضون الصحة العامة للخطر.
وبعد خروج الكينية روزلين نيامبورا من المستشفى، سخر منها جيرانها على حد قولها، كما بدأ البعض يناديها بـ«كورونا». لكن بمجرد أن حصل الأشخاص في محيطها على مزيد من المعلومات حول المرض، بدأت تنحسر التعليقات اللاذعة.
وتقول نيامبورا: «بعد تدخل الكبار في السن والسلطات المحلية والكنيسة، بدأ الناس يفهمون أنه من الممكن التعافي من كورونا» مشيرة إلى أنه على الحكومة الكينية بذل المزيد من الجهد لتثقيف الناس بشأن الفيروس.
وشرح بوم أنه خلال وباء إيبولا الذي أودى بحياة أكثر من ثلث الأشخاص الذين أصيبوا به في ليبيريا وغينيا وسيراليون في عام 2014، واجه الناجون وضعاً مماثلاً.
وقد تم إصدار شهادات للمرضى المتعافين تفيد بأنهم لا يشكلون أي خطر على المجتمع. لكن هذه الحال لا تنطبق على فيروس كورونا خصوصاً في غياب الأدلة على أن المريض الذي شفي محصن.
(أ ف ب)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"