هكذا يكون التواضع

مكارم الأخلاق
03:26 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. رشاد سالم

كان المصطفى، صلى الله عليه وسلم، في تواضعه مثلاً يحتذى به.

- يجالس فقراء المسلمين من أهل الصفة أمثال بلال وصهيب وخباب، ويأكل معهم ويحادثهم ويسمع منهم ويأذن لهم ولا يحتجب عنهم كما علمه ربه. قال تعالى: «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه».

- حين بنى مسجداً، كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يحمل الحجارة معهم. ويقول أحد الصحابة: «كنا نحمل حجراً حجراً ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يحمل حجرين.

- أثناء حفر الخندق في غزوة الأحزاب كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يحفر معهم يداً بيد.

* كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في سفر مرة وأراد الطعام وأتى بشاة، قال بعض الأصحاب: علي بذبحها وسلخها، وقال آخر: وأنا علي تقطيعها وشيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:وأنا علي جمع الحطب، فاختار أشق الأعمال، وكان من الممكن أن يجلس ويخدمه الجميع بحب وإخلاص.

- تحكي عائشة، رضي الله عنها فتقول عنه: كان في مهنة أهله (يساعد زوجاته) وكان يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته ويعلف فرسه.

لقد تأدب الأصحاب بأدبه وتخلقوا بأخلاقه.

- من تواضع أبي بكر، رضي الله عنه، ما يحكى عنه من أنه كان يحلب الغنم لبعض جواري المدينة وحين تولى الخلافة قالت البنات: إذاً لا يأتينا وفوجئن بمجيئه لهن وهو خليفة المسلمين و يقول لهن: هلم هلم أحلب لكن.

- عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أمير المؤمنين وقصة رسول كسرى حين رآه نائماً تحت شجرة فقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر.

وفي ذلك يقول الشاعر حافظ إبراهيم:

وراع صاحب كسرى أن رأى عمرا

بين الرعية عطلا وهو راعيها

فوق الثري تحت ظل الدوح مشتملا

ببردة كاد طول العهد يبليهـا

وعهده بملوك الفرس أن لهـــا

سورا من الجند والحراس يحميها

رآه مستغرقا في نومه فرأى

فيه الجلالة في أسمى معانيهـا

فقال قولة حق أصبحت مثلا

وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

أمنت لما أقمت العدل بينهم

فنمت نوم قرير العين هانيـها.

- حذيفة بن اليمان صاحب الفتوحات الكبرى وقائد الجيوش التي فتحت الكثير من بلاد الإسلام، ذلك الصحابي الجليل الذي لقب بصاحب سر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ولاه عمر بن الخطاب إمارة المدائن أعظم بلاد فارس، وخرج الناس يستقبلونه فإذا به يدخل عليهم البلد بمفرده يركب حماراً وبيده كسرة من خبز يأكلها بملح، فقالوا: ماذا تأمرنا؟ قال: أسألكم علفاً لدابتي (لحماري) قالوا: عظنا يا صاحب رسول الله، فقال: إياكم وأبواب الفتن. قالوا: وما أبواب الفتن؟ قال: أبواب الأمراء تدخلون عليهم فتصدقونهم بكذبهم وتمتدحونهم بما ليس فيهم.

كان التواضع سمة رئيسية في علماء السلف فلم يتكبر أحد بعلمه، وكذلك في أغنيائهم فلم يتكبر أحد بماله، فرفعهم الله وأعلى شأنهم.

- عبد الرحمن بن عوف، رضي الله عنه، من أغنى أغنياء الصحابة ومن العشرة المبشرين بالجنة، يقول عنه أصحابه: أهل المدينة شركاء لابن عوف في ماله: فثلث يتصدق عليهم وثلث يقرضهم وثلث يهدي لهم.

وصدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه أبو هريرة: ما ازداد عبد بتواضع إلا رفعة.

* مدير الجامعة القاسمية بالشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"