بلا مجاملة

04:43 صباحا
قراءة دقيقتين

محمد إبراهيم

كم ساعة قلق عاشها المعلمون خلال أزمة «كورونا»، خوفاً من الاستغناء عن خدماتهم، أو خفض رواتبهم أو إيقافهم مؤقتاً؟! فما زال صدى القرارات والإجراءات التي اتخذتها بعض مجموعات التعليم الخاص بحقهم، يتردد في الآذان، ويجوب بعمق في الأذهان.

كانت أصعب اللحظات التي يقضيها المعلم خلال يومه، تلك التي يستقبل فيها مكالمة هاتفية من رقم « لا يعرفه»، أو يتلقى بريداً إلكترونياً، يضمّ في عنوانه كلمتي «شؤون التوظيف».

ولا ننكر أن بعض المدارس نجحت في الحد من خسائرها، وأثبتت قدرتها على خفض نفقاتها، والمحافظة على أرباحها، باللعب على الثغرات تارة، وترتيب الأوراق تارة أخرى، وتصفية الإجراءات تارة ثالثة.

بعض مُلّاك المدارس لا يتعاملون مع التعليم، على أنه رسالة ذات مكانة، فهذا يدعونا لارتداء عباءة المستثمر، لنتحدث معهم بلغة «التجارة»، ولنبدأ بالسؤال: هل حقاً درست مدارسهم الأزمة وأبعادها بالشكل الصحيح؟ وهل كانت خطط ما بعد «كورونا»، واضحة لهم، لدرجة اتخاذ قرارات صعبة، مثل تسريح المعلمين «عصب العملية التعليمية» بهذه الطريقة؟

قراءة التاريخ الوسيلة الفضلى للإجابة، فإذا عدنا إلى تفاصيل الأزمة العالمية في 2008، التي تعد الأقرب لأزمتنا الراهنة، فسنجد مؤسسات تعليمية أنهت خدمات أكثر من 40 % من كوادرها، لتقليص نفقاتها، والخروج بأقل الخسائر،ولكن تعثرت في التعافي.

وفي المقابل كانت المؤسسات المنافسة أكثر يقظة، إذ ذهبت تفتح الباب للتعيينات الجديدة للمعلمين والكوادر التي فقدت وظائفها، ووضعت خططاً لتعيين المزيد، وهذا ما يحدث بالفعل خلال الأزمة الراهنة، فهناك مدارس عصفت بمعلميها، وأخرى فتحت أذرعها لاستيعابهم،ليرتفع مؤشر تعافيها سريعاً.

وهذا لا يعني في منطق «التجارة» أن المؤسسات المنافسة، الأكثر حظاً في رأس المال، أو أنها صاحبة القلب «الحنون»، ولكنها استفادت من خبرات تربوية، ذات مهارات وجاهزية للانخراط في العمل من دون معوّقات، وبرواتب قليلة بسبب الأزمة، ليصبح لديها معلمون وكوادر ماهرة، بكلفة مناسبة، والأهم أنها عززت مكانتها وسمعتها في المجتمع.

وهنا وبلا مجاملة، يظهر لدينا «تواضع» في قدرة بعض مستثمري القطاع، في إدارة الأزمات، ولم ينجحوا في التعامل مع العلم، رسالة لها قداستها، ولم يفلحوا في إدارة «التجارة» بوجهة نظر اقتصادية ترى المستقبل، ونتساءل: من أين ستستقطب مدارسهم معلمين جدداً للعام الدراسي المقبل الذي لم تتضح ملامحه بعد؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"