نتنياهو وشماعة «الصفقة»

04:53 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يحاول رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، أن يجعل من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «صفقة القرن» شماعته ومرجعيته الوحيدة للتفاوض مع الفلسطينيين، متجاهلاً كل قرارات الشرعية الدولية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، والمبادرة العربية للسلام، و«اتفاقات أوسلو»، زاعماً أن الجانب الفلسطيني هو الذي يعطل «المسار السلمي» لرفضه القاطع للخطة الأمريكية وكل ما سبقها وما تمخض عنها.

تزييف الحقائق ودبلوماسية التباكي نهج «إسرائيلي» معروف لابتزاز المواقف الدولية، وهو ما حصل بالفعل خلال المكالمة التي جرت بين نتنياهو والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أعلن مجدداً موقف باريس والاتحاد الأوروبي الداعي إلى التخلي عن ضم أي أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، مؤكداً أن ذلك لن يخدم أي تسوية مستقبلة، لكن نتنياهو بدا متهرباً من جوهر الموضوع ليتحدث لماكرون عن «ضرورة السلام»، مدعياً أنه يحترم القانون الدولي ومقرراته، بينما هو واقع الحال عكس ذلك تماماً، فهو يسعى إلى تنفيذ مخططه، وسيظل يمكر ويراوغ، متحدياً كل الضغوط المسلطة عليه، سواء من المجتمع الدولي أو لحسابات خصومه داخل «إسرائيل»، على الرغم من أن الوقت ليس في صالحه، وحليفه ترامب يكابد مشاق سياسية واقتصادية وانتخابية، ولم يعد واثقاً بالبقاء ولاية ثانية في البيت الأبيض.

نظراً لكل هذه الاعتبارات، قد يكون الإعلان عن خطة الضم تأجل أو ألغي، ولكن تنفيذها يجري على الأرض، بدليل تسارع إقامة البؤر الاستيطانية الجديدة تحت حماية جنود الاحتلال في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بالتوازي مع تصعيد المستوطنين لعملياتهم الإرهابية، لترويع السكان الأصليين خصوصاً بمحاذاة المستوطنات المعزولة لتوسيعها وخلق واقع مختلف قد يمهد للاستيلاء في المستقبل القريب أو البعيد.

وليس من باب المبالغة القول، إن ما تفعله سلطات الاحتلال ومستوطنوها، هو من أخطر مراحل تصفية القضية الفلسطينية؛ لأن خطة الضم سواء تم إعلانها أو ظلت تتمدد بصمت، تهدف إلى سلب الأرض والاستحواذ على المياه واحتكار سلة غذاء الضفة؛ تمهيداً لتجويع الفلسطينيين هناك، تماماً كما هو حال أشقائهم في غزة، ثم البحث عن طريقة أخرى للتخلص منهم نهائياً خارج أرضهم التاريخية.

من البديهي أن هذه السيناريوهات تدور في ذهن نتنياهو ومن أوحى إليه بخطة الضم، وتوسيع المستوطنات. وقبل ذلك وبعده، فإن حكومات «إسرائيل» المتعاقبة لم تؤمن يوماً بالمفاوضات مع الفلسطينيين، ولم تفكر في منحهم حقوقهم المشروعة، وإنما اعتمدت ذلك خطة لتحقيق هدف يتمثل في السلب التدريجي لحقوق الفلسطينيين، وهناك كثير من الوقائع تدين مثل هذا التآمر، من ذلك استغلال «إسرائيل» للظروف التي خيمت على المنطقة بإذكاء الحروب الأهلية لإضعاف الدول المحيطة، حتى تبقى هي القوة الوحيدة المسيطرة، القادرة على فعل أي شيء دون خشية من المساءلة أو العقاب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"