متلازمة القولون العصبي.. ألم مستمر وأسباب مجهولة

02:47 صباحا
قراءة 5 دقائق

يعرف جهاز القولون طبياً بأنه الأمعاء الغليظة، والتي توجد أسفل تجويف البطن، وتتكون هذه الأمعاء من عضلات طولية وأخرى عرضية.
ويوجد تناغم وتناسق كبير بين هذين النوعين من العضلات بشكل تام أثناء الانقباض والانبساط، وتحدث عملية التقلص بشكل محدد وثابت، وذلك وفق إشارات عصبية منظمة.
وتصل هذه الإشارات عن طريق خلايا المخ، والتي تنقلها شبكة خلايا الجهاز العصبي للعضلات، بحسب كميات الغذاء وأنواعه وتأثيراته.
يمر الغذاء في الأمعاء ببعض المراحل والتفاعلات، ومن ثم تصدر منها حركات منتظمة، وتصل الفضلات إلى الأمعاء الغليظة أو القولون.
وتكون لينة أو شبه سائلة، وإذا حدثت مشاكل واضطرابات في الأعصاب التي توجد في الأمعاء الغليظة، فإن مشاكل القولون العصبي تظهر.
ويمكن تعريف مرض القولون المتهيج أو القولون العصبي بأنه خلل يصيب جزءاً في الجهاز الهضمي، وبالتحديد القولون أو الأمعاء الغليظة.
ويصنف هذا المرض بأنه من الأمراض المزمنة؛ لأن مشاكله تستمر فترة زمنية طويلة، وفي الأغلب فإن المرض ليس له سبب عضوي أو فعلي حتى الآن.
ونتناول في هذا الموضوع متلازمة القولون العصبي بكل تفاصيلها، مع كشف العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاية الممكنة والتي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


أسماء عديدة


يطلق الأطباء العديد من الأسماء على هذا المرض، مثل متلازمة القولون العصبي، أو القولون المتهيج، أو القولون التشنجي أو القولون أو متلازمة الأمعاء الهيوجة، أو التهاب القولون المخاطي أو القولون المنقبض، ويستمر مع المصاب به فترة طويلة.
وتبدأ مشاكل القولون بحركات عضلات الأمعاء غير المعتادة والسريعة، والتي تكون غاضبة وغير منتظمة، وتشير إلى أن هناك خللاً حدث في رتم وأداء التناسق الحركي لهذه العضلات.
ويتسبب هذا الأمر في قصور وظائف الأمعاء الغليظة، وبالتالي عدم التحكم في وظائفها، وهو ما يترتب عليه أن بقايا الطعام والفضلات تنزل بشكل سائل، ومن غير امتصاص جيد للعناصر الغذائية السائلة، كما أن الماء لا يمتص من الفضلات، وبالتالي يصاب المريض بإسهال شديد.


ضعيفة وبطيئة


يؤدي حدوث العكس، أي أن حركة عضلات الأمعاء أو القولون تكون ضعيفة وبطيئة، إلى أن الفضلات تظل وقتاً أطول في الأمعاء الغليظة.
ويحدث نتيجة ذلك امتصاص الماء الموجود في الفضلات بصورة واسعة، وفوق الأداء والمعدل الطبيعي، وهو الأمر الذي يجعل الفضلات جافة وقاسية وصلبة.
ويصاب المريض بسبب ذلك بمشكلة الإمساك، وربما أصيب أيضاً بالبواسير في حالة استمر الإمساك، وذلك نتيجة أن أداء عضلات القولون يكون بطيئاً، وبصفة عامة فإن هناك ضرراً في أداء الأمعاء الغليظة في الحالتين كلتيهما.


هادئة وقوية


تختلف أعراض القولون العصبي من شخص لآخر، كما أن بعض أنواع الطعام ربما أدت إلى زيادة حدة الأعراض، وفي الأغلب فإن أعراضه تتشابه مع كثير من أمراض الجهاز الهضمي.
ويتسبب هذا الأمر في صعوبة تشخيص المرض، وبالتالي يظل المصاب يتناول أدوية تعالج هذه الأعراض، حتى تشخص الحالة بشكل سليم.
ويمكن أن تكون الأعراض هادئة وخفيفة، وفي أحيان أخرى فمن الممكن أن تظهر الأعراض قوية ومؤلمة ومهيجة، ويتحكم في ذلك العوامل والظروف والضغوط العصبية.
ويزيد كذلك التوتر الذي يصيب الشخص من حدة الأعراض، وأحياناً تكون الأعراض مستمرة، حتى أن المصاب يكون عرضة للإصابة بحالة متكررة من الإمساك أو الإسهال الشديد، تلازمه طوال عمره. ويعاني المصاب من الشعور بألم شديد في البطن، كالتقلصات والانقباضات في عضلات الأمعاء الغليظة، وتتسبب في حالات من الإمساك أو الإسهال.


عدة عوامل


توجد عدة عوامل أو أسباب وراء الإصابة بالقولون العصبي، وذلك لأنه بحسب الكثير من الدراسات لا توجد أسباب واضحة وراء هذا المرض.
وتشمل هذه العوامل إصابة البعض بأحد أنواع العدوى الفيروسية التي تهاجم الجهاز الهضمي، ويتم تناول الأدوية والعلاجات للقضاء عليها، بالإضافة لعمل الجهاز المناعي، حتى يتم التخلص منها، إلا أن جزءاً من أعراضها يظل لمدة أكبر.
وتعد من ضمن هذه المؤثرات استمرار القولون في الانقباض والتقلص والانبساط بشكل غير طبيعي، وذلك كرد فعل على هذه الفيروسات التي تبث سمومها وتأثيراتها على عضلات الأمعاء الغليظة.
وتشير الإحصائيات إلى أن إجمالي المصابين بالقولون العصبي بسبب هذه الحالة يصل إلى حوالي 28% من إجمالي المصابين بالمرض.


بعض الأدوية


يمكن أن ترجع الإصابة بالمرض إلى تناول بعض الأدوية، وبخاصة تلك العلاجات التي تستمر مدة زمنية طويلة، وبسبب الآثار الجانبية لهذه الأدوية يتعرض المصاب لحالات من الإمساك والإسهال. ويأتي على رأس هذه الأدوية المضادات الحيوية وكثير من مسكنات الألم، وكذلك الأدوية التي تعالج الحموضة.
ويعد من أكبر الأسباب وراء الإصابة بالقولون العصبي الإجهاد والقلق والمشاكل والأفكار المزعجة؛ لأن المخ في هذه الحالة يرسل إشارات عصبية للجهاز الهضمي، والتي من الممكن أن تسبب خللاً في حركة الأمعاء، وبخاصة الأمعاء الغليظة. ويزيد من خطر الإصابة بهذا المرض التوتر المستمر والزائد، وبخاصة لدى من يعاني من عدم استقرار عاطفي؛ لأن الحالة النفسية السيئة وغير الطبيعية لأمثال هؤلاء تؤثر في مختلف أجهزة الجسم، ويظهر هذا الأثر السيّئ بشكل كبير على أداء الأمعاء الغليظة.


اللاكتوز والفركتوز


يمكن أن ترجع الإصابة بالقولون العصبي إلى بعض الأطعمة التي تسبب تهيجاً له، ومن ذلك اللاكتوز الطبيعي، والذي يوجد في اللبن وجميع منتجاته، وكذلك شراب الذرة عالي الفركتوز، والذي يتوافر في كثير من عصائر الفاكهة الصناعية والجاهزة.
وتتسبب في بعض الأحيان أطعمة كبعض البقوليات، أو الأغذية التي تحتوي كميات كبيرة من الدهون، وكذلك معظم أنواع التوابل الحارة.
وترجع الإصابة بالقولون العصبي لدى البعض نتيجة للتغيرات الهرمونية التي تحدث في مختلف مراحل العمر، أو عند السيدات قبل فترة الحيض أو خلال الحمل، ومن الممكن أن يكون تغير الهرمونات بسبب تناول بعض الأدوية.


تقليل الأعراض


يهدف علاج القولون العصبي إلى التخفيف من حدة الأعراض، وحتى لا تؤثر على جودة حياة المريض؛ وذلك لأنه لا يتوافر علاج جذري لهذا المرض حتى الآن.
وينصح الأطباء بالبحث عن السبب البارز وراء هذا المرض والتعامل معه، وعلى سبيل المثال فإن من يعانون من التوتر تزيد لديهم أعراض القولون العصبي، وبالتالي فإن السيطرة على هذه المشاعر تعتبر العلاج الناجع، ويمكن ذلك من خلال التحدث مع صديق أو شريك أو ممارسة الرياضة أو الكتابة.
وتعد ممارسة الرياضة من الأمور التي تنعكس بشكل إيجابي على المصاب بالقولون العصبي، وذلك بحسب العديد من الدراسات، ويعدّ من أبرز الرياضات المفيدة المشي وركوب الدراجات واليوجا.


حصة ألياف


يجب أن يحتوي طعام المصاب على حصة يومية من الألياف الغذائية، والتي تعزز من صحة الجهاز الهضمي، وبصفة عامة فإن الألياف الغذائية لها الكثير من الفوائد الصحية، والتي تعالج مشكلة الإمساك المزمنة، وتتوافر في الفواكه والخضراوات.
وتوجد حمية مخصصة للمصاب بالقولون العصبي تعرف بحمية قليلة الفودماب، والمقصود بها أن تكون السكريات المخمرة والثنائية والأحادية والكربوهيدرات قصيرة الترابط منخفضة.
وتفاقم كل هذه الأمور من أعراض القولون العصبي، ومن أهمها الانتفاخ والغازات والإمساك والإسهال؛ ولذلك يوصى بالتقليل من هذه الأطعمة تدريجياً، وأن يستبدل بها أخرى مفيدة.


الأكثر انتشاراً


تشير العديد من الدراسات إلى أنه ليست هناك علاقة بين الإصابة بسرطان القولون ومتلازمة القولون العصبي؛ بل على العكس تقل فرصة الإصابة بسرطان القولون، ويفسر ذلك بسبب العناية والعلاج المستمر لهذا المرض.
ويعد مرض القولون العصبي من أكثر أمراض الجهاز الهضمي انتشاراً، وبحسب الإحصائيات فإن نسبته تصل إلى حوالي 60% من جملة الأمراض التي تصيب الجهاز الهضمي.
وتزيد نسبة إصابة النساء بهذا المرض، حيث يتعرضن للإصابة به بأربعة أضعاف إصابة الرجال. وبصفة عامة يتعرض أصحاب أي مرحلة عمرية للإصابة بالقولون العصبي.
ويمكن عند إصابة الأطفال به وإهمال العلاج، أن تحدث بعض المضاعفات للزائدة الدودية، وبالتالي يُضطر لإزالتها في أحيان كثيرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"