المتنـبي.. قافية القصيدة العربية

«الخليج الثقافي» يطرح سؤال من هو الشاعر الأول؟
03:45 صباحا
قراءة 10 دقائق

 استطلاع: أوميد عبد الكريم إبراهيم

شهد التاريخ العربي بمختلف مراحله بروز نخبة من الشعراء الذين ظلَّت أسماؤهم منارات أدبية يهتدي إليها المبدعون إلى اليوم، وقد أفرز هذا الكمُّ الهائل من كبار الشعراء مسألةً جدليَّةً مُحتدمةً، تدورُ رحاها حول الشخص الذي يستحق لقبَ «الشاعر الأول»، ولا شكَّ في أن المتنبي واحد من أعظم الشعراء على الإطلاق، ومن أبلغِهِم لغةً، وأفصحِهِم لساناً، وقد ظلَّت معانيه المبتكرة وحِكمه البليغة وأبيات شِعره أمثلةً تتلقَّفها الألسن وتتداولها المجالس إلى يومنا هذا، فهل يمكن القول إن المتنبي هو شاعر العربيِّةِ الأول بلا منازع؟

تتباين آراء عدد من الشعراء والنقَّاد الإماراتيين والعرب في استطلاع ل«الخليج» حول هذه المسألة، إلا أن الأغلب يرون أن المتنبي يعبّر إلى حد كبير عن روح الإنسان العربي وقيمه، وأنه شاعر العربيِّة الأول على مرِّ العصور بلا منازع، وأن المتنبي عبقريةٌ عابرةٌ للأمكنة والأزمنة، كما أنه المظلة التي يحتمي تحت لوائها كل من يبحث عن عظمة الشعر، في حين يرى آخرون أن حصر لقب «الشاعر الأول» في شخص شاعر واحد هو إجحاف بحق إبداعات الآخرين؛ لأنه لا يوجد شاعر وقد امتلك السيادة من خلال شعره كله، فالشعر يختلف بمستواه من قصيدة إلى أخرى.

يرى الناقد والأكاديمي د. علي تميم أن الشعر العربي مرَّ بهبوط حاد بعدَ المتنبي، فلا يمكن فهم الشعر العربي القديم والمعاصر، ولا فهم الذات العربية من دون ديوان المتنبي، لقد استوعب أبو الطيب حتى قصيدة التصوف؛ حيث قَصدَ أحد كبار المتصوفين عند ذهابه إلى الشام، وكتب قصيدته التي يقول فيها: «أمِنَ ازْدِيارَكِ في الدُّجى الرُّقَبَاءُ.. إذْ حَيثُ كنتِ مِنَ الظّلامِ ضِياءُ»؛ حيث كان يفهم التصوف على الرغم من صغر سنه آنذاك.

من الصعب فهم ديوان المتنبي بمعزل عن علاقة هذا الشاعر بأسلافه وإعادة قراءتهم بنظرة قوة، فالمتنبي استوعب أغراض القصيدة السابقة عليه، واستطاع تقديم الفلسفة والتصوف في الوقت نفسه، وأن يطور قصيدة المدح، ويحولها إلى قصيدة صداقة، ويغيِّر علاقة الحاكم بالشاعر إلى علاقة تأثر وتأثير وصداقة مستمرة، وقد قدَّم حكمة غير معهودة في الشعر العربي؛ من خلال الاستفادة من الإرث السابق عن طريق الفلسفة التي كان يقرأها، وتحديداً الفلسفة اليونانية، كما أن المتنبي عرف مكامن قوة الشعر وطورها باستمرار.

إطار تقييمي

النظر إلى أي شاعر كبير من شعراء العربية يستوجب الخروج من إطار تصنيف الشاعر الأول أو الأفضل؛ أو الأكبر أو أمير الشعراء بحسب الشاعر خالد البدور الذي يقول: إن هذه عبارة عن تصنيفات أو تحديدات يضعها أناس في فترة ما، وأعتقد أنه يجب النظر إلى حجم ما قدمه الشاعر نفسه من نصوص وأشعار وإبداعات، واختراق في اللغة والصورة الشعرية وغيرها. المتنبي شاعر كبير، وهناك شعراء كبار آخرون، وربما علينا طرح التساؤلات بطريقة أخرى؛ بحيث تكون في جوهر نظرية النقد الأدبي، فعندما نريد أن نحلل شاعراً كبيراً كالمتنبي أو أبي العتاهية أو أبي تمام أو غيرهم، فلا شكَّ في أن هؤلاء قد شكلَّوا مدارس في الإبداع، وتقديم الشعر العربي ونوادره، وكذلك أجمل القصائد في العربية، وعليه فإن المسألة تكمن في كيفية صياغة السؤال النقدي في التجربة الشعرية لأي شاعر أو لأي حقبة شعرية؛ كأن نقول: ما هي الحمولات التي استندت إليها «التجربة المتنبِّية» في البناء الشعري واللغة والصورة الشعرية؟

هنالك أسئلة أخرى تتعلق بالمضامين والبناء الشعري واللغة، وكذلك الرموز والمجازات المستخدمة، فضلاً عن الأغراض الشعرية، وعليه أعتقد أن علينا الخروج من إطار الأسئلة التقييمية حول أكبر أو أفضل شاعر، أو أمير الشعراء أو ملك الشعراء؛ فهذه صفات لا تحدد الشاعر ولا تعطيه قيمة؛ بل إن ما يعطيه القيمة هو النظر النقدي الحقيقي لتجربته، والمتنبي كان سيد شعراء عصره، وهناك شعراء كبار في العربية، ابتداءً من الجاهليين الذين كانوا يمتلكون تراثاً عريقاً في الشعر العربي، ومن ثم شعراء صدر الإسلام، وبعد ذلك شعراء الدولة الأموية والدولة العباسية وغيرهما الكثير، وعليه فإن الشعر العربي بحر؛ بل هو محيط برز فيه كبار الشعراء، وإذا أردنا النظر إلى المتنبي فعلينا النظر إليه من عدة جهات وزوايا نقدية يقوم بها المحلل النقدي، وهنا تجدر الإشارة إلى أن البعض قد يميل إلى التذوق الشعري، فبعض النقَّاد يتذوقون شعر أبي العتاهية مثلاً، وآخرون يحبون شعر ابن الرومي أو أبي نواس أو جميل بثينة أو امرئ القيس أو غيرهم، وعليه فإن النظر إلى تجربة الشاعر يبدأ من داخلها وليس من التقييم الخارجي.

بصمة قوية

يؤكد الشاعر د. شهاب غانم أن المتنبي لا يزال شاعر العربية الأول على الرغم من ظهور شعراء كبار في مختلف العصور بما في ذلك العصر الحديث؛ تماماً كما يظل شكسبير شاعر الإنجليزية الأعظم على الرغم من ظهور شعراء كبار بعده، وبعضهم حصل على «نوبل» وترك بصمة قوية على الشعر العالمي مثل: «تي إس إليوت»، وهناك نماذج مشابهة في اللغات الأخرى، ولعل أهمية المتنبي تعود في المقام الأول إلى القوة التي يتمتع بها شعره، والحكم التي تنتشر فيه، وكثرة الأبيات الملفتة في معظم قصائده، وقلة الأبيات الرديئة فيها، إلا أن هناك سبباً آخر وهو أن المتنبي يعبر إلى حد كبير عن روح الإنسان العربي وقيمه، فهو مثلاً كثير الحديث عن العزة والكرامة.

ولننظر أيضاً إلى هذا البيت الذي يعبر فيه المتنبي عن قيمة إنسانية أساسية، وهي رفضه للظلم؛ حيث يقول: «فلا عبرت بي ساعة لا تعزني * ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما».

والذي لا يقبل الظلم على نفسه يفترض أنه لا يقبله على غيره، وإن كان يقول في مكان آخر: «والظلم من شيم النفوس فإن تجد * ذا عفة فلعله لا يظلم».

المتنبي وهو يتحدث عن نفسه كما في كثير من الأحيان، يعبر عن قيم إنسانية رفيعة كما في قوله في هذين البيتين الرائعين:

لا أشرئب إلى ما لم يفت طمعا

ولا أبيت على ما فات حسرانا

ولا أسر بما غيري الحميد به

ولو حملت إلي الدهر ملآنا

والمتنبي شاعر خبر الحياة وعركها وعركته، وكثيرٌ من تجاربه كان مراً؛ خصوصاً بسبب طموحه الشديد واعتداده الكبير بنفسه؛ وهو ما أكثرَ من حاسديه وأعدائه، فجاء شعره معبراً عن كثير من تجارب البشرية، مما جعله لسان حال الكثير من الناس كما في قوله مثلاً:

ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى

عدواً له ما من صداقته بد.

ولكن المتنبي يذكرنا في تفاخره بالعصر الجاهلي، وكأننا نستمع لأمثال عمرو بن كلثوم، وإن كان هذا يتحدث باسم القبيلة، بينما يتحدث المتنبي بالأصالة عن نفسه، وأحياناً يبهرنا بفخره؛ لجدة الصورة في شعره من ناحية؛ ولأن قوله يكاد يعبر عن الواقع من ناحية أخرى كقوله:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعت كلماتي من به صمم

ولكنه أحياناً يتجاوز «شطحات» الشاعر كما في قوله في صباه:

أي مكان أرتقي

أي عظيم أتقي

وكل ما خلق الله

وما لم يخلق

محتقر في همتي

كشعرة في مفرقي

ولو ترجمنا هذه الأبيات إلى لغات أجنبية كالإنجليزية مثلاً لوجدها القارئ الأجنبي في أغلب ظني مبالغة «ممجوجة»؛ خصوصاً بعد أن تتخلى في الترجمة عن سحر الوزن والقافية.

المتنبي - وهو شاعر العربية الأشهر - لم يحظ بكثير من الترجمات لدى المستشرقين وعشاق الشعر الأجانب لعدة أسباب؛ منها مثل هذه المبالغات؛ لكن لأن الترجمات الأجنبية تعجز في كل أو جل الحالات أن تنقل شعراً أو نثراً ما يتحلى به شعره من روح وثابة، وبلاغة عربية.

الرقم الصعب

يشير الشاعر كريم معتوق إلى أن المتنبي كان الشاعر المفضل لدى العالم اللغوي الكبير «ابن جنّي»، ولايزال النقاد حتى عصرنا الحديث يرون أن المتنبي هو الرقم الصعب بين جميع الشعراء، فما قاله في الهجاء يعد من الطراز الأول، وكذلك ما قاله في المدح والفخر، وكل شيء، وقد بغت نفسية المتنبي في الشعر كنفسية ملك أو أمير، وليس كنفسية شاعر يمدح الملوك والأمراء، وكأنه ندٌّ لهم، كما أنه في البكائيات لا يبكي، فهو يرثي والدته وقد أَلِفَ العرب البكاءَ على الأم، ولكن المتنبي يقول لها: «ولَوْ لمْ تَكُوني بِنْتَ أكْرَمِ والِدٍ/ لَكانَ أباكِ الضّخْمَ كونُكِ لي أُمّاً»، وحين نقول إن المتنبي لا يقارن بالآخرين فلأنه أخذ الشعر قضية في حياته؛ ليصل إلى أهدافه التي من أهمها الخلود؛ حيث قال: «وما الدهر إلا من رواة قصائدي»، وأخذ الشعر في حاضره هدفاً لنيل الإمارة، كما لا يمكن قراءة المتنبي بعيداً عن عصره الذي خلَّدهُ هو، وخير مثال على عظمة المتنبي أنه خلَّد سيفَ الدولة الحمداني، فلولا المتنبي لما عُرف سيفُ الدولة، والدليل أنه لا يُعرف من حكام الدولة الحمدانية غيره.

مصدر للحكمة

المتنبي هو الشاعر الأول في الوجدان العربي بحسب الشاعر عبد الله الهدية؛ لأن العقل العربي يتأرجح دوماً بين الرواية من جهة، والعاطفة من جهة أخرى، والمتنبي يغذي هذا وذاك، وعليه فهو متواجد على مر العصور، وفي الزمن الذي انقطعت فيه مصادر الحكمة؛ ظلَّت قصيدة المتنبي مصدراً مهماً لها، ولو تحدثنا عن الصورة الخيالية المدهشة، فإن المتنبي ما يزال حاضراً إلى يومنا هذا؛ من خلال أوصافه الرهيبة لكل شيء، وكذلك الأغراض الشعرية التي تناولها، وشملت المديح والذم والفخر، وحتى الحمّى التي خصَّها المتنبي بقصيدة؛ لذا فهو شاعر الحضور الذي نراه في مختلف جوانب الحياة بغض النظر إن قلنا إن فلان هو الشاعر الأول أو لم نقل، فذائقة العصر تلعب دوراً مهماً في تحديد من هو الأول، ومن التالي، ولكن يمكن القول بإيجاز.. إن المتنبي هو الشاعر الخالد.

عرش زمانه

يتناول الشاعر أحمد العسم الموضوع من زاوية مختلفة، ويرى أن المتنبي يستحق لقب الشاعر الأول «مجازاً»، ويضيف قائلاً: ولكن أعتقد أن الشاعر يجب أن يكون ملماً بكل شيء، وربما تربع المتنبي على عرش زمانه، فالله يمنح إضاءات لكل زمن، ولكن لا أعتقد أن يكون هناك شاعر أول وشاعر ثان، فيمكن أن يكتب الشاعر قصيدة واحدة تصبح أفضل ما كُتب على الإطلاق. صحيح أننا جميعاً تعلمنا من المتنبي، ولكن لا يوجد شاعر أول، فكل شاعر هو الأول؛ لأن حصر هذا اللقب في شخص شاعر واحد، هو إجحاف بحق إبداعات الآخرين، ولا ننسى أن شعر المتنبي كان موجهاً؛ لأنه كان شاعرَ بلاطٍ وكَثُرَ المديح في قصائده، كما أن الشاعر أخطاؤه في لسانه، ومثال ذلك اعتذار المتنبي عن بيت الشعر القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم.

ساحر لغوي

يتحدث الشاعر عبد الله السبب عن ديوانه (المرايا تُحَدِّثُ أخبارها) الصادر عام 2008، والذي يقولُ في افتتاحيته: كان لي إقراري الشعري الذي أقول فيه: (حين يكون «فان جوخ» أقرب المقربين إلى احتضاري، والمتنبي ألذ الناقمين، وأعذب الثائرين على مائدة هذياني؛ أكون أنا أحق البائسين تجوالاً في ملكوت قصائدي)، ويضيفُ أن سبب حضور المتنبي بقوة الشعر والمغامرة في ميدانه الإبداعي، وفي حقل القصيدة تحديداً، هو لأنه الساحر اللغوي، والحكيم الشعري، والفيلسوف البلاغي الذي عجز شعراء عصره عن مجاراته، واللحاق بركب بلاغة لغته الشعرية، ومعجمه اللغوي الزاخر بمفردات عربية وحكايات عجائبية وحياكات شعرية، تجاوزت في مثولها ذلك الزمن المنتمية إليه، إلى أزمنة مستقبلية عديدة ومتعددة، حتى زماننا الحاضر وأزمنة قادمة. لقد كان المتنبي أمير شعر، وفيلسوف قول، ولغوياً ماهراً؛ بما اشتغل عليه في شعره من اشتقاقات لغوية ذكية وساحرة، فهو بحق شاعر العربية الأول، والسيد اللغوي.

كتاب مفتوح

تعتقدُ الناقدة والشاعرة د. بهيجة إدلبي أن المتنبي عبقرية عابرة للأمكنة والأزمنة، والعبقرية سقف الدهشة، والدهشة سقف القصيدة، والقصيدة سقف القلق، والقلق مختبر لأسئلة الكائن مذ كان، والقصيدة التي تعبر إلى سقف دهشتها هي التي توسع ذاكرة الأسئلة، وتوسع ذاكرة الحيرة في مختبر القلق، فتجوز الأمكنة والأزمنة؛ مفردةً ظلال معانيها في موقف الخلود، وبهذا المعنى يقف المتنبي في موقف الشعر، عصياً على الكشف؛ كما الشعرُ عصيٌّ على التعريف، وقد كان وما يزال وسيبقى شاعر العربية الأول؛ لأنه اختبر ذاته في التجربة. تجربة اللغة وتجربة القصيدة بكل مراياها ورؤاها، وتجربة المعنى بكل معارجه، وتجربة الذات بكل قلقها؛ ما جعل محمود درويش يقول: إن المتنبي أوجز في نصف بيت ما كتبه درويش بمئة قصيدة حين قال: «على قلق كأن الريح تحتي»، ليرى أن المتنبي يعد مؤسساً لكل الحداثة الشعرية التي تلت، ونحن نسبح في فضاء المتنبي، فهو كتاب مفتوح على جدل الشعرية قديمها وحديثها، وشعره مختبر للعبقرية التي تُقلق القلق وتُدهش الدهشة؛ لغةً وفلسفةً وخطاباً؛ لأنه حسب أدونيس «كتابٌ في عظمةِ الشخص الإنسانيّة؛ يسيّرُهُ الجدلُ بين اللاّنهايةِ والمحدوديّة».

قضية إشكالية

يَعد الكاتب والناقد د. هيثم الخواجة قضيةَ الشاعر الأول قضيةً إشكالية، ويقول: إنه لا ريب في أن المتنبي شاعر كبير، وأنه أكثر الشعراء استمراريةً حتى الآن؛ لكن جملة (المتنبي ما يزال الشاعر الأول) قد لا تروق للناقد؛ لأنه لا يوجد شاعر وقد امتلك السيادة من خلال شعره كله، فالشعر يختلف بمستواه من قصيدة إلى أخرى، ويمكن القول: إن المتنبي كان الشاعر الأول في عصره وزمنه، وقد يكون في طبقته مجموعة من الشعراء أيضاً تبعاً للموضوع وللبنية الفنية، وأنا أميلُ إلى القول إن المتنبي تفوق بشعره واستطاع في قصيدته أن يتغلب على بقية الشعراء، ولكن لو تحدثنا عن العصر الحديث، فهل نستطيع أن ننكر اليوم أن محمد مهدي الجواهري شاعر كبير تفتخر به العربية؟ كما أن نزار قباني، ومحمود درويش، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومعروف الرصافي، وبدر شاكر السيّاب وغيرهم الكثير؛ أليس هؤلاء جميعاً شعراء يستحقون أن نتحدث عن إبداعاتهم كما تحدث السابقون عن المتنبي، ومن هذا المنطلق نقول: إن المقارنة في بعض الأحيان تكون ظالمة؛ لأن لكل شاعر أسلوبه وطريقته وهويته.

فتوحات فكرية

لا يُحبِّذُ الكاتب والناقد إسلام أبو شكير التفضيلَ بين المبدعين من حيث المبدأ، ولكنه يؤكد أن المتنبي يمثل تجربة شعرية عربية كبيرة ومهمة، وما يزال تأثيرها مستمراً إلى الآن بالنظر إلى الفتوحات الفكرية والفنية والجمالية التي بدأ بها؛ حيث انتقل بالشعر إلى مرحلة مختلفة كلياً؛ سواء من حيث المضامين أو التقنيات الفنية وأساليب التعبير، يضاف إلى ذلك شخصية المتنبي ذات الطبيعة الخاصة؛ حيث كان شديد الاعتداد بالذات، فضلاً عن الطموح والندِّية التي كان يحرص على ممارستها في علاقاته مع الآخرين. كل هذه الصفات اجتمعت في شخص واحد، ولكن لا نستطيع القول إنه الشاعر العربي الأول، لأن التجربة الشعرية العربية أفرزت شعراء آخرين، ونصوصاً شعرية مهمة جداً ربما تجاوزت المتنبي في بعض الحالات، وهذا الكلام ينطبق على جميع الشعراء العرب، إلا أن المتنبي أحد أعظم أعلام الشعر والأدب العربي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"