إبراهيم الهاشمي
تبادر كثير من دول العالم المتحضر بتكريم مبدعيها، وعلمائها، ومفكريها، وأدبائها، وفنانيها، وموسيقييها، إما بتحويل بيوتهم إلى متاحف تحوي مقتنياتهم وأعمالهم، وإما تسمية شوارع بأسمائهم، أو إصدار طوابع تذكارية تحمل صورهم، أو مؤسسات فكرية وأدبية تحمل أسماءهم، كنوع من التقدير الواجب تجاههم على ما قدموه من إبداع إنساني خالد تتباهى به تلك الدول كنتاج حضاري ينسب إليها كوطن لذلك المبدع، وبلا شك، فإن ذلك فعل حضاري يدل على الكثير من الوعي بقيمة الإنسان، وإبداعه، ويخلد أصحاب العطاء المميز، يعطي الدروس للأجيال بأن لكل مجتهد نصيباً.
وفي بادرة حضارية مميزة لها قيمتها الأدبية، والمعنوية، والتاريخية، والتكريمية، وتعد الأولى من نوعها في العالم التي تضم هذا العدد من المبدعين الذين يتم الاحتفاء بهم في مكان واحد، وثابت، ومستمر، فقد بادرت حكومة إمارة عجمان إلى تطوير متحف الإمارة، وتوسعته بشكل فريد ولافت، إذ تمت توسعة المتحف ليتحول إلى «فريج»، أي حي من الأحياء الإماراتية التقليدية القديمة التي فيها «سكيك»، وكل سكة تؤدي إلى سوق فيه من البضائع ما فيه، وقامت بتسمية كل سكة باسم شاعر من شعراء عجمان المعروفين، وهم كالتالي: «حمد بن خليفة بوشهاب، وراشد بن سالم الخضر، وربيع بن ياقوت، وراشد العصري، وراشد بن ثاني الشامسي، وسيف بن عبدالرحمن الشاعر، وسيف بن سليمان، ومحمد سعيد الجراح، وسالم بن حميد البحري، وسلطان الشاعر، وثاني بن رشيد، ومايد بن علي النعيمي، وحسين بن ناصر آل لوتاه»، كأن عجمان تريد أن ترسخ وتؤكد القول الدارج الذي كان يردده الأجداد والآباء: «كل بيت في عيمان فيه شاعر»، وكلنا يعرف أن عجمان اشتهرت منذ القدم بأنها إمارة الشعر، والشعراء، ولأنها كذلك فعلاً، وقولاً، فإن هذا المعلَم الحضاري الذي بنَته، وسمّت شوارعه كلها بأسماء شعرائها تقديراً لهم على عطائهم، وإبداعهم، ما هو، كما علمت، إلا المرحلة الأولى في هذا المشروع الحضاري المميز، فهناك مرحلة ثانية ستضم أسماء مبدعي الإمارة الآخرين، وهم كثر.
كل التقدير لإمارة عجمان بدءاً من القيادة، إلى الإدارة التي فكرت في المشروع، وكل فرد من الذين قاموا بتنفيذه وتحقيقه على أرض الواقع، على هذه المبادرة، واللفتة التي لها أبعادها الحضارية، والإنسانية، والمعنوية، والتي تدل كل الدلالة على الوعي بقيمة الإنسان، وعطائه، وإبداعه.
لكم نرفع العقال عالياً، وشكراً عجمان.
