«كورونا».. إعصار يُعرقل طموح الدارسين في الخارج

تداعيات الفيروس تُصيبهم وذويهم بالحيرة والقلق
02:53 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: مها عادل

منذ انتشار جائحة «كورونا» كالإعصار حول العالم، كان الطلاب الذين يدرسون خارج بلدانهم من أكثر الفئات التي تأثرت بالأزمة، حيث تعرضوا لهزة كبيرة هددت بنيان مستقبلهم الذي تكبدوا مشقة السفر والغربة من أجله، خاصة بعد توقف الدراسة النظامية في جامعاتهم، وتحولها إلى «أون لاين» لا يناسب أصحاب التخصصات العملية مثل كليات الطب والهندسة والصيدلة والعلوم.
كل هذه الأمور وضعت الطلاب وذويهم في مأزق كبير، خاصة في ما يتعلق بخطط العام الدراسي المقبل، أو حسابات العودة للدراسة في دول بعيدة مثل الولايات المتحدة وكندا، وتزداد الحيرة والقلق ويتفاقم الوضع بالنسبة للطلاب الذين اقترب موعد تخرجهم أو الذين سيبدؤون حياتهم الجامعية لأول مرة العام المقبل، خاصة أنهم لا يدركون على وجه التحديد، كيف ستبدأ دراستهم في ظل تذبذب الأوضاع والقرارات المتعلقة بالعام الدراسي، في كثير من بلدان العالم بسبب إجراءات مكافحة «كورونا».
في السطور التالية نقترب أكثر من بعض هؤلاء الشباب لنتعرف إلى تجاربهم وملامح الضغوط التي يتعرضون لها، وطرق معالجة المشاكل.
ويقول الطالب باسم حسين (23 عاماً): «سافرت منذ عدة سنوات لدراسة الطب بولاية إنديانا في الولايات المتحدة، ولم يبق لي سوى عام واحد على التخرج، وهو حلم طال انتظاري وأسرتي لتحقيقه، ولكن للأسف بسبب أزمة «كورونا» قررت جامعتي تحويل الدراسة في فصل الخريف المقبل إلى نظام التعليم عن بعد، حرصاً على سلامة الطلاب. وعلى الرغم من أنني أتفهم الدوافع الصحية لهذا القرار، فإنها لا تتناسب مع طبيعة دراستي، حيث إنني أحتاج لعدد كبير من ساعات الدراسة العملية التي يصعب تحقيقها «أون لاين»، حتى تصبح شهادتي معتمدة وأستطيع الحصول على تصريح ممارسة المهنة في أمريكا، ولذلك منحتنا الجامعة خياراً هو أن نسقط الدراسة في فصل الخريف بحيث لا يؤثر ذلك في تقديراتنا، وفي نفس الوقت يمكن أن نستكمل الدراسة العملية بعد ذلك في فصل الشتاء إذا تحسنت الأوضاع، واخترت الدراسة في الشتاء؛ لأنه مناسب أيضاً لكي يرفع عن كاهل أبي بعض الحمل المادي الثقيل الذي يدفعه لتغطية مصاريف دراستي في الخارج».
أما د. فاضل سليم (طبيب) فيشارك صاحب التجربة السابقة نفس الحيرة والقلق، ويقول: «أعتقد أن جائحة «كورونا» لم تهدد صحة وحياة البشر فقط؛ بل إنها في بعض الأحيان تعدت ذلك لتهديد طموحهم ومستقبلهم العلمي والدراسي، فقبل عامين سافر ابني لدراسة الصيدلة بولاية كاليفورنيا الأمريكية، وكنا نسابق الزمن لينهي دراسته بنجاح ويعود إلينا، حتى إنه كان يحصل على دراسة صيفية ليقلل من المواد التي يدرسها في الخريف والشتاء، ويسهل حصوله على تقديرات عالية، ولكن للأسف جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، وغيرت أزمة «كورونا» ملامح الطموح وشكل الخطط، عقب إعلان الجامعة تطبيق الدراسة عن بعد في العام المقبل، والمؤسف أنها لم تقدم أي تخفيض في المصروفات على الرغم من أن الخدمة التعليمية المطروحة أصبحت غير مناسبة لطالب في العام الثالث من الدراسة في كلية عملية، لهذا اختار ابني تأجيل دراسته لعام كامل والتحق بوظيفة مؤقتة في دبي لمساعدتي في تدبير مصاريف الجامعة، وجلْب دخل شخصي يغطي احتياجاته، خاصة أن قدرتي على تغطية مصاريفه الدراسية في الخارج أصبحت أقل من السابق بسبب تقلص الدخل الذي طرأ جراء ظروف «كورونا».


قاعات الدراسة


كريم موسى (21 عاماً) مقيم في دبي يسرد سبب قلقه وحيرته قائلاً: «أنا طالب في السنة الثالثة في كلية طب الأسنان بجامعة فالنسيا في إسبانيا. وعندما بدأت جائحة «كورونا» كانت إسبانيا من الدول الأكثر تأثراً بالوباء، وشهدت فترة عصيبة للغاية حينها، وأحمد الله على أنني تمكنت من العودة إلى أسرتي في دبي في مارس الماضي، واستكملت دراستي عن بعد، وأتممت الاختبارات النهائية بنجاح أيضاً عن بعد، وحالياً أفكر في الخطوة القادمة؛ لأن الدراسة ستبدأ من جديد في سبتمبر المقبل في إسبانيا، وتركت الجامعة لنا الخيار مفتوحاً بين الاستمرار في الدراسة عن بعد أو حضورياً في قاعات الدراسة والمعامل. وتكمن حيرتي في الاختيار؛ لأن أسرتي تقلق عليّ وتدفعني للبقاء في دبي واختيار الدراسة عن بعد لفصل الخريف القادم، خوفاً من موجة ثانية من الوباء يمكن أن تضرب الدول الأوروبية في فصل الشتاء تتسبب في إغلاق الحدود مرة ثانية، ولكنني أيضاً أفكر في الخبرة العملية التي يجب أن أحصل عليها لأن دراسة طب الأسنان عن بعد هي بالتأكيد ناقصة وستجعلني أتخلف دراسياً عن زملائي؛ لأن المواد المتاحة عن بُعد ذات طابع نظري ولا تتطلب البقاء في الجامعة، وعدد هذه المواد محدود، وحتى الآن لم أستقر على رأي، ففي الحالتين الاختيار صعب».
أما نوران خالد الطالبة في السنة النهائية بكلية الصيدلة في جامعة تورونتو بكندا، فتضيف: «جائحة «كورونا» تسببت في عرقلة إجراءات تخرجي هذا العام، فعلى الرغم من أنني أنهيت الدراسة في مايو الماضي، وأجريت الاختبارات عن بعد، واجتزتها بنجاح، فإنني لن أتسلم شهادة تخرجي؛ لأنه ينقصني عدد من ساعات الدراسة العملية التي يشترط أن أحققها قبل التخرج. وهذا الأمر قد يكلفني سنة إضافية من الانتظار وتعذر عليّ وعلى كثير من زملائي في الكلية أن أحقق الساعات العملية المطلوبة خلال العام الأخير؛ لأن الحضور للجامعة توقف منذ مارس، وتصورنا أنه سيتم إعفاؤنا من هذه المواد وخصمها من درجاتنا ولكن ما علمناه هو أنها مناهج غير قابلة للحذف، وبالتالي يجب أن أستكملها. مشكلتي أن مدة تأشيرة الدراسة الخاصة بي انتهت، وكنت أنتظر استخراج أخرى خاصة بالعمل بدلاً منها، ولكن للأسف اضطررت للسعي إلى تجديد تأشيرة الدراسة لعام آخر من داخل كندا، وهو إجراء يتطلب مني الانتظار شهرين أو أكثر».
أما مهيرة محمد (18 عاماً) التي تعتبر أن فيروس «كورونا» سرق فرحتها بدخول الجامعة فتقول: «اجتهدت كثيراً خلال سنوات دراستي في الثانوية البريطانية لأحصل على تقديرات تمكنني من الالتحاق بكلية الهندسة، وبالفعل نجحت في ذلك وسعدت جداً بقبولي في إحدى جامعات نورث كارولينا بأمريكا، وكنت أخطط مع أسرتي للبدء في إجراءات السفر سوياً، حتى بدأت أزمة «كورونا» وتم تعليق تأشيرات الدراسة لفترة وتراجعت خطط السفر، وما زاد من المشاكل هو أن الولايات المتحدة تسجل أعلى معدلات الإصابة بالمرض، وهو ما دفع أسرتي للخوف عليّ، وهكذا تجمد حلمي بارتياد الجامعة والجلوس في قاعات المحاضرات. فالالتحاق بالجامعة مرحلة مهمة لها بهجتها، وتأجل حلمي حتى إشعار آخر وأتمنى أن تنتهي هذه الأزمة العالمية لأستطيع أن أبدأ حياتي الجامعية بشكل كامل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"