الدية والمعاش التقاعدي

02:58 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

يعتقد بعضهم أن المعاش التقاعدي يعتبر تركة للشخص المتوفى، ومن ثم فإنه إذا كان قد توفي بسبب حادث تسبب فيه هو في موت آخرين، فإن دية القتل الخطأ تدفع للمتضررين من معاشه التقاعدي.
لكن هذه المسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل، وذلك لأنها تتعلق مرة بالجانب الشرعي الذي هو أحكام الميراث في التركة التي تنظمها الشريعة الإسلامية، ومرة أخرى لها علاقة بقانون التأمينات الاجتماعية.
ومن المعلوم أيضاً أن السيارات اليوم مؤمن عليها من قبل شركات التأمين، وشركات التأمين هي غير التأمينات الاجتماعية، ولها أنظمة خاصة بها لا علاقة لها بالشريعة الإسلامية، لأنها تخضع للقوانين الوضعية، وحتى لو كانت لها علاقة فإن دية القاتل المتسبب في قتل شخص آخر خطأ في حادث مروري، لا تحمل على المخطئ نفسه، بل على شركة التأمين.
ومن أجل ذلك فإنه لو توفي شخص في حادث سير بين سيارتين، وكان سائق السيارة الذي تسبب في القتل مؤمناً على سيارته، فإننا نرجع إلى شركة التأمين، فشركة التأمين هي التي تدفع دية القتيل الذي ذهب ضحية هذا الحادث الخطأ.
هذا إذا كانت السيارة مؤمّنة لدى شركة تأمين معروفة وتخضع لقانون التأمين، أما إذا لم تكن السيارة مؤمّنة، فإن سائق السيارة إذا كان حياً يتحمل دية القتيل مباشرة، لأنه السبب وهو المتحمل للمسؤولية مباشرة، ولا يوجد طرف ثالث في مثل هذه الحالة.
وإذا توفي سائق السيارة هو الآخر في الحادث وكان هو سبباً في قتل الطرف الآخر خطأ، وكانت السيارة مؤمنة لدى شركة التأمين، فإن المرجع هو شركة التأمين، بمعنى أن القضاء حين يصدر حكمه بدفع الدية الشرعية إلى ورثة القتيل، تدفع شركة التأمين تلك الدية، ولا يجوز شرعاً أن تحمل على تركة القاتل ولا على معاشه التقاعدي، لأن الدية لا علاقة لها بالتركة ولا بالمعاش التقاعدي الذي يتقرر للورثة بعد موت الموظف.
والمعلوم أن المعاش التقاعدي لا يعد من التركة، فهو يتقرر وفق قانون التأمينات الاجتماعية، حيث يصرف عادة ذلك المعاش وفق أنصبة معينة ولمستحقين معينين مثل: الزوج أو الأرامل، والأولاد، والوالدين، والإخوة والأخوات وأولاد الابن، وقد يكون من بينهم من لا علاقة له بالإرث مطلقاً.
خلاصة القول أن الرابط الذي ينظم العلاقة بين السائق المتوفى وبين جهة العمل هو قانون التأمينات الاجتماعية الذي لا يشترط فيه أن يكون المستحقون لأنصبتهم من المعاش التقاعدي من الورثة، كالأرملة غير المسلمة فلها نصيب من المعاش التقاعدي طالما هي لم تتزوج، في حين أنها في الإرث الشرعي لا توارث بينها وبين الزوج المسلم نظراً لاختلاف الدين.
وبناء على ما ذكر فإن الورثة غير ملزمين بدفع دية القتل الخطأ الذي ارتكبه والدهم الذي لم يترك تركة وإنما ترك معاشه التقاعدي، لأن المعاش التقاعدي لا يدخل ضمن التركة. (انظر مجموعة الفتاوى الصادرة عن قطاع الإفتاء في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"