«الجفير».. إناء يحمل روح التراث

نقوش الماضي
02:12 صباحا
قراءة دقيقتين

الشارقة: «الخليج»

يعبر«الجفير» أو«المزماة» عن إبداع نساء الإمارات منذ القدم، حيث نجحن في تعويض قلة المواد الخام اللازمة لصناعة الأواني، واستخدمن سعف النخيل في صناعتها، ليكون الإناء متعدد الأغراض، يستخدمه أهل البحر لحمل الأسماك، ويستخدمه أهل البر في حمل التمر والرطب والغلال، ويضع فيه الناس المشتريات أو نقل الأغراض من مكان لآخر.
«الجفير» سلة مصنوعة من سعف النخيل، تعتبر من منتجات التراث الإماراتي، ويقتنيها عشاق التراث وزوار الإمارات، حيث يجدون في بساطة تصميمها وثراء ألوانها وجودة صنعتها وتعدد استخداماتها ما يجعلها جديرة بالاقتناء.
يصنع الجفير من «سفة» مجدولة من خوص النخيل، عرضها نحو بوصتين تقريباً، ولأن النساء عادة ما يقمن بنسج «الجفير»، فهو يعتبر من الصناعات النسائية التي تتوارثها الأجيال. ويحتاج السعف إلى عناية خاصة لينتج «جفيراً» من النوع الممتاز، حيث يجب أن يُنظف الخوص جيداً، ويشرح في شرائح طولية، ويقسم إلى مجموعات تُصبغ كل مجموعة بلون مختلف، ثم ينقع بعد ذلك في الماء حتى يلين وتسهل عملية حياكته. وبعد أن يلين الخوص ويصبح قابلاً للنسج تجدل النسوة من هذا الخوص أو السعف اللين الملون الجدائل التي تشبك معاً ثم تشذب بقص الزوائد لتصبح «سفة» جاهزة لصناعة الجفير.
وتبدأ الصناعة بالقاعدة المسماة «البدوة» نظراً لبداية الخياطة منها، وتتفنن النسوة في زخرفة الجفير، وتزيينه، فيحكن السفة من الخوص المصبوغ بالألوان، ليظهر بأشكال زخرفية مجدولة. وتستمر خياطة السفة بشكل دائري حلزوني. وباستخدام خوص النخيل الأخضر، حتى يصل ارتفاع الجفير إلى قرابة الذراع، وبعدها تتم عملية التعصيم، أي تركيب معصمين له حتى يسهل حمله، وإن زاد الارتفاع على الذراع سمي الجفير «مزماة»، وتختلف المزماة عن الجفير بفارق طفيف، إذ يكون حجمها أكبر، وتستخدم كأداة للغواصين والصيادين يضعون فيها الأسماك، كما يعلقها الغواصون في رقابهم حين ينزلون إلى قاع البحر ليجمعوا فيها اللؤلؤ. ولأنها لا تتأثر بالماء تصبح مثالية لهذه المهام الشاقة التي تثبت فيها جودة صناعتها وقدرتها على التحمل. وكلما كان «الجفير» أو «المزماة» محاكاً بعناية ومشدوداً بعضه إلى بعض، كان أكثر جودة، وأصبح قادراً على حمل الأوزان الثقيلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"