نهاية علاقات آثمة

02:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
العين منى البدوي:

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
شهدت محكمة العين وقائع قضية، المتهم فيها فتاتان قاصرتان وشباب أحدهم من فئة القصر، وآخرون في العقد الثاني من العمر ليواجه بعضهم تهمة الزنا، وقاصر تهمة تعاطي مؤثرات عقلية، والبقية تهمة تحصين المعصية، وجاء في صحيفة المحكمة أن الفتاة القاصرة الأولى (ط.ر) تعرفت إلى المتهم (م.س) عبر وسائل التواصل ، ونشأت بينهما علاقة، كما تعرف المتهم (خ.م) إلى القاصرة الثانية (ن.ك) بالطريقة نفسها ونشأت بينهما علاقة، وطلبت (ن.ك) من المتهم الحضور إلى منزلها الكائن في إحدى إمارات الدولة بعد أن أرسلت له موقعها، وتوجهت معه إلى أحد الفنادق، حيث مكثا معاً قرابة أسبوعين بعد أن هربت من سلطة ولي أمرها، وتمكن المتهم من معاشرتها معاشرة الأزواج بلا رابطة شرعية بينهما. أما المتهم (م.س) فحضر إلى مقر سكن القاصر الأولى (ط.ر) طالباً منها الخروج معه في مركبته التي رافقه فيها المتهم القاصر (خ.خ)، والمتهم (م.ح)، وانطلقا إلى الغرفة الفندقية ذاتها التي أقام فيها المتهم (خ.م) والقاصرة الثانية (ن.ك) وتمكن المتهم خلال ذلك من معاشرتها طواعية من دون وجود رابطة شرعية بينهما، والتقى بهم المتهم الحدث (خ.خ) والمتهم ( م.ح) ومكثا معهما في الشقة ذاتها، ورافقاهما في ذهابهما وإيابهما محسِّنين بذلك المعصية، وحضوا على ارتكابها بأن اجتمعوا معاً بلا رابطة شرعية بينهم.
وبعد منتصف مايو/ أيار 2020 قام المتهم الأول بحجز غرفة في أحد فنادق العين، وانتقلوا جميعهم إلى تلك الغرفة، وبعد بلاغ ولي أمر القاصرة الأولى (ط.ر) عن تغيبها، وبعد البحث والتحري وردت معلومة تفيد بوجودها في الفندق برفقة المتهمين ليتم بعدها ضبطهم، وبتحليل عينة البول للمتهم القاصر (خ.خ) تبين تعاطيه مؤثراً عقلياً، وعند تدوين بيانات المتهم (خ.م) في التحقيق الإداري بمحضر جمع الاستدلالات، أعطى بيانات شخصية غير صحيحة، وخلال الجلسة حضر المتهمون الأحداث من مكان إيداعهم، والبالغون من مكان محبسهم عن طريق الاتصال المرئي، واعترفوا بما أسند إليهم .
وأشارت عدالة المحكمة في صحيفتها إلى أنه من المقرر شرعاً أن الشارع الحكيم اشترط لثبوت جريمة الزنا أدلة خاصة هي الإقرار الصريح بلا حجر، أو إكراه، أو أربعة شهود ذكور يشهدون على واقعة الزنا كالمرود في المكحلة، أو الحمل البيّن، وإذا لم يتوفر أي من الأدلة سقط حد الزنا، واعترف المتهم (م.س) في مراحل الدعوى كافة بواقعة اتصاله مع المتهمة القاصرة (ط.ر) التي هي أيضاً اعترفت في مراحل الدعوى كافة بممارستها الفاحشة مع المتهم (م.س)، ومكنته من نفسها فعاشرها معاشرة الأزواج وأصرت على ذلك، وحيث إنه من المقرر أن جرائم الحدود والقصاص والديّة تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية حداً، أو تعزيراً، عملاً بحكم المادة (1) من قانون العقوبات الاتحادي والمادتين (1) و(2) من القانون رقم 3 سنة 1996 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية بنظر بعض الجرائم، تطبق أحكام الشريعة الإسلامية على على جرائم الحدود ومن ضمنها جريمة الزنا.
وحكمت المحكمة حضورياً، أولاً بمعاقبة المتهمين (م.س) و (خ.م) بالجلد 100 جلدة، والحبس لمدة سنة عن جريمتي الزنا وتحسين المعصية للارتباط، وتغريم الأول 10 الآف درهم عن إعطاء بيانات غير صحيحة في التحقيق، وإلزام المتهمين المذكورين برسوم الدعوى الجزائية، وثانياً قضت المحكمة بمعاقبة الفتاتين بالجلد 100 جلدة عن جرائم الزنا وتحسين المعصية والتشرد للارتباط كوحدة واحدة عن الجريمة الأشد من الجرائم التي ارتكبتاها، وعمدت المحكمة إلى توبيخ المتهم القاصر وتسليمه إلى ولي أمره للقيام بتربيته، ومعاقبة المتهم الأخير بالحبس ثلاثة أشهر عن ارتكابه جريمة تحسين المعصية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"