هل تسقط الجمعة في زمن الوباء؟

03:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

صلاة الجمعة من الصلوات النهارية والجهرية، وهي فرض عين على كل رجل مسلم بالغ عاقل خالٍ من الأعذار، مقيم غير مسافر. ومعنى فرض عين أنها واجبة على كل فرد بعينه لا بد أن يؤديها بنفسه، وإذا قام بها شخص آخر لم تسقط عنه، وظلت ديناً في رقبته.
فالجمعة بهذا المفهوم لا تجب على غير المسلم ولا غير المكلف، لأنهما غير معنيين بها، ولا على المريض أو المسافر، لأنهما من أصحاب الأعذار، فتسقط عنهما مع وجود العذر.
ثم إن الفقهاء ذكروا في كتبهم شروطاً لصحة الجمعة، وهي عند جمهور الفقهاء أنها لا تصح قبل الزوال، ودليلهم عمل الرسول صلى الله عليه وسلم، وعمل الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم من بعده.
وذهب فقهاء الحنابلة إلى جوازها قبل الزوال، واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه لما سئل: متى كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة؟ قال: كان يصلي ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها.
ويرى جمهور الفقهاء أن الجمعة تقام في الأمصار (المدن) والقرى شريطة أن يكون أهل القرية مستوطنين كما يقول المالكية. إلا أن أبا حنيفة يشترط أن يكون البلد الذي تقام فيه الجمعة مصراً جامعاً، وأما أهل القرية فلا جمعة عليهم.
واتفق الجميع على أن صلاة الجمعة لا تقام إلا في جماعة، وتقام في المسجد غير البيت، واختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة، فذهب فقهاء الأحناف، رحمهم الله، إلى أن العدد المطلوب لصلاة الجمعة ثلاثة أنفار غير الإمام.
واشترط علماء المالكية أن يكون العدد اثني عشر رجلاً غير الإمام، وأن يكونوا من أهل البلد غير مسافرين عابرين ولا ضيوفاً.
واشترط الشوافع والحنابلة، رحمهم الله، أن يكون العدد أربعين شخصاً غير الإمام، لأن أول جمعة صلاها الرسول صلى الله عليه وسلم، كان عدد الحاضرين فيها أربعين شخصاً.
وورد في الحديث أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، فالمسلمون مأمورون باتباع النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا لم يكتمل العدد صلوها ظهراً، وهذا العدد يشترط أن يحضروا من بداية صعود الخطيب على المنبر حتى نهاية الصلاة، لأن الخطبتين بمنزلة ركعتين.
ثم إن الجمهور لم يجيزوا تعدد الجمع في البلد الواحد إلا للحاجة، وإذا تعددت الجمعة من غير حاجة كما هي الحال في زماننا والله أعلم، فالصحيحة عندهم التي تسبق الأخرى في تكبيرة الإحرام عند الإحرام عند الشافعية، والمالكية قالوا: تصح التي أقيمت في المسجد الأقدم في البلد.
وعند فقهاء الحنابلة تصح الجمعة التي تقام في مسجد أذن ولي الأمر (الحاكم) بإقامة صلاة الجمعة فيه.
وعند الحنفية تصح الجمعة في أي مسجد بشرط أن يكون المسجد فتح بإذن الحاكم، ويكون الحاكم أو وزارة الشؤون الإسلامية هي التي عينت الإمام.
تبين من هذا العرض أن صلاة الجمعة فرض عين، وتصلى في جماعة وفي المسجد، ولا يجوز التخلف عنها إلا لعذر، ومن تخلف لعذر قاهر صلاها ظهراً، ولا تقام الجمعة في البيوت، لأن من شروط إقامتها أن تكون في الجامع.
والمرض، سواء كان خاصاً بفرد أو بجماعة، عذر قاهر، والوباء الذي يعم البلاد مثل كورونا عذر قاهر، وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً». (رواه البخاري)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"