«الآنسة فرح».. اقتباس بلا منطق

03:56 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

كسر القوالب التقليدية والمكررة في اختيار القصص الدرامية مطلوب، واقتباس الأعمال الأجنبية وتعريبها مرغوب، شرط استيفاء شروط الاقتباس من حيث الاعتراف بأن ما نشاهده على الشاشة مأخوذ عن فكرة غربية، وشرط أن تكون الفكرة ملائمة للمجتمع وعاداته، كي يشعر المشاهد بنوع من التآلف مع الشخصيات وكأنها من بيئته، أو تواجه ظروفاً تشبه ظروفه.
مسلسل «الآنسة فرح» الذي سبق ل«أم بي سي» أن عرضته على إحدى قنواتها ومتوفر على منصتها «شاهد»، هو من تلك الأعمال المقتبسة التي استوفت الشرط الأول، لكنها كسرت كل القالب الدرامي في الشرط الثاني من حيث مضمون القصة، لتأتي بفكر غربي لا يمكن تطابقه مع فكرنا الشرقي مهما تقلبت بنا الأحوال وتطور الزمن، وازداد لسان الأجيال الجديدة غربة عن «العربية».
المسلسل الذي يتم تصوير الجزء الثاني منه، باعتبار أن العمل سيعرض في أربعة أجزاء، وكل جزء من 22 حلقة، نجح جماهيرياً بلا شك؛ لأنه من نوعية الدراما الخفيفة التي تشبه الفاكهة اللذيذة على المائدة، تتذوقها بنكهات الكوميديا والرومانسية، مع ديكور وألوان هادئة ومحصورة ضمن مجموعة محددة من الأشخاص لتشعر بأنك دخلت في حياة أسرة واحدة تشاركها يومياتها وصرت جزءاً منها.
هو مأخوذ عن المسلسل الأمريكي «جاين العذراء» الذي فصّله الكاتب كيفن كينر على مقاس المجتمع الأمريكي، ونجح في تقديم عمل ظريف عرض عام 2014 وحاز عدة جوائز «جولدن جلوب»؛ لذلك كان من المستحيل تحويله إلى مسلسل عربي دون الإبقاء على جوهره وقصته الأصلية، التي تحكي عن فتاة تحافظ على نفسها وتضع شروطاً على خطيبها بعدم لمسها إلى أن يتم زواجهما، لكن تقوم طبيبة بتلقيحها عن طريق الخطأ فتجد نفسها حاملاً من شاب ثري ووسيم تعمل في فندقه، وكانت معجبة به قبل سنوات.
الفكرة مقبولة حتى هذه النقطة، لكن ما لا يمكن أن يتطابق مع الفكر العربي، هو رفض الفتاة «فرح» الزواج فعلياً من هذا الشاب والعيش معه على الرغم من كل تلك الظروف وعلى الرغم من إعجابها به؛ إذ من الطبيعي أن تفرح لزواجهما؛ بل تهلل، خصوصاً أن ظروفها استثنائية. كما من غير المنطقي بالنسبة لمجتمعاتنا أن تدفعها والدتها لرفض هذا الزواج وتأجيله إلى ما بعد الولادة! ولعله خارج حدود العقل العربي بقبول خطيبها الأول الزواج منها ومشاركتها في تربية هذا الطفل.
كان بإمكان محمود عزت وعمرو مدحت، كاتبي «الآنسة فرح»، إجراء تعديلات تحاكي مجتمعنا ولا تخل بمسار الأحداث المراد منها المط والتطويل والتجاذب والتنافر بين الثلاثي فرح وخطيبها ووالد طفلها، علماً بأن المخرج أحمد الجندي اختار الشخصيات لتتطابق فعلياً مع أبطال المسلسل الأمريكي، أسماء أبو اليزيد، وأحمد مجدي، ومحمد الكيلاني، ورانيا يوسف، وعارفة عبد الرسول، ومريم الخشت، وتامر فرج وغيرهم.
لا منطق في معظم أحداث المسلسل ولا عمق، وإنما هي تسلية مع أداء جيد لكل أبطاله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"