القصر الفيروزي

03:02 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

كيف حالها؟ هل تغيّر شكلها؟ ما شكل قلعتها التي نحلم لو نستطيع الوقوف على بابها يوماً، أو نرمي لها من فوق سياجها وردة؟ كأن الزمن توقف عند تلك الزيارة التي كانت حلم كل الناس، ولم يفز بها إلا واحد. الكل انتظر إطلالتها، الكل انشغل ب «جارة القمر» أكثر من انشغاله بالرئيس، والوسام الفرنسي الأعلى.
فيروز تبتسم، جميلة كعادتها، متواضعة، خجولة، بيتها يشبهها، لا قصر لديها، ولا بهرجة، وما حاجتها للقصور وقد ملكت قلوب كل الناس منذ سنين بعيدة، وصار في حسابها ملايين وملايين من المعجبين المحبين العشاق لصوتها، وإطلالتها وشموخها من مختلف أنحاء العالم.
زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للسيدة فيروز فتحت أمامنا باب «القصر الفيروزي»، رأيناها أخيراً في بيتها، عاشت ملكة، ولم تجن الثروات ككثير من مرتدي زي النجومية الفضفاض في هذا الزمن، الذين يتباهون بأموالهم، وسياراتهم، وقصورهم. فستانها بتوقيع المصمم اللبناني العالمي، إيلي صعب، بسيط أيضاً، أسود مزين بالنجوم الذهبية، لسفيرتنا الذهبية التي تحلق بِنَا دائماً إلى النجوم.
هل رأيتم فيروز؟ هل تعلمتم من كبريائها شيئاً؟ هل تعلمتم من تواضعها درساً؟ هل نظرتم إلى خجل وجنتيها، وابتسامتها، وعينيها، وتعلمتم شيئاً؟ هل تأملتم قدسية خصوصياتها، واحترامها لحياتها وتعلمتم درساً؟ هي الأيقونة التي لا تحتاج إلى أوسمة ونياشين، ولا تحتاج إلى أي دليل لتعرف قدرها في قلوبنا. الرئيس ماكرون عبّر لها عن مدى إعجابه بها، هو لا يفهم العربية، ولا يتحدث بها، لكن فيروز اخترقت هذا الحاجز ووصلت إلى قلبه، ومشاعره، ورافقته في مختلف مراحله. ومثل ماكرون الكثير من غير العرب عشقوا هذه السيدة، وتعلقوا بأغنياتها، ولو لم يفهموا، أو يحفظوا كلماتها.
إنه السر الذي لا يملكه سوى «الكبار»، هؤلاء الذين يصلون إلى العالمية بلا صخب، وضجيج، يغنون، ويقدمون مواهبهم على أهم المسارح، وتصفق لهم آلاف الأيادي، وينتصرون على اللغات، والهوية، والجنسية. يصبحون عالميين رغماً عن الجميع، ولا يشغلهم سوى نجاحهم في إيصال صوتهم، ونيل إعجاب الناس.
فيروز التي اعتلت أشهر المنصات والمسارح حول العالم، تكتفي بحياة هادئة مستكينة في بيت متواضع بسيط، الكل يسعى إليها، ولا تسعى إلى أحد. كم جميلة هي، وكم عظيمة في كبريائها، وتواضعها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"