تقلب المزاج ينغص حياتك

01:51 صباحا
قراءة 6 دقائق

تراوح الحالة المزاجية للشخص الطبيعي بين السعادة والحزن والراحة والقلق، وهذه طبيعة الحياة، فلا ثبات لأحوالنا على طول الوقت.
يعاني البعض تقلب المزاج بشكل يؤثر في النشاط اليومي، ونمط الحياة؛ وهو الأمر الذي يرجع للعديد من الأسباب. ويعرّف الأطباء والباحثون المزاج بأنه الحالة النفسية التي يعيشها الفرد في وقت معين، من سعادة أو حزن أو قلق أو غضب أو غير ذلك.
يصف هذا المصطلح تغير المشاعر بشكل سريع من السعادة إلى الحزن إلى الغضب على سبيل المثال، وربما يتعرف الشخص إلى سبب هذا التقلب، وفي كثير من الأحيان لا يدرك له أي سبب، ومن الممكن أن يحدث تغير المزاج في اليوم عدة مرات.
نتناول في هذا الموضوع مشكلة تقلب المزاج بكل تفاصيلها، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة، وكذلك الأعراض التي تميزها، وطرق الوقاية منها، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.


مؤثرة ومتداخلة


تؤثر الحالة المزاجية في قدرة الشخص على الإنتاج، كما تتداخل مع حياته الاجتماعية وعلاقاته، ومن الممكن أن يتعامل مع المشاعر السلبية من وقت لآخر، إلا أن الإصابة ببعض الاضطربات النفسية؛ يجعل الفرد يضخم هذه المشاعر.
تشمل أسباب تقلب المزاج بعض الأمراض الجسدية المزمنة، وكذلك الإصابة بالأمراض النفسية والعقلية، وفي بعض الحالات نتيجة لحدوث تغيرات هرمونية.
يعتمد علاج هذه الحالة على معرفة السبب في البداية، وإضافة إلى الأدوية التي يصفها الطبيب، فإن هناك الكثير من الطرق وبعض الأغذية يمكن أن تساعد على تحسين حالة المزاج.


مشكلة صحية


تعد تقلبات المزاج في معظم الحالات من أعراض مشكلة صحية أكثر خطورة، وربما تحدث نتيجة أمراض عضوية مزمنة أو نتيجة لأمراض نفسية وعقلية، أو تغير الهرمونات.
تشمل الأمراض المزمنة التي تؤدي لتقلب المزاج الإصابة بمرض السكري، والشلل الرعاش، والتصلب اللويحي المتعدد.
تؤدي كذلك أمراض الرئتين والقلب والأوعية الدموية، واضطرابات الغدة الدرقية إلى تقلب المزاج، كما أن الأمراض التي تؤثر في الجهاز العصبي لها دور هي الأخرى.
يتأثر مزاج المرضى النفسيين، وبخاصة الذين يعانون الاضطراب ثنائي القطب؛ حيث يتغير مزاجهم في السنة عدة مرات من السعادة البالغة إلى الحزن الشديد.
تعد تقلبات المزاج من ضمن أعراض الاكتئاب الرئيسية، كما أن بعض اضطرابات الشخصية من الممكن أن تواجه تغيرات المزاج في فترة زمنية قصيرة، وربما واجه المصابون بالانفصام على سبيل المثال هذه الحالة.


سوء التغذية


يعاني البعض تقلب المزاج؛ بسبب عدم كفاية كمية الغذاء التي يتناولها الشخص، وهو ما يترتب عليه تغيرات في مستويات السكر في الدم وسوء تغذية.
هنالك عدد من الاضطرابات الهضمية التي تؤثر في قدرة الجسم على امتصاص المواد الغذائية وتؤدي إلى تغير المزاج؛ كحساسية القمح وداء الأمعاء الالتهابية.
يمكن أن تتسبب مشاكل النوم في هذه المشكلة؛ وذلك لأن الحرمان من النوم - وبخاصة لو كان مزمناً - يؤثر في مزاج الشخص.
يتأثر المزاج بالتغييرات الهرمونية، والتي تكون في بعض الأحيان طبيعية، كما يحدث للمرأة؛ بسبب الدورة الشهرية، أو نتيجة بعض الأمراض النفسية كالإصابة بالاضطراب الثنائي القطب.
يلاحظ أن المراهقين والحوامل والنساء اللائي ينقطع الطمث لديهن من أكثر الفئات تقلباً للمزاج؛ بسبب التغيرات الهرمونية.
يعاني المصابون بالحساسية الموسمية تقلب المزاج؛ وذلك بسبب أعراضها التي ربما شملت العطس وتدميع العينين والإرهاق والحكة.


اعرف السبب


يحتاج من يعاني تقلب المزاج إلى مراجعة الطبيب؛ عندما يعاني تداخلاً بين شعوره بالانفعالات وعلاقاته أو أنشطته الاجتماعية، وكذلك العمل أو ممارسات حياتية.
ينبغي كذلك الحصول على استشارة في الحالات التي تعاني فيها الإفراط في تناول المواد الكحولية أو المخدرات، ولمن يعانون الأفكار الانتحارية، أو أقدموا على محاولة الانتحار.
يمكن أن يكتفي البعض بالحديث إلى أحد الأشخاص الموثوق بهم كصديق مقرب أو أحد الأشقاء أو الأقارب، وربما أحد رجال الدين.
يبدأ علاج تقلب المزاج من خلال معرفة السبب؛ لأنه لو كان أحد أعراض مشكلة طبية ما، فإن العلاج سوف يتركز على هذه المشكلة.
يمكن مثلاً لمن يعاني أحد الأمراض النفسية كالاكتئاب أن يحتاج إلى مساعدة أحد الأطباء النفسيين، ولو كان السبب مشكلة غذائية أو هضمية فإن التعامل معها كفيل بتحسين المزاج.


التزم التعليمات


يجب الالتزام بتعليمات الطبيب المعالج، ومن ذلك لو وصف أحد الأدوية، أو طلب من المصاب عدم ممارسة أحد الأنشطة، أو عدم تناول طعام بعينه.
يساعد القيام ببعض الأنشطة في تحسين المزاج، فعند ممارسة الهواية المحببة كالقراءة، فإنها تجعل الشخص يشعر بالهدوء والاسترخاء، كما أن الرياضة تلعب دوراً مهمهاً في هذه الحالة.
يكتفي البعض في هذه الحالة بالتواصل مع أحد الأشخاص الموثوق بهم، كصديق أو قريب، ومن الممكن أن يلجأ إلى السفر، أو الخروج في نزهة من باب تغيير البيئة الضاغطة؛ وذلك بالنسبة لمن يعانون مشاكل في العمل أو علاقات متوترة.
يمكن أن يساعد اقتناء أحد الحيوانات الأليفة في تحسين المزاج، ويلجأ البعض إلى الانعزال والابتعاد عن الآخرين.
يهدف من وراء ذلك إلى تجنب أي مؤثرات خارجية، ربما أدت إلى زيادة الضغوط، كما أن الانعزال يعطي فرصة لمنظور جديد لتحسين التعامل مع أي مشكلة ضاغطة.


الأسماك الدهنية


يمكن أن تلعب بعض الأطعمة دوراً في تحسين المزاج، ويأتي على رأس تلك الأطعمة الأسماك الدهنية، والتي تحتوي على الأوميجا3.
تعد هذه الدهون من المجموعة الأساسية التي يجب أن يحتوي النظام الغذائي لأي شخص عليها؛ لأن الجسم لا يمكنه إنتاجها بمفرده.
تشمل هذه الأسماك السلمون والتونة، ويوفر تناولها عدة مرات أسبوعياً ما يحتاج إليه الجسم من دهون في نظامه الغذائي.
تمتاز الشوكولاته الداكنة بأن بها العديد من المركبات التي تعزز من الحالة المزاجية، ومن ذلك السكر، وهو مصدر وقود سريع للعقل.


فيتامين ب 6


يمكن للشوكولاته أن تفرز سلسلة مركبات تجعل الإنسان يشعر بالرضا، كالكافيين، كما أنها تحتوي على جزيئات الفلافونويد، والتي لها فائدة كبيرة على الصحة، فهي تعزز من تدفق الدم للدماغ، وتقلل من الالتهابات.
تحبذ الشوكولاته الداكنة على المخلوطة بالحليب؛ لأن الثانية بها مكونات مضافة كالسكر والدهون، في حين أن الأولى تتركز فيها نسبة أكبر من الفلافونويد، وليس بها كمية كبيرة مضافة من السكر.
تتمكن ثمار الموز من تحسين المزاج بشكل كبير؛ وذلك لأنه يحتوي على نسبة عالية من فيتامين «ب6»، ويساعد هذا الفيتامين على توليف الناقلات المحسنة للمزاج من قبل الدوبامين والسيروتونين.
يحتوي كذلك على قدر من السكر والألياف، واقتران السكريات بالألياف؛ يؤدي إلى إطلاقها ببطء في الدم، الأمر الذي يسمح بتعديل مستويات السكر، والتحكم في الحالة المزاجية بشكل أفضل.


التوت والمكسرات


يمكن للأغذية الغنية بمضادات الأكسدة أن تساعد في إدارة الالتهابات التي ترتبط بالاكتئاب واضطرابات المزاج، ومن هذه الأغذية التوت.
يحتوي التوت على عدد كبير من مضادات الأكسدة والمرطبات الفينولية، والأنثوسيانين، وهي صبغة تمنحه اللون الأزرق البنفسجي.
تساعد المكسرات والبذور الغنية بالبروتينات النباتية والدهون الصحية والألياف على تعديل المزاج، كما أنها تحتوي على أحد الأحماض الأمينية، وهو مسؤول عن إنتاج السيروتونين.
تشمل مصادر حمض التربيتوفان، الحمض الأميني، اللوز والجوز والفول السوداني والكاجو وبذور اليقطين والسمسم.
تلعب القهوة دوراً في تحسين المزاج، حيث إن الكافيين الموجود بها يمنع أحد المركبات التي تعرف بالأدينوزين، وهو مركب طبيعي، من أن يلتصق بمستقبلات الدماغ التي تدعم الشعور بالتعب، ويزيد كذلك من إطلاق الناقلات العصبية التي تعدل الحالة المزاجية، كالدوبامين.


فوائد صحية


تشير الأبحاث إلى أن تحسين المزاج له العديد من الفوائد الصحية، والتي ذكرها أحد التقارير الطبية؛ حيث إن الشعور بالسعادة والإيجابية يتجاوز تأثيره الحالة النفسية إلى الصحة الجسدية.
تشمل هذه الفوائد تعزيز أسلوب الحياة الصحي؛ وذلك بالتشجيع على الاستمرارية في العادات وأنماط الحياة الصحية، وهو ما ينعكس بصورة إيجابية على الصحة الجسدية، ومن أمثلة الأنماط والعادات الصحية، ممارسة الرياضة وتناول الخضراوات والفاكهة.
يعد المزاج الجيد أحد العوامل التي تؤثر في المناعة، فيساعد على تقليل خطر الإصابة بالكثير من الأمراض، كما أنه يقلل من التوتر والإجهاد، الأمر الذي يقلل من مستوى الكورتيزول. يعد الكورتيزول الهرمون المسؤول عن الإصابة بالكثير من الأمراض، كالسكري وارتفاع ضغط الدم والعديد من اضطرابات النوم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"