«البقاء في المنزل».. استثمار بمشروعات وخدمات «أون لاين»

مواجهة تداعيات «كورونا» بأعمال مفيدة ومنتجة
02:52 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: مها عادل

منذ انتشار جائحة «كورونا» في العالم، تغيرت ملامح الحياة والعادات والطقوس اليومية للبشر، باختلاف أعمارهم وجنسياتهم. ووجد الكثير منهم صعوبة في التأقلم مع هذه الظروف الاستثنائية الطارئة؛ لكن هناك فئة من البشر تستطيع أن تتأقلم مع الظروف والتقلبات بمقدرة وسرعة تفوق غيرها، وعادة ما تتميز بامتلاك طاقات إيجابية، ونظرة تفاؤلية؛ تلهم غيرها، ولديها آليات لتحويل المحنة إلى منحة تضيف الكثير. وعلى الرغم من قسوة الظروف التي فرضتها الجائحة فإن هناك نماذج وعائلات رفعت شعار: «استفدت من فترة كورونا»، والكثير من هؤلاء نجح في استثمار فترة الإغلاق بالشكل الأمثل، واستثمر مكوثه في البيت لوقت طويل، ليحول ذلك إلى فترة مفيدة ومنتجة في حياته وحياة من حوله. وخلال السطور التالية نتعرف إلى بعض التجارب في هذا الصدد.
تحدثنا الطاهية عبير مهدي عن تجربتها، وكيفية استثمارها للوقت خلال أزمة «كورونا»، وتقول: «عقب انتشار الجائحة، وإغلاق الكثير من المطاعم لمدة طويلة بدأت ألاحظ شكاوى العديد من الأمهات والعائلات على مواقع التواصل ومجموعات المحادثة الخاصة بالطعام من معاناة الأمهات من إلحاح الأبناء لطلب الوجبات الجاهزة، وأصبحت الأمهات تبحث عن وصفات هذه الأطعمة حتى لا تغامر بشرائها من المطاعم والمحال؛ خشية العدوى، ومن هنا نصحتنني إحدى الصديقات بتنفيذ مشروع يقوم على إعداد أطعمة تشبه الوجبات الجاهزة، وبطريقة آمنة وصحية كبديل للديليفري من المطاعم، وبالفعل بدأت المشروع في نطاق ضيق بين الأصدقاء والمعارف والجيران، وبدأت بنشر طرق طهي بعض المأكولات عبر هذه المجموعات مع صور الأطباق التي أقوم بإعدادها ثم تطور المشروع ليصبح قناة طهي متخصصة أقدمها من مطبخ بيتي، وأعد من خلالها وجبات من مطابخ عالمية، وأخرى صحية؛ لإنقاص الوزن وبعضها لتجهيز مأكولات شهية وصحية للأطفال وعصائر مغذية؛ لتقوية المناعة وتحسين الصحة ورفع القدرة على مقاومة الفيروسات والميكروبات، وخلال شهور قليلة أصبح لدي الآلاف من المشاركات والمتابعين لقناتي، وتغيرت حياتي تماماً بعد نجاح مشروعي».
أما أيمن الشيخ، موظف بدبي، فيشاركنا تجربته وحجم استفادته واستثماره لظروف الجائحة، ويقول: «تحقق حلمي المؤجل منذ سنوات، خاصة في فترة الإغلاق والمكوث بالمنزل لشهور طويلة، فبعد تحول الدراسة في معظم جامعات العالم لنظام التعليم عن بُعد، لاحظت من خلال متابعتي لأخبار هذه الجامعات أن هناك مناهج دراسية لم تكن متاحة من قبل عبر نظام التعليم عن بُعد أصبحت متاحة الآن؛ بسبب ظروف كورونا وبتكاليف وتسهيلات أفضل من السابق، وهكذا وجدت أنني أستطيع أن أحقق حلمي الذي رافقني منذ تخرجي، وهو استكمال الدراسات العليا والحصول على شهادة الماجستير في واحدة من هذه الجامعات؛ لكنني لم أكن أستطيع أن أحقق ذلك لظروف العمل، وللتكاليف الباهظة التي كانت تتطلبها، ولكن أصبحت أعمل من المنزل، ووجدت الجامعات قد خفضت من أسعارها، وأبدت مرونة في شروط القبول والدراسة عن بُعد وسجلت في برنامج ماجستير بإحدى الجامعات الأوروبية، وأنهيت بعض الكورسات في فصل الصيف الدراسي، وقمت بالدراسة والاختبارات (أون لاين). وسوف أستكمل الدراسة بإذن الله للعامين القادمين؛ لأحصل على ماجستير في العلوم الإدارية وإدارة الأعمال».
يقول المهندس وليد إبراهيم: «تعودت أن أبحث دائماً عن الحلول البديلة، وقد دفعتني الأزمة والبقاء في المنزل لفترات طويلة لأن أساعد زوجتي في كثير من الأعمال المنزلية وشيئاً فشيئاً قمت بتصليح بعض قطع الأثاث وأغراض البيت؛ حيث إنني أهوى أعمال النجارة كثيراً؛ لكني توقفت عن ممارستها؛ بسبب الانشغال وضيق الوقت، ومن هنا بدأت الفكرة؛ حيث قمت بتجديد بعض قطع الأثاث، وتصنيع بعض الطاولات الجانبية والأدوات المنزلية، ونشرت زوجتي صور القطع على صفحتها بمواقع التواصل، وفاجئني ردود فعل المتابعين وإظهارهم الإعجاب الشديد بجودة الصناعة وبراعة التصميم وبدأت طلبات الشراء تنهال علينا من بعض الأصدقاء، وسرعان ما توسعت الدائرة وأصبحت حالياً أمتلك مكاناً صغيراً استخدمه كورشة أصنع فيها منتجات خشبية متنوعة من قطع أثاث صغيرة، وأدوات مطبخ وقطع للزينة ولوحات بطريقة الحرق على الخشب وغيرها، بينما تقوم زوجتي بعملية التسويق عبر التواصل الاجتماعي وحسابي على إنستجرام، والآن وبعد أن عدت للانتظام في عملي كمهندس أصبحت أبحث عن شريك يدير معي هذه الورشة الصغيرة التي أصبحت مساحة للإبداع الخاص استثمرت فيها وقتي وموهبتي خلال فترة العمل عن بُعد، وجعلتني أستفيد من الأزمة على الرغم من كل الظروف القاسية التي صاحبتها».
تؤكد معالي محمد، معلمة أطفال، استفادتها من فترة «كورونا» بشكل يتناسب مع ظروفها واحتياجاتها، وتقول: كنت أعمل مساعدة معلمة بالصفوف الأولى للأطفال حتى الصف الرابع بإحدى المدارس الخاصة بدبي، وواجهتني صعوبة بالبداية في توصيل المعلومة للأطفال الصغار في بداية تطبيق نظام التعليم عن بُعد، وكنت أحاول تقديم العون والمساعدة والنصيحة لكثير من الأمهات اللاتي تعالت شكواهن من صعوبة التحكم في الأبناء أثناء تلقي الحصص والدروس عن بُعد من البيت، ومع مرور الوقت، تحسنت الأحوال وملكت أدواتي في هذا المجال، ونجحت في مساعدة الطلاب بالمدرسة، وأطفالي الصغار في التعود والاستفادة من نظام التعليم عن بُعد، ووجدت نفسي مع مرور الوقت قد تحولت لمستشارة في هذا المجال من التعليم، تطالبني الكثير من صديقاتي بتوجيه أطفالهن، وتقديم طرق وأساليب حديثة للشرح ومتابعة أداء الواجبات المنزلية للأطفال. وكنتيجة للعمل من البيت لشهور طويلة استقامت حياتي الأسرية أكثر وأصبحت أكثر قرباً من أطفالي وزوجي وأكثر قدرة ونجاحاً في إدارة شؤون البيت ومسؤولياته، وكونت صداقات كثيرة مع عدد كبير من الأمهات اللاتي تعودن على الاستعانة بخبرتي في مساعدة أطفالهن الصغار في فهم الدروس، وحينما اقترح زوجي علي أن أتفرغ وأستقيل من الوظيفة؛ لأتمكن من مساعدة أطفالي الثلاثة في دراستهم أون لاين، وجدت أنني أستطيع أن أفعل ذلك، وأن أعوض راتبي بإعطاء دروس خاصة أون لاين؛ لمساعدة الأطفال في أداء واجباتهم المدرسية، ومراجعة دروسهم وتحضيرهم لاجتياز الاختبارات، وأصبحت لا أقبل أكثر من طفلين فقط في الحصة الافتراضية الواحدة التي أقدمها حتى يسهل علي السيطرة عليهما، وجذب اهتمامهما، ومتابعة أدائهما لواجباتهما المدرسية بنجاح، وأعتقد أن وظيفتي الحرة حالياً هي استثمار جيد للظروف الاستثنائية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"