خيانة الثقة

02:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
كتب: أمير السني

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
عثرت (ج. و) على وظيفة عاملة منزلية عبر أحد مكاتب التوظيف، وذهبت مع صاحبة المنزل بعد أن عاينتها ووجدت فيها النشاط والهمة، وبعد وصولها انخرطت في العمل داخل المنزل، حيث تقوم بمهام النظافة وغسيل الملابس وجلب الحاجيات المنزلية من مركز التسوق برفقة صاحبة المنزل، واستمرت في عملها لمدة عامين تؤدي واجبها ومهامها بجدية ونشاط، ما أكسبها ثقة أصحاب المنزل.
صارت (ج. و) تذهب إلى المركز التجاري لشراء الحاجيات برفقة السائق بعد أن اطمأنت صاحبة المنزل لها ودربتها على كيفية شراء الحاجيات الجيدة من خضروات وفواكه وغيرها من أغراض المنزل، وبعد ذلك تعود إلى المنزل فتغسل حاجيات السوق وترتبها في خزانة المطبخ والثلاجة، وكانت تذهب مع أفراد الأسرة في الخارج لقضاء الإجازة الأسبوعية، وترافق الأطفال ليلعبوا وتراقبهم حتى لا يتعرض أحد منهم للسقوط أو يضيع وسط الزحام.
في أحد الأيام ذهبت (ج. و) إلى المركز التجاري برفقة السائق لشراء بعض الحاجيات والتقت بشخص من جنسيتها لاحظت اهتمامه بها ومتابعته حركتها داخل مركز التسوق، وعندما حاول التقرب منها خافت في بداية الأمر،لكنها بدأت تستجيب لنظراته وتبادله الابتسامة، فتقرب إليها أكثر وهمس إليها بأن تعطية رقم جوالها فاستجابت على الفور وبعدها عادت إلى المنزل.
بدأت العلاقة بين (ج. و) وابن جنسيتها تتطور وصارا يتبادلان الرسائل عبر (واتساب) ويتحدثان طوال الليل واستمرا لعدة أشهر يلتقيان في السوق وأحياناً على الكورنيش في إجازتها الأسبوعية، وفي يوم أخبرها بأنه يريد الزواج منها فلم تسعها الفرحة بأن حلمها الذي تريده كل فتاة سيتحقق وتترك الوظيفة التي جعلتها تتغرب عن أسرتها وتعود معه إلى بلدها وتصبح ربة منزل، لترتاح من تعب الحياة وتتفرغ لبناء أسرة، وبعد أن توطدت العلاقة بينهما صار حبيبها يطلب منها طلبات غريبة مثل أن تسهل له دخول المنزل الذي تعمل فيه، ليلتقي بها ويجلسا في غرفتها المخصصة لها والتي تقع في الجزء الخلفي من المنزل ولها باب صغير يطل على الشارع تستقبل منه (ج.و) عمال الصيانة وطلبات المنزل من البقالة أو من موصلي الوجبات، بينما الباب الأمامي مخصص للأسرة والضيوف ودخول السيارات إلى فناء المنزل، وفي بداية الأمر تخوفت (ج.و) من طلب حبيبها ورفضت الفكرة، لأن ذلك يمكن أن يوقعها في مشاكل تفقدها وظيفتها التي تعتمد عليها وتعول أسرتها منها، كما أن أصحاب المنزل وثقوا فيها ويعاملونها بلطف ويحسنون تعاملهم معها، وقد تعلق بها الأطفال وصاروا يحبونها، لأنها تلعب معهم وتلبي رغابتهم في الأكل وترتيب الغرف وتلازمهم عندما يكونون خارج المنزل، فكان من الصعب لديها أن تقبل فكرة استقبال حبيبها في المنزل، ولكنه كان يلح عليها ويرجوها وأحياناً يهددها بأنها إذا لم تستجب له فسوف يتركها، وهكذا صارت في وضع صعب فاضطرت إلى الموافقة على طلبه، وطلبت منه أن يمنحها فرصة لتجد اليوم المناسب الذي تخرج فيه الأسرة ويكون الوضع آمناً، وبعد مرور أسبوع أخبرته باليوم المناسب ووقف الحبيب في أول الشارع الذي يقع فيه المنزل ليراقب حركة المارة وعندما اطمأن ذهب إلى المنزل ففتحت له (ج،و) الباب الخلفي، ولما عاد أصحاب المنزل من الخارج فوجئوا برجل غريب داخل غرفة العاملة المنزلية، فسارع صاحب المنزل بالاتصال بالشرطة التي هرعت إلى المنزل، وتمكنت من القبض على (ج.و) والرجل الذي أدخلته البيت، وتم تحويلهما إلى النيابة العامة، حيث اعترفا بالجريمة، وأمرت النيابة بتحويلهما إلى المحكمة التي أدانتهما بالسجن لمدة 3 أشهر والإبعاد خارج البلاد عقب انتهاء العقوبة بتهمة الاعتداء على ممتلكات الغير والشروع في المعصية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"