متحف مصطفى كامل.. شاهد على تاريخ الحركة الوطنية المصرية

يضم أضرحة ووثائق وصوراً ولوحات نادرة
02:49 صباحا
قراءة 4 دقائق
القاهرة: عيد عبد الحليم

يعد متحف مصطفى كامل أحد أهم متاحف الزعماء في القاهرة، بما يحتويه من مقتنيات شاهدة على تاريخ الحركة الوطنية المصرية في بدايات القرن العشرين، والتي كان لها أكبر الأثر في تنمية الوعي الوطني لدى المصريين. يقع المتحف في منطقة القلعة، وبالقرب من مسجد السلطان حسن، ويتبع قطاع الفنون التشكيلية.
عن أهمية المتحف التاريخية يقول د. عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ بجامعة حلوان: يضم مقابر ثلاثة من أهم رجال الحركة الوطنية المصرية، هم الزعيمان مصطفى كامل، ومحمد فريد، إلى جانب عبد الرحمن الرافعي، مؤرخ الحركة الوطنية المصرية، وفتحي رضوان وزير الثقافة من سنة 1952- 1958 وهو منشئ المتحف.
يحمل المتحف اسم «مصطفى كامل» أحد أهم الزعماء في تاريخ مصر، الذي ولد في القاهرة في 14 أغسطس عام 1874، ونال شهادة البكالوريا عام 1891، ودفعه طموحه للسفر إلى فرنسا لإتمام دراسته القانونية، ونال إجازة الحقوق من جامعة تولوز، وبدأت منذ ذلك الوقت علاقته بالسياسة والصحفيين الفرنسيين المعادين للاحتلال البريطاني في البلاد، ونجح مصطفى كامل في تشكيل أول جمعية سرية لمكافحة الإنجليز، سماها «جمعية إحياء الوطن» وهي التي أصبحت تعرف بعد ذلك ب «الحزب الوطني»، واتخذ من جريدة «المؤيد» لساناً لكتاباته، وكانت أوسع الصحف اليومية انتشاراً وقتئذ، وفي 2 يناير 1900 صدر أول عدد من جريدة «اللواء» التي ارتبطت باسم مصطفى كامل.
في عام 1906 وقعت حادثة «دنشواي» التي جعلت مصطفى كامل يقرر الالتفاف إلى الداخل والاعتماد على العمل الشعبي، وتم تأليف الحزب الوطني بشكل هيكلي، وظهر الحزب بمبادئه العشرية الداعية إلى استقلال مصر. وتوفي مصطفى كامل في 10 فبراير 1908، وأقيم ضريحه في مدافن الإمام الشافعي، وفي عام 1931 شكلت لجنة لإصلاح الضريح وتم ترميمه، وفي جلسة لمجلس الشيوخ في مايو 1944 تم اقتراح تشييد مدفن جديد يضم رفات الزعيم، ووعدت الحكومة في هذه الجلسة بتنفيذ ذلك، وتم اعتماد مبلغ 50 ألف جنيه، ووضع تصميم المدفن الجديد وأقيم في ميدان صلاح الدين بجوار القلعة وتم تشييده في 1949، ثم نقل رفات الزعيم مصطفى كامل إلى المدفن الجديد في 11 فبراير 1953 في موكب عسكري مهيب حضره بعض أعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو، إذ حمل على عربة مدفع.
كما يضم المتحف أيضاً، رفات الزعيم محمد فريد الذي خلف مصطفى كامل في قيادة الحركة الوطنية.
يضم المتحف ضريح المؤرخ عبد الرحمن الرافعي «1989-1966» صاحب أشهر الكتب التي أرخت للحركة الوطنية المصرية في القرن العشرين. وعند قيام ثورة يوليو 1952 كان الرافعي محل تقدير الزعيم جمال عبد الناصر، إذ شارك في وضع الدستور الذي كانت تنوي قيادة الثورة إصداره عام 1953. وفي عام 1953 حصل الرافعي على جائزة الدولة في العلوم الاجتماعية، ثم عين في العام التالي نقيباً للمحامين وظل يشغل هذا المنصب حتى عام 1958. وضم مجلس قيادة ثورة يوليو جثمان الرافعي يوم وفاته في 4 ديسمبر 1964 إلى ضريح الزعيمين مصطفى كامل ومحمد فريد.
ويضم المتحف أيضاً مقبرة الكاتب فتحي رضوان أول وزير للثقافة في مصر بعد ثورة يوليو 1952، وترك فيها أثراً واضحاً، إذ أعطى المسرح القومي عناية كبيرة وكذلك المسرح الغنائي، ووضع أساساً لمركز الفنون الشعبية ليصبح مؤسسة شعبية لتسجيل التراث الشعبي. وظل فتحي رضوان عاكفاً على التأليف، فأصدر أعمالاً عديدة عن غاندي وموسوليني وطلعت حرب، خاصة كتابه«بحث في العظمة» وكتاب«عصر الرجال». وتوفي رضوان عام 1988 وتم دفنه بجوار مصطفى كامل ومحمد فريد وعبد الرحمن الرافعي، ليصبح بذلك«متحف مصطفى كامل» واحداً من أهم المتاحف القومية التي تضم رفات زعماء وسياسيين ومفكرين أثروا الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية في مصر بالكثير من أعمالهم العظيمة.

حادثة دنشواي

يشير الناقد والفنان التشكيلي عز الدين نجيب إلى أن المتحف يضم مجموعة من اللوحات والصور التي تجسد الحركة الوطنية المصرية في بدايات القرن العشرين منها لوحة تعبر عن«ضرب الإسكندرية في بداية الاحتلال الإنجليزي لمصر عام 1882» ولوحة تصور «ساحة تنفيذ الحكم في حادثة دنشواي»، وأخرى ترصد»محاكمة الفلاحين في حادثة دنشواي، ولوحة تصور مصطفى كامل وهو على فراش المرض وبجواره أصدقاؤه، وصورة لمصطفى كامل وهو عائد إلى ميناء الإسكندرية بعد رحلة إلى فرنسا، وأخرى لنقل رفات مصطفى كامل إلى مقر المتحف الحالي في مراسم عسكرية.
كما يحتوي المتحف أيضاً، على كتب الزعيم مصطفى كامل ورسائله بخط يده وبعض صور أصدقائه وأقاربه، وكذلك بعض متعلقاته الشخصية من ملابس وأدوات طعام وغرفة مكتبة، بالإضافة إلى كتب «عبد الرحمن الرافعي»، وبعض متعلقات الزعيم محمد فريد.
بني المتحف على الطراز المعماري الإسلامي، ويحتوي المتحف على حديقة كبيرة. وتم افتتاحه في إبريل عام 1956 وتم تطويره أكثر من مرة، وحدث سيناريو العرض المتحفي، وأضيفت له مجموعة من الوثائق والصور النادرة التي تسجل لحظات مهمة في تاريخ الحركة الوطنية المصرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"