إهمال التهاب الزائدة الدودية يؤدي إلى الوفاة

01:05 صباحا
قراءة 8 دقائق

تعد الزائدة الدودية من أعضاء الجهاز الهضمي، اسمها له دلالة فهي «زائدة»؛ لأن وظيفتها للجسم كانت مبهمة، وتسمية «الدودية» مستوحاة من شكلها الدودي، ويراوح طولها مابين 2/10 سم، وهي على شكل أسطوانة مسدودة في النهاية، وتتكون في الشهر الخامس من الحياة الجنينيَّة، وتستمر بالتطور حتى سن العشرين من العمر.
تقع الزائدة الدودية في الجزء الأيمن السفلي من البطن، أسفل الأمعاء، وفي بداية الأمعاء الغليظة، جدرانها متعددة الطبقات على عكس الأمعاء الغليظة، وتغطي بطبقة داخلية من الغشاء المخاطي، كما تضم عضلات بداخلها، وإضافة إلى الأنسجة المخاطية توجد في الزائدة الدودية أنسجة لمفاوية، تعد مصفاة لتصفية البكتيريا والفيروسات الدخيلة، وتكوين مناعة ضدها؛ ولذلك يُعتقد أنّها تلعب دوراً في الجهاز المناعي للإنسان، وعلى الرغم من أهمية هذا الدور فإن بعض الباحثين والعلماء يعتقدون أن الزائدة الدودية تعد عضواً ضامراً لم تعد له وظيفة حيويّة مهمة في جسم الإنسان.
الجدل حول وظيفة الزائدة الدودية لم ينتهِ بعد بين العلماء، فبعضهم يعد وظيفتها مناعية؛ بسبب الأنسجة الليمفاوية التي تتكون منها، إلا أنها ليست بتلك الأهمية بالنسبة للجهاز المناعي، ويؤكد ذلك أن الذين خضعوا لعمليَّات استئصال الزائدة لم تحدث لهم أي تغيرات مناعية، بينما يقول رأي آخر إنها تعد مخزناً للبكتيريا النافعة التي تقوم بوظائف مختلفة في الجهاز الهضمي، ولكن يظلمها البعض باعتبارها جزءاً في الجسم لا فائدة منه، وأنها في النهاية مجرد بقايا من عملية تطور ونمو الإنسان.
ولكن في دراسة تم نشرها في مجلة علم الأحياء النظرية، يعتقد العلماء أن الزائدة الدودية تساعد على الهضم؛ من خلال تنظيف الأمعاء، وإعادة ملء القناة الهضمية مرة أخرى، وأوضح الباحثون: إن هناك الكثير من الأدلة التي تدعم بقوة دور الزائدة الدودية كمكان آمن للبكتيريا الجيدة التي يمكن أن تساعد أثناء عملية الهضم؛ حيث يمكنها أن تبقى بسلام داخل الزائدة، ومن دون أي عائق، حتى يتم الاحتياج إليها.
توصل الأطباء عبر التجارب إلى أن الزائدة الدودية تحتوي بالفعل على أنسجة الجهاز المناعي؛ حيث تقوم الميكروبات المختلفة التي تساعد الجهاز الهضمي بتكسير الأطعمة الموجودة في القناة الهضمية، وتكافئ القناة الهضمية هذه الميكروبات؛ من خلال تغذيتها والمحافظة عليها آمنة، ويعتقد العلماء أن خلايا الجهاز المناعي الموجودة في الزائدة الدودية تتولى حماية البكتيريا الجيدة.


التهاب الزائدة الدودية


الزائدة الدودية لا تسبب في الأغلب أية مشكلة صحية للإنسان في الوضع الطبيعي؛ ولكن تبدأ المشكلة عندما تدخل بقايا الطعام والفضلات فيها، وتحتجز وتتكاثر عليها البكتيريا وتسبب التهابها، وتظهر الأعراض بشكل حاد خلال أول 24 ساعة، ويجب علاجها على وجه السرعة باستئصالها قبل أن تحدث مضاعفات خطرة، فقد تؤدي إلى تسمم الدم، أو تنفجر الزائدة؛ لتسبب التهاباً شديداً في غشاء البطن؛ ولأنه ليس لها في الحقيقة أي دور في عملية الهضم، فلن يترتب على استئصالها أي ضرر أو آثار جانبية على الجهاز الهضمي، ولا توجد طرق للوقاية من حدوث التهاب الزائدة الدودية، ولا تتكرر الإصابة بها مرة ثانية بعد استئصاله؛، لأنه لا توجد إلا زائدة دودية واحدة في جسم الإنسان.
ويتعرف إلى أعراض الزائدة الدودية؛ من خلال فقدان الشهية، والشعور بآلام حادة فى البطن حول الصرة ثم ينتقل الألم إلى الجانب السفلي الأيمن من البطن، مع حدوث تشنجات شديدة في البطن والمعاناة من حدوث الإسهال المستمر، وتحدث حمى بسيطة تبدأ عقب ظهور الأعراض السابقة، ولا ترتفع درجة الحرارة بصورة كبيرة إلا في حالة حدوث مضاعفات مثل التسمم الدموي.


التهاب الزائدة والحمل


أكبر مشاكل التهاب الزائدة الدودية أثناء الحمل تحدث بسبب التغيرات الجسدية الحاصلة في جسم الحامل، ومن السهل تشخيصها في الثلثين الأول والثاني من مدة الحمل، ومن المهم الحصول على تشخيص مبكر للالتهاب؛ لأنه كلما طالت مدة تأخير التشخيص، زادت احتمالية حدوث مضاعفات عند الحامل، خاصة حدوث ثقب في الزائدة الدودية، وإذا حدث ذلك فإن معدلات فقدان الجنين، ومعدلات الولادة المبكرة تزداد بنسبة 36%، وهذه المضاعفات في الأغلب تحدث في الربع الثالث من الحمل؛ لكن ينخفض الخطر عند الأمهات إلى نحو الصفر في حال إجراء تقنية جراحية جيدة، إضافة إلى تناول المضادات الحيوية.
ومن الأعراض المصاحبة لالتهاب الزائدة وأكثرها شيوعاً الشعور بألم في الربع السفلي الأيمن من البطن؛ لكن 70% من النساء الحوامل لا يصبن بالحمى، وفي حال اعتقد الأطباء بالتهاب الزائدة الدودية المسببة للألم، فإنهم يُجرون تصوير الموجات فوق الصوتية، وهذا جيد في تحديد ما إذا كان هناك خطر في الثلثين الأول والثاني للحمل، والفصل الثالث أكثر صعوبة في تشخيص التهاب الزائدة الدودية؛ لذلك يلجأ الأطباء إلى إجراء التصوير المقطعي.
من الممكن أن يسبب التهاب الزائدة الدودية غير المعالج الإجهاض؛ لذا يعد التشخيص السريع والدقيق لالتهاب الزائدة الدودية أمراً بالغ الأهمية بشكل خاص عند الحواملح لأن التهاب الزائدة الدودية يمكن أن يتطور بسرعة إلى تمزق الزائدة، والذي يرتبط بارتفاع معدلات الولادة المبكرة والإجهاض وفقدان الجنين.
وبصفة عامة يجب على وجه السرعة التشخيص ثم العلاج فوراً؛ لمنع خطورة تطور الالتهاب، فللوقت أهمية كبرى في العلاج؛ إذ إن الالتهاب الذي يصيب الزائدة الدودية له مضاعفات خطرة فقد تنفجر وتحدث الوفاة في الحالات الشديدة والتي تؤدي إلى تسمم الجسم بانفجارها، وربما يكون سبب الالتهاب الفيروس أو الجرثومة؛ حيث قد يؤدي أحدهما إلى حدوث الالتهاب.


مرض نادر


سرطان الزائدة الدودية مرض نادر، ويقدر علماء الطب أن هذا النوع من السرطان يصيب نحو من 2-9 أشخاص من كل مليون شخص، ويحدث عندما تصبح الخلايا السليمة غير طبيعية وتنمو بسرعة، حينها تتطور هذه الخلايا السرطانية إلى كتلة أو ورم داخل الزائدة الدودية، وفي أغلب الحالات لا يشعر المريض بأي أعراض في المراحل المبكرة.
وبعض أورام الزائدة الدودية حميدة، ما يعني أنها لا تغزو وتنتشر، وبعضها الآخر خبيث، أي أنها يمكن أن تنتشر إلى أعضاء أخرى، وفي معظم الأحيان لا تظهر لسرطان الزائدة الدودية أية أعراض ملحوظة، وعادة ما يكتشف أثناء الجراحة أو أثناء اختبار التصوير لحالة طبية أخرى، أو خلال تنظير القولون، وتظهر أعراضه في التهاب الزائدة الدودية، وانتفاخ في البطن، وأورام وتكيسات على المبايض عند المرأة، وآلام البطن الشديدة أو المزمنة، والشعور بعدم الراحة في منطقة أسفل البطن، وانسداد الأمعاء، وحدوث فتق، والكثير من هذه الأعراض لا يحدث إلا إذا كان السرطان قد وصل إلى مرحلة متقدّمة، وانتشر إلى أعضاء أخرى.


علاج الأورام


يعتمد علاج أورام الزائدة الدودية على النوع الذي يعانيه المريض، إذا ما كان يوجد في الزائدة الدودية فقط أو أنه انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، كما يعتمد أيضاً على الصحة العامة للمريض، لكن عادة ما تكون جراحة استئصال الزائدة الدودية الخطوة الأولى، كما يمكن إزالة أجزاء من القولون أو المرارة أو الطحال في حال كان الورم كبيراً أو منتشراً، وقد يحتاج المريض بعدها إلى العلاج الكيميائي؛ لقتل الخلايا السرطانية المتبقية.


مراحل التشخيص


يعتمد تشخيص الإصابة بالتهاب الزائدة الدودية على التّاريخ الطبي للمريض؛ لذلك من المهم إجابة المريض بدقة حول استفسارات الطبيب عن موعد بداية ألم البطن ومدته، وتحديد مكان الألم ودرجة شدته، إلى جانب الأعراض الأخرى المرافقة لألم البطن؛ كالحمى، والغثيان وغيرها، ومعرفة الأمراض السابقة للمريض، وهل تعرض لعمليات جراحية سابقة، والأدوية التي يتناولها حالياً.
إلى جانب الاستفسار الشفوي الذي يقوم به، يحتاج الطبيب إلى تفاصيل محددة حول الألم الذي يشعر به المصاب؛ لتشخيص التهاب الزائدة الدودية بشكل صحيح، ويعتمد في ذلك على الفحص السريري، والذي يبدأ أولاً بضغط الطبيب على المنطقة المؤلمة ثم يزيل هذا الضغط بشكل مفاجئ، ما يؤدي إلى زيادة الشعور بالألم بشكل كبير إن كان ناتجاً عن التهاب الزائدة الدودية، ويبحث الطبيب عن ميل عضلات البطن للانقباض بشكل لا إرادي وتصلبها عند الضغط على منطقة الزائدة.
ويقوم الطبيب بفحص الجزء السفلي من المستقيم باستخدام ما يعرف باختبار المستقيم، وفي حالة النساء يقوم بفحص الحوض؛ وذلك للتأكد من عدم وجود مشاكل أو أمراض نسائية قد تسبب ألماً مشابهاً لألم التهاب الزائدة الدودية.


فحوص مخبرية


ولتأكيد التشخيص، يلجأ الطبيب للفحوص المخبرية، وتتضمن تحليل الدم؛ وذلك للكشف عن ارتفاع عدد خلايا الدم البيضاء، ولكن ارتفاعها ليس دليلاً قطعياً على التهاب الزائدة الدودية؛ حيث توجد أسباب أخرى قد تؤدي إلى ذلك، كما يطلب الطبيب تحليل البول؛ لاستبعاد عدوى المسالك البولية أو حصوات الكلى، ولكن في بعض الحالات قد تكون نتائج التحليل غير طبيعية مع التهاب الزائدة الدودية؛ وذلك لأن الزائدة تقع بالقرب من الحالب والمثانة، ويمكن أن يصل الالتهاب إليهما، كما قد يوصي الطبيب أيضاً بإجراء عدد من اختبارات التصوير؛ وذلك لتأكيد تشخيص الإصابة بالتهاب الزائدة الدوديّة أو العثور على أسباب أخرى للألم، وتتضمّن: تصوير البطن بالأشعة السينية، أو التصوير بالموجات فوق الصوتية، أو التصوير المقطعي.


الجراحة أو المنظار


عملية الزائدة الدودية تعني الاستئصال الجراحي لها، وهناك بعض المخاطر المرتبطة بالجراحة، بما في ذلك النزيف، والعدوى، وإصابة الأعضاء القريبة، وانسداد الأمعاء.
والاستئصال الجراحي متعارف عليها منذ القدم؛ حيث يقدم الطبيب على فتح شق في البطن في المنطقة المقابلة للزائدة من البطن بطول 4 أو 5 سم، ويعمل الطبيب على إزالة الأمعاء جانباً حتى تظهر له الزائدة الملتهبة، ويعمل على ربطها؛ من خلال خيط طبي، وإزالتها وطي الأمعاء وخياطتها جراحياً ومن ثم غلق طبقات البطن والفتحة النهائية؛ من خلال الغرز أو التدبيس الجراجي.
ويعد استخدام جراحات المناظير من أفضل الطرق العلاجية؛ حيث يتم عمل شق صغير في بطن المريض، ويسمح برؤية شاملة لكل الأعضاء الداخلية، كما يمكن علاج أمراض أخرى أثناء إجراء جراحة استئصال الزائدة الدودية مثل تكيسات المبيضين. واستخدام المناظير في تلك الجراحات يقلل كثيراً من الآلام التي تحدث بعد العمليات الجراحية فالشق الجرحي في جسم المريض أصبح صغيراً ويمكن أن يتعافى المريض خلال 3 أيام على الأكثر والعودة بعدها للعمل مباشرة فيما يحتاج إلى ما يقل عن أسبوعين ليعود للعمل إذا كانت عن طريق الجراحة الكلاسيكية.
من أهم نصائح الطبيب لما بعد استئصال الزائدة تجنب ممارسة الأنشطة التي بها مشقة على المريض، والعمل على تدعيم البطن خاصة خلال السعال ومن الأفضل وضع وسادة على البطن والضغط عليها خلال الكلام أو الضحك، والرجوع إلى الطبيب في حال لم تؤثر المسكنات؛ حيث يعد ذلك مؤشراً على بطء التئام الجرح، ومع الشعور بالتحسن يمكن للمريض التحرك؛ والعودة إلى الحياة الطبيعية بالتدريج.


أطعمة خطِرة على الزائدة


تعد الأطعمة الغنية بالتوابل والفلفل والأطعمة الحارة، من أسباب التهاب الزائدة، كما يجب تجنب الأطعمة الدسمة؛ حيث تؤدي إلى انسداد الزائدة وتؤثر بشكلٍ كبير في عملية الهضم، وكذلك الابتعاد عن تناول بذور الفاكهة والنباتات والخضراوات مثل: العنب والطماطم.
ينصح الأطباء كذلك بتجنب الأطعمة المعلبة والمشروبات الغازية، والأنواع التي تحتوي على الحبوب والدقيق، إلى جانب الأطعمة التي تضم نسبة عالية من الدهون، والغنية بالسكر مثل الحلويات، والأطعمة التي تسبب الغازات مثل الفاصوليا.
بعد إجراء العملية الجراحية؛ يجب اتباع نظام غذائي غني بالسوائل، والابتعاد عن الفواكه والخضراوات واللحوم والدواجن والأسماك والبيض والفول والخبز والحبوب الباردة والأرز المكرونة والمكسرات والبذور أو أي طعام يتطلب المضغ، والبعد عن الأطعمة المقلية والقشطة والجبن والحليب كاملة الدسم والشوكولاتة والآيس كريم، إلى جانب الأطعمة الغنية بالكثير من السكر؛ حيث تتسبب في تمرير الفضلات بسرعة كبيرة؛ من خلال الأمعاء الغليظة، وتؤدي إلى حدوث الإسهال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"