غياب الأنشطة اللاصفية يوقع الطلبة في العزلة

تحديات تواجه المنظومة التعليمية الجديدة
03:04 صباحا
قراءة 3 دقائق
الشارقة: محمد الماحي

تواجه المؤسسات التعليمية مجموعة من التحديات خلال تجربة التعليم عن بعد، والهجين، تمثلت في 4 تحديات، هي توظيف التقنية في الجانب التطبيقي والعملي الذي يتطلب وجود الطالب داخل الحرم الدراسي، وغياب النشاطات التربوية، واتساع الفجوة بين الطالب والمعلم، ومتابعة مشاريع التخرج.
رغم إيجابيات التعلم عن بعد، والهجين، فإن أسئلة تدور في خلد الكثيرين عن فعاليته كبديل كلي للطرق التقليدية، وعلى رأسها الجانب العملي الجماعي في العملية التعليمية، وتصميم المناهج بشكل تفاعلي، واختيار الأساليب التدريسية المناسبة، إضافة الأنشطة اللاصفية التي اتفق جميع المتخصصين التربويين والنفسيين على أهميتها في بناء شخصية متوازنة للطالب، تخرجه من الحيز التقليدي إلى آفاق واسعة، وأبدوا تخوفهم من سيطرة الجانب الإلكتروني والذكي عليها، وجذبه كثيراً من الطلبة مقابل الأنشطة الحركية، والرياضية.
وأشاروا إلى أنه يوقعهم في براثن العزلة، وحب الذات، ويدفعهم إلى الخمول الذي يتحول إلى جملة من الأمراض العضوية، والنفسية، ليس أقلها البدانة المفرطة التي غدت مستشرية بين الطلبة الصغار، في حين أن جوهر الأنشطة اللاصفية إنما قام على أساس تشجيع العمل الجماعي، وروح الفريق، وتفريغ طاقة الطلبة في جوانب رياضية تساعدهم على التعويض عن الجانب العلمي والأكاديمي في الأنشطة الصفية.


الحاجة الماسة


وحول التحديات التي تواجه التعلم عن بعد، والهجين، يرى الدكتور خالد صقر المري، أن اختيار الوسائل التعليمية يشكل تحدياً أساسياً في التصميم التعليمي التقليدي، والهجين، إلا أنه في التعليم عن بعد، والهجين، يشكل تحدياً اكبر، لاسيما مع الحاجة الماسة لتوظيف التعلم التفاعلي الذي يزيد انتباه الطلبة بإشراكهم المباشر كمساهمين لا كمتلقين، وهذا سيزيد من عامل التحفيز وسيحقق نتائج أفضل.
وهنا يجب أن يبذل المعلم جهداً معتبرا لتحديد الوسائل التفاعلية المناسبة لكل هدف، فعملية إشراك الطلبة الموجودين في أماكن مختلفة، والمحافظة على انتباههم عبر الأجهزة، ليست بالأمر اليسير، ولكنها بالتأكيد ليست مستحيلة.
وأضاف: إن الأنشطة اللاصفية تشكل جانباً إيجابياً وتأثيراً كبيراً في بناء شخصية الطالب، خاصة تنمية الروح الجماعية، والثقة بالنفس، والمشاركة في الألعاب الجماعية، إلى جانب اكتشاف المواهب الكامنة لديهم، وصقلها بشكل موجّه، كل تلك الأمور تجعل الطالب متعاوناً معتمداً على ذاته، وتقوي جوانب شخصيته من خلال احتكاكه بغيره.
بيد أن تغييب هذه الأنشطة وتحويلها إلى ذكية وإلكترونية من دون النظر إلى انعكاساتها على الطالب، بحيث إن بعض الأنشطة الإلكترونية فردي، أو يقوم على شخصين فقط، بعيداً عن روح الجماعة والتعاون، يخلق نوعاً من حب العزلة وحب التملك لتلك اللعبة، وعدم مشاركتها مع الغير، وأيضاً انعدام أي تفكير إبداعي، أو أي نشاط حركي، بل يدفع إلى التبلد وقلة التحرك، لأنها لا تتطلب أي مجهود حركي ليقوم به، وإنما يكون تركيزه بالكامل على اللوح الإلكتروني، أو اللعبة الإلكترونية، وانعكاساتها على صحة الطالب، فالتطور جميل عندما نستخلص منه ما يفيد لبناء جيل سليم العقل، والبنية.


استراتيجية واقعية


ويتفق الخبير التربوي محمد راشد رشود مع ماسبق، ويضيف إليه: إن توظيف التقنية لاستحداث برامج لمحاكاة المختبرات العلمية والورش التدريبية يعتبر الخطوة اﻷولى لتجسير الهوة بين النظرية والتطبيق، والأجدر وجود استراتيجية واقعية مرتبطة بزمن لهذه الغاية، ولا يمكن أن تتم من دون تشاركية بين المؤسسات التعليمية وأولياء الأمور.
وأوضح أن التعليم الذي أصبح يقدم للطالب كخدمة على غرار «أوبر»، يصله أينما كان متجاوزاً حدود الزمان، والمكان، لا يُتوقع في المستقبل القريب أن يعود كما كان، بل لابد أنه سيجد طريقاً جديداً يجمع ما بين التقليدي، وأدوات التعلم الرقمي.
وأوضح أن وضع استراتيجية لتوظيف التقنية في الجانب التطبيقي والعملي يتطلب وجود الطالب داخل الحرم الدراسي، خاصة أن جزءاً كبيراً من العملية التعليمية والخدمات والأنشطة الطلابية أثبتت فاعلية في التطبيق عن بُعد، وبدرجة أكبر بالتخصصات النظرية، أما التخصصات التطبيقية التي لا غنى فيها عن المباني بمختبراتها وورشها العملية، فعلينا توظيف المساحات بشكل أفضل ودعمها بالتكنولوجيا الحديثة.
وأشار إلى زيادة مساءلة الأهل وتوعيتهم لمتابعة تعلم أبنائهم، وليس الواجبات المدرسية فقط، بشكل دائم، لما لذلك من دور فعال لإنجاح الآلية الجديدة للتعليم.


التطور الاجتماعي


ويقول الدكتور جلال حاتم مدير جامعة أم القيوين: تواجه العملية التعليمية في الوقت الحالي تحدياً حقيقياً في ظل وجود جائحة «كورونا» وفي مقدمة هذه التحديات الجانب التطبيقي والعملي، والنشاطات التربوية واتساع الفجوة بين الطالب والمعلم
ويرى أن الأنشطة اللاصفية يفترض فيها أن تكون المنفذ الوحيد الذي يبعد الطلبة عن الأجهزة والتقنيات، وأنها وسيلة مهمة للتطور الاجتماعي والبدني، لافتاً إلى أن التكنولوجيا غزت كل تفاصيل الحياة، ما يعني أن التوازن مطلوب، لا إقصاء، ولا إدمان على الأجهزة الإلكترونية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"