الولادة..طقس احتفالي

02:32 صباحا
قراءة دقيقتين
إعداد: فدوى إبراهيم

يحفل التراث الإماراتي بالكثير من الطقوس العتيقة التي تعبر عن أهمية الاحتفاء بالمولود الجديد، وتنبع هذه الطقوس من صميم البيئة الإماراتية الأصيلة، وما تزخر به من عادات وتقاليد متوارثة، ويعود بعضها إلى مئات السنين؛ لذلك، لا يعرف تاريخ محدّد لنشأتها وظهورها إلا أنها أصبحت مترسخة في المجتمع، وجزءاً لا يتجزأ من تراثه.
ويعد الاحتفال بالمولود الجديد في الإمارات قديماً من أهم المظاهر التي تبعث الفرح والسعادة في الأسرة، وتبدأ طقوس الاحتفال عندما يستهلّ الحياة صارخاً؛ حيث تتوالى عبارات التبريكات على الوالدين، ويؤذن الأب في أذن المولود اليمنى، ويقيم الصلاة في الأذن اليسرى، عملاً بسنّة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
ويلف المولود بقطعة كبيرة من القماش ليبدو فيها كالشرنقة، تشد حول جسده الصغير بحبل من ذات القماش؛ بغرض تقوية عظامه واستقامتها على حد اعتقادهم، بينما يستقر ذلك الصغير في سريره المصنوع من جريد النخل وأعواده، ويسمى «المنز»، وربما يعلق في سقف المنزل بواسطة حبل صنع أيضاً من النخيل، ويكون ذلك السرير قريباً من أرض الغرفة ومن سرير الأم؛ لتتمكن من هزه متى صرخ باكياً، أو يكون السرير بقوائم ثابتة على الأرض، كما يغطى ذلك «المنز» بقطع قماش تسمح بدخول الهواء للرضيع، وتمنع عنه الحشرات الطائرة.
واحتفالاً بالمولود، ولدرء الحسد، وللصدقة عنه، يعقّ عن المولود في يومه السابع؛ أي تذبح له ذبيحة: شاتان للولد، وشاة للبنت، كما أن من مظاهر الاحتفال، إن كان المولود أنثى تثقب أذناها؛ تعبيراً عن فرح الأم والأهل بها، كذلك يستخدم الكحل، كونه يوسع العينين وبالوقت نفسه يقوي الرموش، ويجعلها أكثر كثافة، ويجب أن يكون الكحل بالصراي، وليس بالإثمد أو بالقلم.
وللأم الوالدة نصيبها من تلك التقاليد، ففي فترة نفاسها، الفترة التي تقضيها المرأة حديثة الولادة في بيت أمها، تمنع من حضور الأعراس أو زيارة السيدات حديثات الزواج، أو الذهاب إلى أي عزاء، وكذلك تمنع أي امرأة قادمة من عزاء أو متزينة لعرس من الدخول إليها قبل أن تغتسل وتزيل زينتها أو ملابس العزاء، خوفاً من حدوث ما يعرف ب«المشاهرة»، وهو مفهوم تقليدي يعتقد أن المرأة التي أنجبت ستصاب بحمى شديدة، توصلها إلى العقم أو الموت، أو أن المولود سيموت، أو أي ضرر آخر قد يصيبه.
وتعمل الأسرة على مد الأم بأطعمة مغذية؛ لتعويض ما فقدته أثناء الحمل والولادة، كما يقوم الجيران بتبادل إرسال الأطعمة الدسمة للأم، ويعدون لها العديد من المشروبات والأكلات الخاصة بهذه الفترة، وعلى رأسها «الحريروة»؛ وهي أشبه بالحساء المعد بالحليب والحبة الحمراء، يضاف إليها بعض التوابل، وخبز الرقاق المهروس بالحليب الساخن والسمن المحلي، ويطهى لها لحم الضأن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"