مصر وحماية ليبيا

01:54 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر

التحركات التي تقوم بها القيادة المصرية لحماية أمنها القومي، تبدو متسقة مع المخاوف التي تثيرها الأحداث الملتهبة في ليبيا، خاصة بعد التطورات الأخيرة التي جلبتها التدخلات الأجنبية، وتحديداً التركية، حيث أعادت الصراع إلى مربع أكثر خطورة، بالذات مع وجود المئات من العناصر المنتمية إلى تنظيم «داعش»، الذين كانوا يقاتلون في كل من سوريا والعراق خلال الأعوام الماضية.

ويأتي اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بكل من قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر ورئيس البرلمان عقيلة صالح، ليعمل على تقريب وجهات النظر، وإزالة خلافات بين الطرفين، ليكونا قادرين على تقديم رؤية موحدة حيال المفاوضات الجارية مع حكومة الوفاق الوطني، بهدف توحيد الصف واستعادة المؤسسات الليبية بشكل كامل.

مخاوف مصر مما يحدث في الجارة ليبيا لها ما يبررها، خاصة بعد أن تلقت الأجهزة الاستخباراتية فيها معلومات عن دخول عناصر جديدة تنتمي إلى تنظيم «داعش» قدمت من سوريا والعراق واليمن وتونس، بهدف إحياء التنظيم وإعادة بناء نفسه من جديد، ليكون بمثابة هراوة ضد مصر والمنطقة بشكل عام.

ما يهم مصر في الوقت الحاضر أن تعاد الأمور في ليبيا إلى طبيعتها وأن يقرر الليبيون بأنفسهم طريقة حل أزماتهم الداخلية بعيداً عن التدخلات الأجنبية، وهي تدخلات لا تستهدف إدخال ليبيا في معمعة الفوضى فحسب، بل وأيضاً تستهدف أمن مصر برمته، لذلك لن تسمح القاهرة بانزلاق الأوضاع إلى حد لا تعود معه قادرة على منع تأثيرات هذه الفوضى، لذلك جددت تأكيدها على الخط الأحمر الذي وضعته بين مدينتي سرت والجفرة، خاصة مع وجود معلومات تشير إلى تخطيط الميليشيات التي تدعمها تركيا لعمليات ممنهجة تجاه المدينتين لإعادة خلط الأوراق.

تدرك مصر أن السماح بتمدد الميليشيات في مختلف المناطق الليبية يشكل خطراً لا يقل عن الخطر الداخلي الذي تشكله الجماعات الإرهابية، والتي تعمل بكل ما لديها من إمكانيات ودعم تتلقاه من دول عربية وأجنبية، لضرب الاستقرار في البلاد من خلال العمليات الإجرامية التي تقوم هذه الجماعات بتنفيذها، مستهدفة المؤسسات العسكرية والأمنية والاقتصادية على السواء، لهذا لن تسمح بأن يكون لهذه الجماعات حضور، أكان في ليبيا أو في مصر.

هناك قوى خارجية تراهن على تفكيك الجبهة الداخلية في كلا البلدين، بهدف إدخالهما في أتون أزمات تستنزف إمكانياتهما ومنعهما من التصدي للمخططات الأجنبية، لكن مصر تدرك أن دورها في هذه المرحلة يتجاوز بكثير حماية أمنها الداخلي إلى حماية الأمن القومي العربي برمته، لذلك تبدو حجر الزاوية في أي تسوية سياسية في ليبيا، فبدون مصر لن تكون هناك تسوية، ولا أي نوع من الاستقرار، ليس في ليبيا فحسب، بل والمنطقة بأسرها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"