بعد الأسرى.. إنهاء الحرب

04:11 صباحا
قراءة دقيقتين
صادق ناشر

خطوة إيجابية تلك التي اتخذها طرفا الحرب في اليمن، الشرعية من جهة وجماعة الحوثيين التي سيطرت على السلطة في مثل هذا الشهر من العام 2014 من جهة أخرى، وتمثلت في الاتفاق المبرم بينهما في جنيف السويسرية بشأن الإفراج عن 1081 من الأسرى لدى الطرفين.

الاتفاق يعدّ مؤشراً على إمكانية تحقيق تقدم في ملفات أخرى لها أهمية في حياة الشعب الذي يعاني من جراء استمرار الحرب، التي قضت على الأخضر واليابس، فيما لا يزال المتقاتلون يتمترسون خلف أسلحتهم أملاً في تحقيق نصر كامل لن يأتي، والأولى أن ينخرط الجميع في حوار شامل يزيل مخاوف كل طرف؛ إذ لن يستطيع أي منهما أن يمحو الآخر من الخريطة، لكن المأساة أن اليمن بأكمله يمكن أن يتعرض للمحو من الخريطة جغرافياً وسياسياً، إذا ما استمر كل طرف متمسكاً بموقفه من دون مبادرة لتقديم تنازلات في النهاية ستكون لصالح اليمن.

صحيح أن الاتفاق ينقصه الإفراج عن شخصيات سياسية وعسكرية من العيار الثقيل، مثل وزير الدفاع محمود الصبيحي، وقيادات أمنية وسياسية منتمية إلى أحزاب وتيارات مختلفة، مع ذلك فإنه وضع حداً لمعاناة عشرات الآلاف من الأسر التي فقدت أحباءها، ولم تتمكن ظروف الحرب من معرفة أماكن احتجازهم، ولا الظروف التي يعيشون فيها.

إنجاز الاتفاق عملية استمرت طويلاً، ويشكل بارقة أمل في خطوة إضافية أخرى يمكنها أن تساعد في تشكيل أرضية لحدث أكبر، من شأنه أن يضع الجميع أمام استحقاق إنساني، مع أن من المعيب أن يتحدث طرفان يمنيان عن وجود أسرى لديهما؛ لأنهم في نهاية الأمر يمنيون وينتمون إلى نفس البلد، والجيش والقبيلة والمدينة، ويجب أن يتم التعامل معهم بشكل مختلف عن الأسرى بين دول، وهذا هو الأسوأ في الحرب التي فرقت بين الأخ وأخيه والأب وابنه، باختلاف مواقفهم السياسية.

حظي الاتفاق بدعم كبير من الأمم المتحدة، لكن الأهم هو أن يقتنع اليمنيون بأن حل هذه المسألة يجب أن تكون في أيديهم، وليست في أيدي غيرهم، ومن المؤسف أن الخطوة تمت بعد ضغوط مارسها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث، ودول لها ثقلها في المشهد الدولي، مع أنه كان بإمكان اليمنيين أن يتوافقوا بأنفسهم حول نزع فتيل هذه الأزمة الإنسانية الكبيرة.

اليوم، وكما يطالب المبعوث الأممي، فإن اليمنيين مطالبون بالانخراط في عملية سياسية أوسع تشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وأن تتخذ تدابير اقتصادية وإنسانية تضع حداً للحرب وعودة السلام إلى بلد مزقته الصراعات، وما زال أبناؤه يدفعون ثمن مغامرات اغتصاب السلطة بقوة السلاح والدعم الخارجي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"