مرتزقة للإيجار

04:10 صباحا
قراءة دقيقتين
نبيل سالم

تركيا تمارس إرهاباً فعلياً، ولم تكتفِ بممارساتها للإرهاب، وإنما تصدّره إلى الدول الأخرى أيضاً.

عندما وصلت رياح ما سمي ب «الربيع العربي» في عام 2011 إلى سوريا، وانخرط «الإخوان» المسلمون في الأزمة السورية الدامية، وجدت تركيا في أذرعها «الإخوانية» وسيلة لتأجيج هذه الأزمة، وتوفير الوقود المطلوب لاستمرارها، بهدف تحقيق أهدافها البعيدة، والتي تمثلت في رغبتها في التوسع في المنطقة على حساب جارتها الجنوبية، وسرقة ثرواتها، بحجة دعم «المعارضة» التي فصّل قسم كبير منها في أنقرة، وعلى مقاس الأطماع التركية التوسعية في المنطقة.

وبالفعل قام أتباع النظام التركي ولا سيما تنظيمي «النصرة» و«داعش» بالكثير من الجرائم في هذا البلد، والتي يصعب حصرها في هذه العجالة.

ولم تكتفِ أنقرة بذلك، وإنما راحت تستخدم مرتزقتها في النزاعات الأخرى التي توالدت في المنطقة، بعد موجة «الربيع العربي» كما هو الحال بالنسبة لمئات بل آلاف المقاتلين السوريين المنضوين تحت قيادتها إلى ليبيا، والذين يحملون مسميات مختلفة، لاستخدامهم كوقود أيضاً لتسعير النار الليبية، أما الهدف فهو ذاته، الرغبة في الهيمنة والسيطرة على الثروات الليبية، ولا سيما النفطية منها.

وفيما يبدو أنه استمرار للنهج التركي المشين والمدمر، تعمل تركيا الآن على تصدير مرتزقتها إلى بلد آخر؛ حيث نقل عن ناشطين ومصادر إعلامية أن تركيا أرسلت أول دفعة لعناصر الفصائل المسلحة السورية «المرتزقة» إلى أراضي أذربيجان على خلفية التصعيد العسكري الحالي بين القوات الأذربيجانية والأرمنية، والاشتباكات الحدودية بين البلدين.

ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان «فإن دفعة من مقاتلي الفصائل السورية الموالية لأنقرة وصلت إلى أذربيجان؛ حيث قامت الحكومة التركية بنقلهم من منطقة عفرين شمال غربي حلب»، وأن «دفعة أخرى تتحضر للخروج إلى أذربيجان، في إطار الإصرار التركي على تحويل المقاتلين السوريين الموالين لها إلى مرتزقة». للقتال ضد القوات الأرمنية.

ويأتي ذلك في وقت أكد فيه وزير الخارجية السوريّ وليد المعلم وجود «من يستثمر في الإرهاب ويدعمه ويغذيه؛ لتحقيق أجنداته المشبوهة، وأن النظام التركي يأتي في مقدمة أحد رعاة الإرهابيين الأساسيين في سوريا والمنطقة»، مشيراً إلى أنّ استمرار الوجود غير الشرعيّ للقوات الأمرِيكية والتركية على الأراضي السورية هو «احتلال». مؤكداً أن «النظام التركي الحالي بات نظاماً مارقاً وخارجاً عن الشرعية الدولية.. ولا بد من وضع حد لسياساته وتصرفاته التي تشكل خطراً على الأمن والاستقرار في المنطقة ككل».

ولو أخذنا بعين الاعتبار ما تقوم به تركيا في الشمال السوري، من ممارسات عدائية، وانتهاكات لكل من السيادة السورية، والعراقية تحت ذريعة محاربة من تسميهم بالمتطرفين الأكراد، من حزب العمال الكردستاني، إضافة إلى عدوانها المتواصل على البلدين بالحد من تدفق المياه في نهري الفرات ودجله خلافاً للقوانين الدولية والاتفاقيات التي تحكم توزيع المياه والحصص في حالات الأنهار العابرة للحدود، فإن ذلك يعني أن تركيا تمارس إرهاباً فعلياً، ولم تكتفِ بممارساتها للإرهاب، وإنما تصدره إلى الدول الأخرى أيضاً، كما هو الحال بنقلها المرتزقة إلى جورجيا، وقبلها إلى ليبيا لخدمة أجنداتها السياسية الخطِِرة، ليس على المنطقة وحسب، وإنما على السلام العالمي أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"