الأزمة السورية الصعبة

03:37 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

لا يبدو أن الأزمة السورية التي حملتها رياح ما سمي ب«الربيع العربي»، منذ العام 2011، إلى هذا البلد العربي في طريقها إلى الحل، أو الانفراج، وسط إصرار الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، على الإبقاء على تدخلها في تفاصيل هذه الأزمة، واستغلال كل طرف ما يجري في سوريا لخدمة أهدافه وأجنداته، سواء كانت اقتصادية أو سياسية، ليبقى الشعب السوري الخاسر الوحيد في هذا الصراع الدموي، الذي أودى بحياة مئات الآلاف، ودمر الكثير من مقدرات الشعب السوري، ناهيك عن الآثار الاجتماعية الخطيرة التي طالت المجتمع السوري، نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب استمرار هذا النزاع.

ومؤخراً حذرت منظمة «أنقذوا الأطفال» من مخاطر تردي الأوضاع الاقتصادية على الشعب السوري، ولا سيما الأطفال، مشيرة إلى أن أكثر من سبعمائة ألف طفل سوري مهددون بخطر الجوع بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وتفشي فيروس كورونا.

وأوضحت المنظمة أن الإحصاءات الجديدة تظهر ارتفاع إجمالي عدد الأطفال الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد خلال الأشهر الستة الماضية، إلى أكثر من 4.6 مليون، وفق ما أوردته وكالة «أسوشيتد برس التي أشارت أيضاً إلى الآثار السلبية لانخفاض قيمة الليرة السورية في الأشهر الأخيرة ما زاد من صعوبة شراء الكثير من السكان للطعام.

وأوردت منظمة «أنقذوا الأطفال» معلومات صادمة عندما أشارت إلى استطلاع يبين انتشاراً غير مسبوق في عدد الأطفال السوريين الذين يعانون سوء التغذية، مشيرة نقلاً عن استطلاع بهذا الشأن إلى أن 65 في المئة من الأطفال لم يتناولوا تفاحة أو برتقالة أو موزة لمدة 3 أشهر على الأقل.

وأشارت المنظمة إلى أن واحداً على الأقل من كل 8 أطفال في سوريا يعانون حالياً مخاطر قد تلازمهم طوال حياتهم، بينها التقزم أو سوء التغذية المزمن،

مؤكدة أن جيلاً كاملاً من الأطفال يعاني خطر الإصابة بسوء التغذية لأن عائلاتهم لم تعد قادرة على تحمل تكلفة وضع وجبة على المائدة.

وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار فقدان سوريا للكثير من ثرواتها الطبيعية، ولا سيما النفط الذي تتقاسم نهبه كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وما يسرقه المحتلون الأتراك، والعصابات الإرهابية، وإصرار هذه القوى على الإمعان في سرقة مقدرات الشعب السوري، يصبح الحديث عن حل قريب للأزمة السورية ضرباً من الخيال.

فقد صرح المبعوث الأمريكي الخاص بالملف السوري جيمس جيفري، بأن قوات الحكومة السورية لن تسيطر على أراض جديدة، وأن على حكومة الرئيس السوري بشار الأسد أن تتأقلم مع هذا الواقع، متناسياً أنه يتحدث عن أراض سورية، تخضع لسيادة الدولة السورية، وليست مقاطعة في بلد آخر.

واعتبر جيفري في مقابلة مع «معهد بيروت»، مؤخراً، بمناسبة الذكرى الخامسة للتدخل الروسي في سوريا، أن سوريا باتت مستنقعاً وأن الإدارة الأمريكية ستحرص على بقاء الأمور على ما هي عليه، حتى نحصل على عملية سياسية تنقذ الشعب السوري وتوفر الأمن للبلدان المجاورة، حسب زعمه، متجاهلاً أن ما يجري الآن في هذا البلد لن يغرق البلاد في المزيد من الفوضى والأزمات وإنما قد يشكل مخاطر حقيقية على المنطقة بأسرها، وأنه ما لم تكف الأيدي الخارجية عن العبث في الداخل السوري، فإن الأوضاع ستسير من سيئ إلى أسوأ، وسوف تعرقل أي خطط لتحقيق أي انفراج سياسي للأزمة، لأن معضلة الأزمة السورية منذ بدايتها كانت بسبب التدخلات الخارجية، وتضارب مصالح القوى المختلفة التي رأت في الجغرافيا السورية ساحة لتصفية الحسابات أو تحقيق المكاسب المادية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"