الثقب البقعي.. الطريق إلى انفصال الشبكية

04:13 صباحا
قراءة 6 دقائق

تعرف المنطقة الموجودة في مركز الشبكية بالبقعة أو اللطخة الصفراء، ووظيفتها في المقام الأول هي الرؤية المركزية، أو الرؤية المستخدمة في القراءة ومشاهدة التلفزيون، والتعرف إلى الوجوه.
تتمزق هذه المنطقة مسببة ما يعرف بالثقب البقعي، وفي العادة يصاب بهذا المرض الأشخاص الأكبر من عمر 50 عاماً، كما أن النساء أكثر إصابة بهذه المشكلة، ويصيب كلا العينين في نحو 15%، ومن الممكن أن يكون سببه تعرض العين لإصابة مباشرة.
تؤدي هذه الحالة إلى خلل في الرؤية المركزية، كما يعاني المصاب رؤية الأجسام بشكل مختلف عن حقيقتها، أكبر أو أصغر، ويصبح استخدام العين في الرؤية المركزية صعباً.
أربع وثلاث
يمر الثقب البقعي بـ4 مراحل، إلا أن المضاعفات تصل في المرحلة الأخيرة منه إلى انفصال في الشبكية، والذي يتسبب في فقد البصر، ومن الممكن أن يساعد سرعة العلاج في تجنب هذه المضاعفات.
يتم تصنيف الثقوب البقعية وفقاً لـ3 أمور، الأول بحسب السبب، فربما كانت الإصابة من دون سبب أو ترتبط بالتقدم في العمر، الشيخوخة، أو بسبب معاناة المصاب لضعف شديد في البصر، أو عند تعرضه لإصابة مباشرة في العين.
يعد التصنيف الثاني بحسب سماكة الشبكية التي تأذت، فإما أن يؤثر الثقب في كامل سماكة الشبكية، وإما أن يؤثر بشكل جزئي فقط فيها، وبصفة عامة فإنه يرتبط بتشكل الأغشية فوق الشبكية، أما التصنيف الثالث فبحسب نتائج التصوير البصري المقطعي التوافقي.

ضمور تدريجي

ترجع الإصابة بالثقب البقعي إلى الشد الذي يولده الخلط الزجاجي على البقعة في الشبكية؛ وذلك حين يبدأ في التقلص أو الضمور التدريجي؛ نتيجة التقدم في العمر، ويمكن تعريف الخلط الزجاجي بأنه سائل هلامي شفاف يملأ مقلة العين.
يحدث انفصال في الخلط الزجاجي؛ وذلك في الحالات الطبيعية عندما يتقدم العمر بالإنسان، فيتقلص السائل الهلامي داخل العين، ومن ثم يبدأ في الابتعاد عن البقعة من دون أن يسبب أي أذى فيها أو أي عواقب تؤثر بالسلب في الرؤية.
يكون القشر الزجاجي لدى البعض ملتصقاً بقوة بالبقعة، وعند حدوث تقلص بؤري عنيف للقشر، يتسبب في حدوث تمزق في النسيج البقعي، وبالتالي يصاب بالثقب البقعي.

إصابة بالعين

يصاب البعض بهذه الحالة عند تعرض العين لرض كليل، وربما حدثت مضاعفات الحسر الشديد أو التنكسات البقعية.
تعد أبرز عوامل الخطر التي تزيد من الإصابة بالثقب البقعي التقدم في العمر، فيزيد معدل الإصابة في المرحلة العمرية بين 60 إلى 80 عاماً، كما أن النساء أكثر إصابة من الرجال بمعدل الضعف.
يزيد كذلك خطر الإصابة لدى من يعانون قصر النظر أكثر من 6 درجات، ولدى من يعانون أي إصابة أخرى بالعين، وكذلك في الحالات التي تعاني ثقباً بقعياً في إحدى العينين فإن العين الأخرى تكون عرضة للإصابة بشكل كبير.

بشكل تدريجي

تتعدد الأعراض التي يعانيها من يصاب بالثقب البقعي، والتي تبدأ بصورة تدريجية، ومن الممكن ألا يشكو المصاب في البداية من أي شيء، إلا أن الأمر ينتهي بفقدان حاد للبصر، عندما تظهر بقعة عمياء مركزية ثابتة.
تبدأ الشكوى في المراحل الأولى من المرض بتشوش قليل في الرؤية، أو ما يُعرف بتشوه المرئيات، ويصفه البعض بوجود غيمة ضبابية في مركز الرؤية، فيصير إدراك الصور وتموج الخطوط المستقيمة مشوشاً.
يزداد الأمر سوءاً مع تطور المرض، فتصبح الرؤية أسوأ، ومن الممكن أن يلاحظ المصاب تشوه الخطوط المستقيمة، وبخاصة أنه يفقد إمكانية القراءة.
يصاب كذلك بكل من الرؤية الضخامية والرؤية المستصغرة؛ حيث يرى الأجسام أكبر أو أصغر من حقيقتها، وينتهي الأمر إلى أن استخدام العين في مهام تعتمد على الرؤية المركزية يصبح صعباً للغاية.

راجع الطبيب

ينصح بمراجعة طبيب أو أخصائي العيون في حال حدوث تشوش أو اضطراب في الرؤية، أو ظهور بقع سوداء؛ لأنه في الحالات التي تعاني الثقب البقعي وأهمل علاجها، فإن الرؤية المركزية تتأثر تدريجياً خلال عام، وعندها يعجز المصاب عن قراءة أكبر الحروف على لوحة فحص النظر.
يعد السبيل الوحيد للوقاية من هذه الحالة التشخيص المبكر؛ ولذلك ينصح بإجراء مراجعات دورية لدى أخصائي العيون، وبخاصة لمن أصيبوا في وقت سابق بهذا المرض في إحدى العينين.
يجب أن يخضع المصاب بالثقب البقعي لفحص شامل للعين، والذي يشمل تصوير الشبكية، وصورة التألق الذاتي، والتصوير البصري المقطعي التوافقي، وفي بعض الحالات يمكن القيام بقياس مجال البصر المجهري.
يمكن أن يتعافى المصاب في بعض الحالات النادرة بصورة تلقائية، ومن الممكن أن يرغب الطبيب المعالج في متابعة تقدم الحالة قبل أن يبدأ في العلاج، وبصفة عامة فإن العلاج المبكر يوفر فرصة الحصول على نتائج أفضل من جهة تحسن الرؤية.

استئصال الزجاجية

يعالج الثقب البقعي في الأغلب من خلال التدخل الجراحي، فيما يعرف باستئصال الزجاجية، ويبلغ معدل نجاح العملية 90% في الحالات التي تكون مدة الإصابة أقل من سنة.
يتمكن أكثر من 70% ممن خضعوا للعلاج بنجاح من قراءة سطرين أو 3 أسطر إضافية من لوحة فحص الرؤية المعيارية؛ وذلك مقارنة مع الحالة السابقة للتدخل الجراحي.
يمكن ألا يندمل الثقب على الرغم من أن الجراحة في عدد قليل من المصابين، وربما استمرت الرؤية المركزية بالتدهور، وفي هذه الحالة من الممكن أن يخضع المصاب لجراحة ثانية، ومن الممكن أن تظل فرص نجاحها جيدة.
تصبح الرؤية مستقرة على أقل تقدير؛ وذلك في الحالات التي لا تحقق الجراحة درجة جيدة من التحسن، كما أنها تمنع تدهور الحالة كذلك.

3 شقوق

تجرى جراحة الثقب البقي تحت المجهر، وهي شكل من أشكال الجراحة التنظيرية، ويتم فيها إجراء 3 شقوق صغيرة في بياض العين، وطول كل شق ملم واحد، ومن ثم يدخل الجراح أدواته الدقيقة من خلالها.
يتم استئصال الهلام الزجاجي أولاً، ومن ثم تقشر الطبقة الرقيقة برفق عن سطح الشبكية المحيطة بالثقب، وهذه الطبقة هي الغشاء المحدد الداخلي، والهدف من هذا الإجراء التحرر من القوى التي تجعل الثقب مفتوحاً.
يلي هذا الإجراء ملء العين بفقاعة غازية مؤقتة، والتي تضغط على سطح الثقب الذي يوجد في الجزء الخلفي من العين؛ وذلك بهدف المساعدة على أن تسده، وخلال وجود الفقاعة فإنها تحجب الرؤية، غير أنها تتلاشى ببطء في مدة لا تتجاوز الشهرين.

مخدر موضعي

يمكن إجراء جراحة الثقب البقعي تحت مخدر موضعي أو كلي، وفي الأغلب يختار المرضى المخدر الموضعي، والذي يتم بحقن المخدر حول العين.
تستمر الجراحة في العادة مدة تراوح بين 45 دقيقة إلى ساعة ونصف، ويمكن للمصاب أن يعود إلى منزله في نفس اليوم، ويحبذ أن يظل إلى اليوم التالي.
يصف الطبيب نوعين أو 3 أنواع من القطرات عقب إجراء الجراحة، وتشمل مضاداً حيوياً وعاملاً موسعاً للحدقة وستيرويد.
يجب أن يراجع المريض الطبيب بعد أسبوعين من إجراء العملية، وفي حالة وجد أن العين المصابة تتحسن، فإنه يطلب تقليل استخدام القطرات.

بعد العملية

ينبغي أن يكون رأس المريض ثابتاً في وضعية معينة؛ وذلك عقب عودته للمنزل ولمدة عدة ساعات، والهدف من الاستلقاء أو الجلوس في وضعية يكون الوجه متجهاً للأسفل؛ أن تظل فقاعة الهواء ملامسة للثقب البقعي قدر الإمكان، وهو ما يساعد على رأب الثقب.
يزيد هذا الوضع من فرص نجاح العملية الجراحية للثقوب الأكثر اتساعاً؛ وذلك بحسب الأدلة، وربما لا تكون هناك ضرورة لهذه الوضعية في حالة الثقوب الأقل اتساعاً.
يمكن أن يطلب الطبيب من المريض تجنب الاستلقاء على الظهر لأسبوعين على الأقل عقب إجراء الجراحة؛ وذلك إذا لم تكن هناك حاجة للاستلقاء، ولابد أن ينام على أحد جانبيه؛ بحيث يستند رأسه على أذنه.

ممنوعات

يمنع المصاب من قيادة أي مركبة أو سيارة طالما كانت فقاعة الهواء موجودة في العين، والتي تظل بعد الجراحة حتى 8 أسابيع، وبمجرد زوالها بصورة كاملة، وهو الأمر الذي يدركه المريض بنفسه، يمكن له القيادة من غير أي قلق.
يخضع بعض المصابين خلال فترة وجود فقاعة الهواء لتخدير عام، ولابد لهم من إخبار طبيب التخدير بوجود الفقاعة؛ وذلك بهدف تجنب بعض المواد المخدرة التي ربما أدت إلى تضخم الفقاعة.
يجب أن يتجنب المصاب التواجد في مناطق مرتفعة أو ركوب الطائرات طالما الفقاعة موجودة في العين؛ وذلك لأنها تتضخم عند الانتقال إلى مناطق مرتفعة، وتسبب ارتفاع ضغط العين بصورة كبيرة.
كما يحتاج معظم الأشخاص الذين خضعوا لجراحة الثقب البقعي إلى الغياب عن العمل لأسبوعين على الأقل، ويعتمد تقدير هذه المدة على نوعية العمل وسرعة الشفاء.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"