عادي
أبرز مشروعات الذكاء الاصطناعي ومنظومة العلم تتأهب

«تعلم الآلة».. خوارزميات تستدعي أنماطاً جديدة للتعليم

01:04 صباحا
قراءة 4 دقائق
تربية وتعليم

تحقيق: محمد إبراهيم

«الذكاء الاصطناعي..المستقبل القادم»، هكذا كان رأي العلماء والخبراء، فمساراته فاعلة وثماره متسارعة تطال جميع المفاصل الحياتية في المجتمعات، وبات على رأس أولويات فكر وخطط الحكومات، بعد أن سجل الروبوت حضوراً لافتاً، وكسب ثقة صناع القرار، لقدرته على أداء مهام متنوعة في المجالات كافة.

«تعلم الآلة»، إحدى ثمار الذكاء الاصطناعي، وأبرز فروعه، إذ بدأت تطل على ميادين العلم بقوة في السنوات القليلة الماضية، لقدرتها على تصميم وتطوير خوارزميات وتقنيات تمكن الحاسوب من خاصية «التعلم».

ويرى خبراء، أن خوارزميات تعلم الآلة، قادرة على استدعاء أنماط جديدة للتعليم في مختلف مراحل التعلم، إذ تعد الأساس في التعليم الآلي، والعقل المدبر في الآلة، التي تستقطب البيانات وتجمعها وتحللها، وتحدد ماهية المهام التي تقوم بها الآلة، معتبرين إياها مظهراً تطويرياً جديداً، ينبئ بقدوم حقبة جديدة في ساحات العلم.

منظومة العلم في الإمارات تتأهب لاستقبال الوافد الجديد، إذ اتخذت وزارة التربية والتعليم خطوات مهمة نحو تأهيل الكوادر وإعدادهم وتعريفهم، بالأدوار الجديدة التي يستقطبها تعليم الآلة.

وأكد تربويون، أن التطوير يعدّ أكبر التحديات التي تواجه المعلم الحالي، ومن تتجمّد طرائقه وتصبح روتينية لا يصلح للقيادة والتوجيه في المستقبل، لاسيما أن مستوى تطويره ينعكس على أسلوبه التعليمي، ورغبته في التغيير وتحسين علاقاته وكفاءاته الشاملة.

ويرى المعلمون أنه، يشكل تحدياً كبيراً يستحق الاستعداد، واستحداث طرائق جديدة للتأهب لمواجهته، مؤكدين أن التدريب المستمر على التعايش مع الآلة، وكيفية إدارتها، بات مطلباً حتمياً، إذ يشكل الاحتياجات الرئيسية للمستقبل، التي تمكن معلمي اليوم من الاستمرارية، في ظل استحواذ الذكاء الاصطناعي، على مفاصل العملية التعليمية.

والسؤال: هل تستطيع الآلة أن تهيمن على ساحة العلم؟ وإلى أي مدى وصلت كفاءتها لتأتي بأنماط جديدة في التعليم؟ وأثارها في مستقبل المعلمين؟ وكيف الاستعداد للتعايش معها؟ تساؤلات كثيرة نرى الإجابة عنها في سطور هذا التحقيق.

خورازميات التعلم

كوننا غير متخصصين، التقينا حصة الطنيجي، عضو الجمعية العربية للروبوت، التي شرحت ل«الخليج» ماهية تعلم الآلة ومسارات التعايش معها في قطاع التعليم، خلال السنوات القليلة المقبلة، إذ أفادت بأن هناك مستويين للتعلم الآلي، «الاستقرائي والاستنتاجي»، ويركز الأول على استنتاج قواعد وأحكام عامة من البيانات الضخمة، إذ إن المهمة الأساسية للتعلم الآلي تكمن في استخراج المعلومات القيمة، لذا يعرف عنه التركيز على التنقيب في البيانات والإحصاء والمعلوماتية النظرية.

وعن تصنيف خورازميات تعلم الآلة، أكدت أنها ترتكز على ثلاثة أنواع من التعلم، تضم التعلم بالإشراف، ويعد أشهر أنواع التعلم الآلي، ومحوره الأساسي، ووجود بيانات وقرائنها الصحيحة وقت التعلم، إذ تشكل أمثلة حقيقية يمكن التعلم منها.

تحليل عنقودي

أما التعلم بدون إشراف، فهو النوع الثاني الذي ينتج فيه التعلم عن وجود بيانات بدون قرائنها الصحيحة، ويعد التحليل العنقودي من أشهر أنواع التعلم بدون إشراف، موضحة أن التعلم المعزز يصنف النوع الثالث لتعلم الآلة، إذ يعد أحد أنواع التعلم بدون إشراف، وعبره تتفاعل الآلة مع البيئة، وتبني خبراتها بناءً عليه، لأن التعليم المعزز له النصيب الأكبر في حل مسائل معقدة في المستقبل. وأضافت أن الخوارزميات المستخدمة في تعلم الآلة، تعتمد على مجموعة من النماذج الرسومية وأدوات القرار، كشجرة القرار ومعالجة اللغات الطبيعية والشبكات العصبية الاصطناعية للقيام بمهمة أتمتة البيانات المُحللة والمعالجة؛ لتحفيز الآلة على اتخاذ القرار، والقيام بالمهام المنوطة بها بكل سهولة ويسر.

حزمة تطبيقات

وقالت إن التعلم الآلي يتضمن حزمة من التطبيقات، منها معالجة اللغات الطبيعية، وتمييز الأنماط ومحركات البحث، والتشخيص الطبي والمعلوماتية الحيوية والمعلوماتية الكيميائية، وتمييز الكلام والكتابة، والأشياء، وبلورة رؤية الحاسوب، والألعاب الاستراتيجية، وتحريك الروبوت.

وعن كيفية العمل، قالت إن الخوارزميات هي الأساس في تطبيق التعلم الآلي، حيث تتألف من سلسلةٍ من الأوامر والتعليمات والإرشادات الضرورية لتوجيه الآلة أو الحاسوب، لماهية تنفيذ المهام، وتؤدي دور العقل المدبر في الآلة، إذ تستقطب البيانات وتجمعها وتحللها.

تسع نقاط

ولخصت الطنيجي، أهمية تعلم الآلة في 9 نقاط، تضم: توفير البيانات الضخمة الضرورية لاتخاذ القرار، والقدرة على تخزين البيانات بأكبر قدرٍ ممكن، ومعالجة البيانات حاسوبياً، يعد أقل كلفةٍ ماديةٍ مقارنة بالعنصر البشري، وتحليل أكبر قدر من البيانات بمختلف مستوياتها «بسيطةً ومعقدةً»، وضمان دقة النتائج والقرارات بأسرع وقتٍ، وتمكين المؤسسات من رصد فرص تحقيق الأرباح وتفادي المخاطر، والتمكين عند اختيار القرار الأمثل من بين مجموعةٍ من بدائل.

وأشارت إلى أنه في الآونة الأخيرة شهدت الكثير من التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي القائم على مبدأ تعلم الآلة، أبرزها الروبوت «صوفيا»، موضحة أن تطوير الروبوتات لغرض التعليم، يمكنها فعلياً أن تدرس مختلف المراحل العمرية، لاسيما أن الروبوت الحالي مؤهل ليكون جزءاً من البنية التحتية التعليمية، وقادراً على توفير الوقت والتركيز على الجوانب الأساسية وتقديم تجربة تعليمية شاملة ومثمرة.

تخفيف النفقات

وترى جوليا جيلارد، رئيسة مجلس إدارة هيئة «الشراكة العالمية من أجل التعليم» أن التوجه العالمي في التعليم، يأخذنا إلى تعلم الآلة، بهدف تخفيف الضغوط على ميزانيات ونفقات التعليم، التي تصل إلى نحو 1.3 تريليون دولار على التعليم المدرسي سنوياً؛ وسيرتفع هذا الرقم ليصل إلى نحو 3 تريليونات دولار، بحلول عام 2030، فضلاً عن الجودة ودقة الأداء الذي تتمتع بها الآلة.

وأكدت أهمية إيجاد نظام تدريس ذاتي، ووجود حملات تعليمية عالمية، لتوحيد الرؤى والبرامج التدريبية، التي تعني تأهيل المعلم وإعداده للمستقبل.

بعض المخاوف

وفي وقفتنا مع مجتمع المعلمين، وجدنا مخاوف تخيم على أفكار بعضهم، إذ أكد «منى الأحمدي، وريبال غسان العطا، وعاطف حسن، وسارة عبد الله، وإبراهيم القباني»، أن انخراط الآلة في العملية التعليمية، وقيامها ببعض أدوار المعلم، أبرز التحديات الجديدة التي تفرض على المعلمين التطوير المستدام، لمواكبة سرعة الوافد الجديد ودقته، في العملية التعليم، موضحين أن تعلم الآلة ليس ظاهرة وقتية، بل سيأتي يوم وسيكون منافساً قوياً للمعلمين في الميدان.

وأكدوا أهمية تطوير المعلمين استناداً إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، لمواكبة المستجدات العالمية في طرائق التدريس واستراتيجياته، إذ إن أكبر تحديات المعلم في الوقت الراهن تكمن في كيفية المحافظة على تطوير مهاراته، في ظل الزحف التكنولوجي، وحتمية مواكبة المتغيرات من أجل البقاء، لاسيما أن التكنولوجيا باتت منافساً قوياً لاستمرارية المعلمين في العملية التعليمية، بعد نجاحها في أداء الكثير من مهام المعلم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"