النيوليبرالية للزراعة الهندية مدمرة

00:54 صباحا
قراءة 3 دقائق
كولين

كولين تودونتر *

 

في مقال نشر عام 2017، تساءلت كيف يمكن أن تكون الهند في المستقبل؟ وخلصت إلى أنه إذا استمرت السياسات النيوليبرالية الحالية على هذا المنوال، فستكون هناك عشرات المدن الضخمة التي يصل عدد سكانها إلى 40 مليون نسمة وسيترك سكانها الريف فارغاً.

قد يعني هذا نزوح مئات الملايين من سكان الريف دون أي عمل. فالسياسات المشار إليها، حظيت أيضاً بدعم كبير على شكل ثلاثة قوانين برلمانية: قانون إنتاج وتجارة المزارعين (الترويج والتيسير) لعام 2020، واتفاقية المزارعين (التمكين والحماية) بشأن ضمان الأسعار والخدمات الزراعية لعام 2020، والسلع الأساسية (تعديل) لعام 2020.

أصدرت الحكومة التي يقودها مودي القوانين في يونيو/حزيران، وتسعى (وفقاً للخطاب الرسمي) إلى إنشاء تجارة خالية من العوائق للمزارعين، والسماح لهم بالدخول في اتفاقيات مع جهات فاعلة، خاصة قبل الإنتاج لبيع المنتجات الزراعية.

وقد أثنى البعض على هذه القوانين، مدعياً أنها ستعمل على «تحرير» الاقتصاد الزراعي بالكامل، ما سيؤدي إلى مزيد من المرونة والكفاءة ويوفر الحرية والاختيار للمزارعين ومشتري المنتجات. ويزعم آخرون أنهم يعملون بشكل فعال، على فرض مبادئ الليبرالية الجديدة على القطاع، مما سيمهد الطريق أخيراً لإعادة هيكلة قطاع الأغذية الزراعية لصالح كبار تجار السلع والشركات الدولية الأخرى. وسيجد المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة، أنفسهم أمام الجدار في مكان يقول «كن كبيراً أو اخرج»، وهو ما يعكس النموذج الأمريكي لزراعة الأغذية وتجارة التجزئة.

وكما ورد في «إيكونوميك تايمز»، فقد قال المتحدث باسم حزب المؤتمر رانديب سورجوالا، إن حزبه سيحارب الحكومة «بكل قوته» بشأن هذه القضية. وقال: «هذه القوانين الثلاثة القاسية هي بمثابة ناقوس الموت للزراعة في الهند. وسيخضع المزارع لحفنة من الرأسماليين المحسوبين».

ويعني القانون المقترح أنه يمكن تجاوز الماندس (مواقع السوق التي تديرها الدولة للمزارعين والتي تشرف عليها لجان سوق المنتجات الزراعية) الذين يبيعون منتجاتهم الزراعية عبر مزاد التجار، مما سيسمح للمزارعين بالبيع للاعبين من القطاع الخاص في مكان آخر (وجهاً لوجه وعبر الإنترنت)، وبالتالي تقويض الدور التنظيمي للقطاع العام. وفي المناطق التجارية المفتوحة للقطاع الخاص، لن يتم فرض أي رسوم (الرسوم المفروضة في الماندس تذهب إلى الولايات، ومن حيث المبدأ، تستخدم لتعزيز البنية التحتية للسوق لمساعدة المزارعين).

وقد يثير البعض التساؤل عمن يحدد السياسة في الهند عندما يفقد مئات الملايين من الناس العاديين مصادر رزقهم. فبدلاً من اتباع مسار التطور الديمقراطي، اختارت الحكومة الهندية الخضوع لنظام التمويل الأجنبي، في انتظار إشارات حول المبالغ التي يمكن أن تنفقها.

إن إدارة مودي متوافقة تماماً مع سياسات البنك الدولي المؤيدة للشركات «لتمكين الأعمال الزراعية» وغيرها من السياسات المماثلة الهادفة إلى مزيد من دمج الدول القومية في الحظيرة الليبرالية الجديدة، مع مساواة السياسات النيوليبرالية ب«التنمية».

ومن خلال جلب القوة الكاملة لتحرير الاقتصاد الزراعي، ومن خلال عملية إعادة هيكلة المجتمع الهندي بشكل أساسي (حوالي 60% من السكان لا يزالون يعتمدون على الزراعة لكسب عيشهم)، سيتم تفريغ أي بقايا من السيادة الاقتصادية ووضع الدولة السيادية، وستصبح الهند شركة فرعية مدمجة بالكامل في الرأسمالية العالمية ونظامها الغذائي المعيب والاستغلالي بشكل أساسي.

وهذا يطرح السؤال التالي: ماذا يخبئ المستقبل لمئات الملايين من الآخرين الذين سيكونون ضحايا لسياسات نزع الملكية للرأسمالية النيوليبرالية؟

* كاتب مستقل وباحث سابق في السياسة الاجتماعية مقيم في المملكة المتحدة والهند. (كاونتر بانش).

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"