عادي

جميل مطر: "الخليج" رافد عروبي حافظ على الهوية

15:53 مساء
قراءة 4 دقائق
كاتب مصري

القاهرة: «الخليج»، غريب الدماطي
جميل مطر مفكر وكاتب مصري بارز في الفكر المستقبلي، والسياسة الدولية، تتسم كتاباته بالتخصص الدقيق، والتناول العميق، فهو أيضاً أحد شيوخ الدبلوماسية والصحافة في العالم العربي. عاصر مراحل تطور جريدة الخليج خلال عقود ماضية، وارتبط بها كاتباً ومفكراً عربياً مهتماً بالقضايا العربية والدولية، وباحثاً مهموماً بموقع مضيء للأمة العربية وسط التحديات العالمية، التي لا تنتهي.
تحدث جميل مطر، الذي يحمل التاريخ والدبلوماسية والصحافة بين أضلعه وعقله عن علاقته ورؤيته لجريدة «الخليج»، في ذكرى مرور 50 عاماً على صدورها، فقال: جريدة «الخليج»، كانت الوسيلة العظمى لمعرفتنا بمنطقة الخليج، إلى جانب صحيفتين كانتا تصدران في الكويت، لكن «الخليج» شكلت بالنسبة لنا- كصحفيين وكتاب مصريين- بوابة ونافذة عناية في الأهمية، للاطلاع على المنطقة، خاصة على دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، خلال سبعينات القرن الماضي.
وأضاف أن الشقيقين الراحلين تريم وعبدالله عمران، رحمهما الله، استطاعا وببراعة شديدة أن يحددا بوصلة الصحيفة؛ بل وكافة إصدارات الدار؛ حيث تبنت وجهة نظر التيار العربي والقومي الجارف، واستطاعا تشكيل الوعي بأهمية العروبة، وسط تحديات جسام، وفي مواجهة تيارات ظلامية، تستهدف المنطقة؛ بل الهوية العربية ذاتها.
واستطاعت «الخليج» بما امتلكته من إدارة واعية بشؤون وتحديات وتطلعات الأمة العربية، أن تقفز من نطاق المحلية إلى الإقليمية، ثم العالمية، وخاضت معارك الصمود والتصدي، وحفرت لذاتها مجرى كبيراً شكل رافداً وصوتاً معبراً عن التيار القومي وبحرفية شديدة، وكانت وما زالت إحدى الأصوات القليلة، التي ما زالت تمسك على جمر الحرية والعروبة والتنوير.
ويواصل جميل مطر، حديثه عن «الخليج»: هنا لا بد أن أشيد أكثر وأكثر بالراحلين العزيزين تريم وعبدالله عمران؛ حيث استطاعا وبذكاء شديد الجمع بين الوظيفة السياسية، والوظيفة السياسية والاجتماعية لإصدارات دار الخليج، لاسيما أن تريم كان مسؤولاً تنفيذياً في دولة الإمارات؛ حيث كان في مقتبل عمره سفيراً لدولة الإمارات في القاهرة، وكان شقيقه الراحل عبدالله وزيراً للتعليم، وكانت تلك التجربة منذ نشأتها شيئاً جديداً وفريداً في العالم العربي، وقد أجاب الشقيقان عن السؤال الصعب، كيف يمكن أن تكون مسؤولاً في دولة ما، وتصدر صحيفة شديدة الحرص على أن تمارس الحرية والنقد البناء.
وقال جميل مطر: يحسب لأصحاب التجربة الأعزاء، أنهم استطاعوا بذكاء ومهنية رفيعة اختيارهم الكتاب من أفضل كتاب العالم العربي في شتى المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية، كتاب ممن لهم وزنهم المهني والسياسي، واستطاعوا توصيل أفكارهم من خلال إصدارات دار الخليج، خاصة صحيفة «الخليج»، ومركز الدراسات ومجلة «الشروق» الرصينة.
وأضاف مطر، أنه بحكم علاقتي وقربي من الشقيقين الراحلين، فقد مرت «الخليج» بتحديات ضخمة، سواء من الناحية الأيديولوجية والسياسية، واستطاعت ببراعة الصمود ضد التيارات الجديدة، وخاضت معارك في مواجهة العولمة، واستطاعت الحفاظ على رونقها العروبي الأصيل الرصين، كما خاضت معارك كبرى ضد التطبيع والتفكير المادي، والآن يمكن القول بعد رحيل العزيزين تريم وعبدالله، استطاع الأبناء مواصلة التحدي الأكبر، ونجحت «الخليج» فيما لم يفلح فيه الآخرون من التطور التكنولوجي، وانتقلوا سلمياً من توصيل الخبر أو الرأي إلى القارئ الذي لم يعد يقرأ الإصدار الورقي، وهنا تكمن عبقرية الأبناء في الحفاظ على قيمة وأهمية الإصدار الورقي، في ظل التحول الرقمي، الذي يشكل الآن التحدي الأكبر، ليس فقد أمام القارئ؛ بل يشكل تحدياً أمام الكاتب أيضاً، خاصة في منهج التفكير والفكر، لاسيما أنه مع التحول الرقمي تغيرت طريقة التفكير لدى الكتاب والصحفيين والقارئ أيضاً.
وأضاف مطر أنه يحسب ل«الخليج» نجاحها في كل معاركها والتحديات التي واجهتها منذ تأسيسها حتى الآن. وأشهد أن أصحاب الدار تعرضوا لمشكلات شخصية كبيرة بسبب ضخامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم، كونها تعبر عن تيار واضح وحفرت لذاتها مكانة وقيمة في السوق، فقد قاومت التحديات بنجاح، كما استطاعت الدار الانتقال إلى ما هو حديث في عالم صناعة الصحف بنجاح أيضاً، ومن سيكتب تاريخ الصحافة العربية لا بد أن يذكر تلك العائلة بأنهم أثروا في الوجدان العربي، وحافظوا على الهوية العربية وخاضوا معارك الصمود والتصدي، ونجحوا في الانتقال الحديث متماسكين غير فاقدين لأهمية ما أسسه الآباء.
وأكد مطر أنه من خلال متابعته اليومية لكافة إصدارات الدار، فقد استطاعت جريدة «Gulf To Day» النسخة الإنجليزية من «الخليج»، القيام بدور تنويري لتمكين المرأة بعمق شديد، كنا فقط نسمع عنه، فبات الآن واضحاً بتأثير الصحيفة، كما مثلت مجلة «كل الأسرة» تجربتها الفريدة في التناول والتطور والتأصيل والتنوع، وتحديها الجديد في التحول الرقمي أيضاً، وهذا الجهد المضني لا يمكن أن يتأتى إلا من أجيال اكتسبت خبرة الأساتذة الآباء المؤسسين.
وقال مطر إن «الخليج»، لعبت دوراً عظيماً في القضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، وكانت صوت المقاومة بامتياز في مواجهة الاحتلال، وحملت الرسائل والدور السياسي والتنويري بقضية العرب الأولى، وكذلك لعبت دوراً تنموياً.
وأكد مطر في ختام حديثه: «لقد كانت تجربتي في صحيفة «الخليج» غنية بالمواقف الإنسانية والمهنية والسياسية، وأحمل ذكريات صداقة قوية مع الراحلين العزيزين تريم وعبدالله، رحمهما الله، وخرجت من حيز العلاقة بين كاتب يعتز بالصحيفة، التي كتب فيها، وصاحب جريدة، لتصبح تجربة مثيرة استفدت منها كثيراً في مشواري المهني الطويل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"