إفريقيا على مفترق طرق

00:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
مليون

مليون بيلاي *

نظراً لأن «كورونا» يهدد المجتمعات الزراعية في جميع أنحاء إفريقيا التي تكافح بالفعل مع تغير المناخ، فإن القارة تقف عند مفترق طرق، فهل ستستمر شعوبها وحكوماتها في محاولة تكرار نماذج الزراعة الصناعية التي تروج لها البلدان المتقدمة، أم أنها ستنتقل بجرأة إلى المستقبل الغامض، متقبلة الزراعة البيئية؟

 لقد حان الوقت للاختيار. ومن المتوقع أن تتجاوز إفريقيا جنوب آسيا بحلول عام 2030 باعتبارها المنطقة التي بها أكبر عدد من الجياع؛ إذ يعاني 250 مليون شخص في إفريقيا الآن «نقص التغذية»، وهو مصطلح الأمم المتحدة للجوع المزمن. وإذا لم تتغير السياسات، يتوقع الخبراء أن يرتفع هذا العدد إلى 433 مليوناً في عام 2030.

 إن نموذج الثورة الخضراء للزراعة، ببذوره التجارية وأسمدته الصناعية، فشل في تحقيق تقدم للمزارعين في إفريقيا، فمنذ عام 2006، وتحت راية تحالف المليار دولار من أجل ثورة خضراء لإفريقيا (أجرا)، أتيحت لتلك الاستراتيجية فرصة غير مسبوقة؛ لتوليد إنتاجية ودخل وأمن غذائي محسّن لصغار المزارعين.

 ووفقاً لتقرير حديث بعنوان:«وعود كاذبة»، تشير الدلائل من 13 دولة تابعة للتحالف إلى أن هذه الوعود تأخذ إفريقيا في الاتجاه غير الصحيح، وقد تحسنت الإنتاجية بشكل هامشي، فقط بالنسبة لعدد قليل من المحاصيل المختارة مثل الذرة، في حين اختفت بعض المحاصيل الأخرى؛ من جرّاء الجفاف الناتج عن إهمال الوكالات المانحة وقادة الحكومات. وهذا يترك المزارعين الفقراء مع تنوع أقل في المحاصيل في حقولهم وأطعمة مغذية أقل في أطباق أطفالهم.

 وتبدو الأسر الزراعية الصغيرة، المستفيدة والمستهدفة من برامج الثورة الخضراء، بالكاد أفضل حالًا؛ إذ لا يزال الفقر مرتفعاً، وزاد انعدام الأمن الغذائي الحاد بنسبة 31٪ عبر 13 دولة تابعة ل «أجرا»، وفق مقياس الأمم المتحدة.

 وتعد رواندا، البلد المؤسس ل«أجرا» الذي ترأسه أجنيس كاليباتا، مثالاً على عدم نجاح هذا التحالف، فقد زاد إنتاج الذرة أربعة أضعاف منذ أن ظهر «أجرا» في عام 2006 تحت قيادة كاليباتا، وزيرة الزراعة، لكن على الرغم من ذلك يشير تقرير «وعود كاذبة» إلى رواندا إلى أنها «طفل أجرا الجائع»؛ إذ يبدو أن كل هذه الذرة لم تفد فقراء الريف. وتراجعت المحاصيل الأخرى، وزاد عدد الروانديين الذين يعانون نقص التغذية بنسبة 41٪ منذ عام 2006، وفقاً لأحدث أرقام الأمم المتحدة.

 ومع وجود جائحة تهدد بتعطيل ما لم يفعله تغير المناخ، تحتاج إفريقيا إلى اتخاذ مسار مختلف، يركز على إدارة المزارع البيئية باستخدام طرق منخفضة الكُلفة، ومنخفضة المدخلات، وتعتمد على مجموعة متنوعة من المحاصيل؛ لتحسين التربة والأنظمة الغذائية.

العديد من المزارعين بدأوا بالفعل في هذا المسار، وتتخذ بعض الحكومات خطوات جريئة؛ لتغيير المسار،إذ  بذلت إثيوبيا، التي قللت من حالات نقص التغذية من 37٪ إلى 20٪ منذ عام 2006، جهوداً استمرت 25 عاماً في منطقة تيجراي الشمالية؛ لتعزيز السماد الطبيعي، وليس الأسمدة الكيماوية فقط، جنباً إلى جنب مع ممارسات المحافظة على التربة والمياه، والممارسات البيولوجية ومكافحة الآفات. وفي التجارب الميدانية، أثبتت هذه الممارسات أنها أكثر فاعلية من مناهج الثورة الخضراء.

 أما مالي، وهي دولة منتمية ل«أجرا»، فحققت أكبر نجاح في الحد من انتشار الجوع (من 14 ٪ إلى 5 ٪ منذ عام 2006). ووفقاً لدراسة حالة في تقرير «وعود كاذبة»، لم يتحقق التقدم؛ بسبب «أجرا»؛ لكن بسبب مقاومة الحكومة ومنظمات المزارعين النشط لتنفيذه. وتضمن قوانين الأراضي والبذور حقوق المزارعين في اختيار محاصيلهم، وممارساتهم الزراعية.

* منسق التحالف من أجل السيادة الغذائية في إفريقيا. ( موقع كومون دريمز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"