انتخابات تحبس الأنفاس

22:52 مساء
قراءة 3 دقائق

حافظ البرغوثي

يتوجه اليوم أكثر من نصف الناخبين الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم في ظل حملة انتخابية محمومة تبادل فيها المرشحان الشتائم وتخللتها أكاذيب في ظل جائحة كورونا، التي خيمت منذ البدء على خطب المرشحين. 

ويتوقع أن تشهد هذه الانتحابات نسبة تاريخية في عدد المقترعين بعد أن اقترع أكثر من 92 مليوناً عبر البريد أو بالاقتراع المبكر قبل يوم الاقتراع بسبب ارتفاع حدة الاستقطاب في المجتمع الأمريكي، نظراً للأحداث التي شهدتها في الفترة الأخيرة من احتجاجات ضد سياسة ترامب العنصرية. ويعكس العدد المرتفع للتصويت المبكر، وهو نحو 65 في المئة من إجمالي المشاركين في انتخابات عام 2016، الاهتمام الشديد بالانتخابات الحالية.

 وركز الرئيس ترامب نهاية حملته على توجيه النقد اللاذع للمسؤولين المعنيين بالتصدي للفيروس والعاملين في المجال الطبي. وتظهر استطلاعات الرأي تراجع ترامب خلف بايدن على مستوى البلاد، لكن المنافسة محتدمة أكثر في الولايات التي ستقرر نتيجة الانتخابات. 

وقال بايدن في تجمع انتخابي، حضره الرئيس السابق باراك أوباما: «لا يهمني إلى أي مدى يحاول دونالد ترامب. لا يوجد أي شيء- دعوني أقول ذلك مجدداً- ليس بوسعه القيام بأي شيء لمنع شعب هذا البلد من التصويت بأعداد غفيرة واسترداد هذه الديمقراطية». 

أما ترامب فسخر من بايدن لانتقاده سجل الجمهوريين في مكافحة «كورونا»، الذي أودى بعدد كبير من الأرواح في الولايات المتحدة أكثر من أي بلد آخر في العالم.

وقال ترامب للحاضرين الذين لم يضع بعضهم الكمامات: «شاهدت جو بايدن وهو يتحدث، كل ما يتحدث عنه هو كوفيد كوفيد. ليس لديه أي شيء آخر ليقوله سوى كوفيد كوفيد». وقال إن الولايات المتحدة «على بعد أسابيع فقط» من التوزيع الشامل للقاح آمن للوقاية من «كوفيد- 19» الذي يدفع المستشفيات إلى العمل بكل طاقتها ويقتل ما يصل إلى ألف شخص في الولايات المتحدة يومياً. ولم يذكر ترامب تفاصيل تدعم تصريحاته بشأن لقاح وشيك. وكان كرر مراراً إن اللقاح على وشك التوزيع في يوم الاقتراع، لكن أقواله كانت إعلامية انتخابية لا أساس لها من الصحة.

وحاول ترامب إبراز نجاحاته الاقتصادية وجهوده في مجالات أخرى غير كورونا، لكن منافسه ركز على سوء إدارة ترامب في مواجهة الفيروس الذي حصد أرواح أكثر من 220 ألف أمريكي وأصاب عشرة ملايين. وفي الانتخابات الماضية، استغل ترامب معدلات الإقبال المنخفضة على الاقتراع بين السود في ميشيجان للفوز، بينما يقوم بايدن بحملات مع أول رئيس أسود للبلاد، آملاً بذلك في حشد الناخبين الأمريكيين من أصل إفريقي.

 ويقول مسؤولون في ولايات عدة ومنها بنسلفانيا وويسكونسن إن الأمر قد يستغرق أياماً عدة لفرز كل البطاقات المرسلة بالبريد، وهو ما يعني انعدام اليقين لأيام إذا تعلقت النتيجة على تلك الولايات. ولدخول البيت الأبيض يحتاج المرشحان للرئاسة الأمريكية إلى 270 صوتاً -أي النصف زائد واحد- على الأقل من مجمل أصوات أعضاء «المجمع الانتخابي» البالغ عددهم 538 مندوباً، أي ما يوازي عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي. ولكل ولاية أمريكية عدد معين من الأصوات داخل هذا المجمع بحسب عدد سكانها وعدد النواب الذين يمثلونها في الكونجرس الأمريكي. 

تجدر الإشارة هنا إلى أن ولاية كاليفورنيا، أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان، لها 55 صوتاً في المجمع، في حين يبلغ عدد أصوات فلوريدا 27 صوتاً. وفي المقابل لا تحتسب أصوات الناخبين المقيمين في العاصمة الأمريكية واشنطن فهي ليست ممثلة في الكونجرس الأمريكي، على الرغم من أن سكانها من دافعي الضرائب مثلهم مثل باقي المواطنين الأمريكيين وربما كان الظن أن العاصمة واشنطن سوف تكون مجرد مقر للحكومة الأمريكية وأجهزتها، فيما يدلي كل المواطنين بأصواتهم في الولايات التي ينحدرون منها. ومن غرائب الانتخابات الأمريكية، أنه في بعض الأحيان لا يفوز من يحصد أصواتاً أكثر؛ حيث فاز الرئيس بوش الابن سنة 2000 على منافسه آل جور على الرغم من حصول الأخير على نصف مليون صوت أكثر لان المهم هو عدد المندوبين.

والسؤال: ماذا سيحدث خلال الفترة التي قد تكون طويلة بانتظار ظهور نتائج الانتخابات، فمن سترشحه النتائج الأولية كفائز قد يخسر بعد فرز بطاقات البريد لهذا ستشهد الولايات المتحدة فترة من حبس الأنفاس والتوتر وقد تحدث اضطرابات عنيفة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"