فريد رمضان

00:31 صباحا
قراءة دقيقتين


 

لم أعرفك إلا قليلاً، فلماذا تغادر قبل أن أملأ الروح منك وأنت كون من الضوء، لماذا تغادر باكراً من غير حتى أن نفي بما تواعدنا عليه.
عرفتك قليلاً كثيراً عميقاً ككائن أسطوري من الود والمحبة والإخلاص والوفاء والشيمة والنقاء، لماذا أيها الصديق احتفلت بعيد مولدك قبل يومين من الرحيل وكأنك تودعنا فيه، تغادر وكأنك تريد أن ترى عيون محبيك جاحظة مليئة بالدمع والذهول؟
ترى أي قلوب نزفت لفراقك، لتكتب رواية جديدة حول خصوصية الوجد والوفاء والمحبة؟.
تكتب إحساس الحضور والغياب، لم أعرفك إلا قليلا، لكنك كتبتَ لي ذات رسالة «لك في القلب منزلة»، فرددتُ عليك «ولك في القلب محبة»، كنا على موعد قريب لأسلمك ما لدي مما كتب عنك أو لك، كنت أحضر نفسي وأمني النفس بلقائك مرة أخرى فكيف لي أن أنعاك؟.
لست مجرد إنسان عابر يعبر كطيف خيال ويتلاشى، ولا مجرد كاتب نتعرف عليه عبر سطور مقالة أو كتاب أو رواية أو فيلم، أنت فريد كما سُميت، فريد في خصال الوفاء والمحبة والود والعطاء، ابتسامتك الصافية النقية تشي بك حتى وأنت على سرير المرض، أيها المحارب الذي علم «السكلر- مرض فقر الدم المنجلي» دروساً في الصبر والأمل، كيف لي أيها الفريد أن أزور البحرين ولا أراك؟.
ما عرفتك إلا قليلاً، وقد كنت أمني النفس أن أتضوع بعطرك الأخير للعائلة أعبر معك البرزخ كنجمة في سفر لأرى تلك الصغيرة التي تشبهك، نصوغ موسيقانا الخاصة على رنين الموج أو تصنع لوحة من نوران ليس لها إطار، نتعمق في سوافح ماء النعيم، ونأكل من التنور ما طاب من خبزه في ظل غيمة تحت باب البحرين، نسمع من الغلام القتيل طرفة بن العبد آخر أشعاره، نكون ذلك الزائر الذي يغوص في عمق زهرة الخليج «البحرين» على صهوة خيل عربية يتعرف الى صناعة سفنها وفخارها ونسيجها وقلاعها وطيبة شعبها، نحمل راية البشارة للشجرة النائمة في سكون، ونغني «طق يا مطر طق» وقوس قزح يمرح دون خسوف على درب المصل، نبني بالأمس في سكون لزينب مكان خاص جداً لا شكوى فيه.
كتبت لي أيها الفريد إهداءً على روايتك «المحيط الإنجليزي» قلت فيه: «على هذا المحيط أن يتسع أكثر لنملأه بالحب حتى يفيض» فلماذا تركتنا قبل أن نملأه وكأنك تعلمنا صبر الملح.
فريد رمضان أيها المغادر في رحاب الله لك الدعاء بالسكينة والرحمة والمغفرة وجنة عرضها السماوات والأرض، ولك في قلوبنا حب لا ينضب.
وداعاً أيها المحارب البديع.. ما عرفتك إلا قليلاً لكني أحببتك كثيراً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"