واشنطن موحدة في مواجهة الصين

00:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

جوردان شنايدر *

من المرجح أن تظل واشنطن مشلولة حتى عندما يتولى جو بايدن مهام منصبه، وسيكون الكونجرس الأمريكي منهمكاً في متابعة تشريعات رئيسية تتعامل مع عدد كبير من الأزمات التي يواجهها، بما في ذلك البطالة الهائلة والوباء المستعر والتغير المناخي الكارثي، لكن قضية واحدة فقط يمكن أن يلتقي عندها مجلس النواب الذي يقوده الديمقراطيون ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الجمهوريون، ألا وهي الصين.

قد ينقسم الحزبان حول كل شيء، لكن أجنداتهما التشريعية حول الصين تجمع بينها كثير من القواسم المشتركة. كلاهما يقترح زيادة الدعم للبحث والتطوير وتأمين سلاسل التوريد الأمريكية الضعيفة. ولا يخجل أي منهما من تحدي الإجراءات الصينية في شينجيانج وهونج كونج. ومن هنا ستكون الصين واحدة من الأهداف التشريعية القليلة للغاية التي من المحتمل أن تشهد حركة حقيقية نشطة في دوائر الحزبين.

يعد البحث العلمي والتكنولوجي من أكثر المجالات الواعدة للتعاون بين الحزبين، فقد ساعدت مبادرة «صنع في الصين 2025» على إيقاظ صناع القرار الأمريكيين في ما يخص طموحات الصين التكنولوجية، لكن «كوفيد  19» ركز اهتمام المشرعين أكثر من أي شيء آخر على الصين. وسبق أن اقترح أعضاء في الكونجرس عدداً من مشاريع القوانين الهادفة جميعها إلى الحفاظ على التفوق التكنولوجي لأمريكا. ويخصص مشروع قانون «إندلس فرونتير» المتفق عليه بين الحزبين، مبلغ 100 مليار دولار لإنشاء هيئة تكنولوجية داخل مؤسسة العلوم الوطنية. كما يقترح قانون «قيادة أمريكا» الصادر عن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ 300 مليار دولار من الإنفاق الفيدرالي الجديد على البحث والتطوير على مدى السنوات الأربع المقبلة.

لكن الخلاف بين الحزبين يدور حول كيفية إنفاق هذا الكم الهائل من الأموال الجديدة. كلا الطرفين يدعم البحث التطبيقي في عدد قليل من القطاعات الرئيسية: أشباه الموصلات والاتصالات والحوسبة الكمية، والذكاء الاصطناعي، كلها مطروحة على الطاولة.

وبالمقابل، تحظى نقاط الضعف في سلاسل التوريد بالتركيز حول توفير حلول مختلفة لتشخيص مشترك للمشكلة، حيث يقترح تقرير الجمهوريين حوافز ضريبية جديدة لمعالجة هذه القضية، بينما يقترح قانون «قيادة أمريكا»، زيادة التمويل المخصص لوزارة التجارة، ولكن بغض النظر عن الاختلافات في الطريقة، فإن جائحة «كوفيد  19» أوجدت إحساساً مشتركاً بمدى أهمية معالجة المشكلة، إلا أن خطط توفير تمويل مثل هذا التشريع، قد تتغير في ظل إدارة بايدن. 

ومع وجود ديمقراطي قوي في البيت الأبيض، فإن الحزب الجمهوري من المحتمل أن يعيد اكتشاف قلقه بشأن الديون والعجز. مثل هذا التحول الفلسفي من شأنه أن يقضي على الآمال الخاصة بتوفير النفقات الهائلة على البحث والتطوير أو مرونة سلاسل التوريد.

ولا يقتصر الأمر على ذلك؛ بل يؤيد أعضاء من كلا الطرفين اتخاذ مزيد من الإجراءات الملموسة للتعامل مع أزمات حقوق الإنسان في هونج كونج وشينجيانج. ويطالب قانون «قيادة أمريكا» ببرنامج تأشيرة خاص للأويجور، وضحايا الاضطهاد السياسي في هونج كونج، وقدم السناتور الجمهوري بن ساسي تشريعات مماثلة خاصة به في أواخر مايو. كما أعرب الجمهوريون في الكونجرس عن دعمهم لإعادة تأكيد مشاركة الولايات المتحدة مع المنظمات الدولية، التي كانت لفترة طويلة، ركيزة أساسية لأجندة السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي.

وفي حين أظهر مجلس الشيوخ تعاوناً ملحوظاً بين الحزبين في مجال حقوق الإنسان وأشباه الموصلات، فإن العمل في مجلس النواب يسير على نفس الطريق على الرغم من أنه توقف في عام 2020.

من المحتمل ألا تؤدي انتخابات الرئاسة، وإمكانية وجود حكومة منقسمة بشدة  إلى عامين آخرين على الأقل  إلى تغيير تصور الحزب الشيوعي الصيني بأن أمريكا في حالة تدهور، لكن في حين أن الاستقطاب الحزبي سيستمر في التأثير في السياسة الأمريكية، فإن مخاوف الأمريكيين بشأن الصين قد تكون كافية للدفع بمبادرة نادرة متفق عليها من كلا الحزبين. وإلا فإن الكونجرس سيتنازل عن ساحة المعركة للصين دون قتال.

* عضو فريق الأمن الأمريكي الجديد. فورين بوليسي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"