مجلس الشيوخ وثورة الطاقة النظيفة

00:30 صباحا
قراءة 3 دقائق

كارل بوب *

يمكن للتجاذبات السياسية الحد من قدرة بايدن على تحقيق أهدافه المعلنة في مجال حماية البيئة، خاصة إذا قاد ميتش مكونيل مجلس الشيوخ الجمهوري في سن التشريعات. أما إذا فاز المرشحان الديمقراطيان لولاية جورجيا في انتخابات الإعادة، فقد يستطيع مجلس الشيوخ بقيادة تشاك شومر، كبح خلافات هوامير النفط الجمهوريين مع صقور حماية البيئة والوسطاء المعتدلين.

في كلتا الحالتين، سيجد الرئيس بايدن صعوبة في الوفاء بتعهده بإزالة نفث الكربون من قطاعي الطاقة، والنقل البري، في سعيه نحو تحقيق اقتصاد طاقة نظيفة بنسبة 100% بحلول منتصف القرن.

بعد انتخابات الشهر الماضي، أرسل لي صديق مقالاً كتبته قبل أربع سنوات في أعقاب فوز دونالد ترامب، أشار فيه إلى مدى دقة توقعاتي بشأن المناخ، في ظل رئاسة ترامب. راجعت المقال وفوجئت بمدى دقته، ولكن حتى في ذلك الوقت، كان هناك سبب لافتراضي، هو أن جهود ترامب اليائسة للحفاظ على صناعة الفحم ستتراجع بسبب الواقع الاقتصادي نتيجة تلاشي ربحية ذلك الوقود. وكان من الممكن أن نأمل في أن يطغى زخم الطاقة النظيفة للمدن، والولايات والشركات الأمريكية، على معارك الكونجرس بين منكري مشكلة المناخ والمدافعين عن قضية خفض الانبعاثات، فضلاً عن المعاهدات الدولية المبرمة بهدف حماية البيئة.

حتى ذلك الحين، كانت طاقة الرياح والطاقة الشمسية تحد من توليد الطاقة بوقود الفحم والغاز. واليوم أصبحت البطاريات الكهربائية رخيصة بما يكفي، للتخلي عن السيارات التي تعمل بالبنزين والديزل، كما أن المنافسة الجديدة بين وقود الهيدروجين والكهرباء كفيلة بإزالة الكربون من قطاع الصناعات الثقيلة، المسؤولة عن ثلث غازات الاحتباس الحراري العالمي. ولا بد أن تغتنم المدن والولايات والشركات الأمريكية الفرص الاقتصادية التي توفرها هذه التحولات.

فقد أعلن مركز شمشون للطاقة الشمسية مؤخراً، إنشاء محطة توليد طاقتها 1300 ميجاوات في تكساس، وهي الأكبر في الولايات المتحدة. لم يكن هذا المشروع نتيجة لتفويض حكومي، ولكن نتيجة اتفاقيات شراء الطاقة بين أربع شركات مدرجة على مؤشر «فورتشن 500»، وثلاث بلديات متوسطة الحجم في تكساس، وكلها تريد 20 عاماً من الطاقة الرخيصة المضمونة التي وعد بها مركز شمشون.

الجدير ذكره أن ذلك حدث خلال رئاسة ترامب؛ لذا فمن الصعب تخيل مجلس شيوخ جمهوري في خلاف مع البيت الأبيض، يعرقل مسيرة ثورة الطاقة النظيفة التي تعمل على تغيير قطاع الطاقة في الولايات المتحدة، وكهرباء السيارات والشاحنات والمباني.

يمكن القول إن الابتكارات في القطاع باتت تمثل القسم الأكبر من الاقتصاد الأمريكي. وفي الوقت الذي يساند بايدن قضايا البيئة، فلا بد أن يجد في المجتمع الأمريكي أنصاراً أقوياء في نزاعه المفترض مع الكونجرس. صحيح أن الولايات المتحدة لم تعد في مركز قيادة العالم على هذا الصعيد، لكن الموقف الأخضر في أوروبا، وما كشفت عنه جائحة كوفيد  19 من تأثير النشاط البشري في انبعاث الغازات، حفز الصين واليابان وكوريا الجنوبية على إطلاق برامج للخلاص من الكربون بحلول عام 2060.

ومن المتوقع أن يضغط المصنعون الأمريكيون على الكونجرس لدعم الانتقال الوطني إلى السيارات والشاحنات الكهربائية. ومع تدفق أموال البحث والتطوير على المركبات الكهربائية وتخليها عن المحركات التقليدية، لا بد أن تحقق السيارات الكهربائية نقلات نوعية على صعيد الأداء والأسعار معاً.

هذا لا يعني أن حماسة بايدن غير مهمة. فعلى الرغم من حرصه على وظائف ملايين السائقين الأمريكيين، سيجد من خلال الطاقة النظيفة حلولاً لمشكلة التوظيف في قطاعات أخرى بالتعاون مع الكونجرس حتى لو كان منقسماً، فناخبو ترامب وناخبو بايدن لديهم كثير من القواسم المشتركة.

* الرئيس السابق لنادي «سييرا» ومؤلف كتاب «بارقة أمل».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الرئيس السابق لنادي «سييرا» ومؤلف كتاب «بارقة أمل»

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"