عادي

لغــة الضــــاد

01:31 صباحا
قراءة 3 دقائق
3

محمد أحمد الملا *

ظلت العربية ولقرون طويلة مضت اللغة الحضارية الأولى في العالم بأسره، وأسهمت في نقل تاريخ وثقافة الحضارات العربيّة لشعوب العالم في شتى بقاع الأرض، وكانت سبباً رئيساً في توحيد الأمة من المحيط إلى الخليج، وحارساً أميناً للهوية العربية، وحافظاً لتاريخ العرب وبطولاتهم وأمجادهم.

 وقد أضفت معجزة نزول القرآن الكريم بالعربية الكثير من القداسة لدى شعوب العالم الإسلامي لهذه اللغة، فأضحت لغة إسلامية، وأصبحت مسألة حمايتها والحفاظ عليها مسؤولية مجتمعية، بل ومطلباً شرعياً لكافة الشعوب الناطقة بها.

ومنذ قيامها عملت الإمارات على قيادة الجهود التي تهدف إلى الحفاظ على لغة الضاد وحمايتها بتبنيها العديد من المبادرات المخلصة، والرامية إلى تكريس مكانتها في المجتمع المحلي والعالمي بوصفها القلب النابض للهوية الوطنية، وروح الأمة، ووعاء فكرها، وتراثها وأصالتها.

 إن الدور الأكبر في تعظيم العربية والنهوض بها يقع ولا شك على كاهل معلمينا في المدارس فهم النواة الأولى لتعليم قواعدها، والقدوة والمثل والمحرك والباعث الأول في مجال توعية طلابنا بأهميتها، لذا فإن الوطن يعول على دورهم، ويعلق عليهم الآمال لخلق جيل مبدع متعلق بلغته التي تشكل هويته وتصون تراثه الفكري.

لقد تبنت حكومة الشارقة مبادرات نوعية متعددة شكلت عامل جذب وتشجيع لأطفالنا، تهدف من خلالها الى جعل لغتنا اللغة الرئيسة للتحدث والتعلم، وهيأت بيئة جاذبة للأطفال لكي يبدعوا فيها في شتى المجالات.

 لقد سعت حكومة الشارقة إلى تيسيرتعليم العربية والترغيب فيها، فوفرت أحدث التقنيات لمواكبة التطور العلمي والتقني المتسارع، وعملت على تعزيز مكانة العربية لدى الطلبة، وصممت برامج تدعم امتلاكهم للمهارات الأساسية للغة الأم، وركزت بشكل خاص على مهاراتها الوظيفية التي باتت متطلباً في سوق العمل الإماراتي.

لقد واكب الميدان التربوي عامة والمعلمون خاصة هذا الدور وأهميته فعملوا على تعظيم مكانة العربية باعتبارها الأداة التي يفكر بها المتعلم، ويحصل بها على المعرفة والثقافة الوطنية، وتعزز إيمانه بالقيم الإيجابية، وخططوا لتطوير طرائق تدريس العربية بالقدر الذي يجعل الطلبة والشباب شغوفين بتعلمها، وعملوا على إشراك الطلاب في مناشط، ومبادرات مختلفة تنمي وتعزز مهاراتهم اللغوية، وعملوا على تهيئة المنهاج الدراسي المناسب لتحقيق ذلك.

لقد ربط المعلمون لغتنا الجميلة بالحياة اليومية لطلابنا، وقدموا للأبناء أفكاراً مختلفة للاهتمام باللغة العربية كمنهج دراسي وسط زخم وكم المواد العلمية والأدبية التي يتلقاها الطالب طيلة دراسته، وعلموهم توظيف العربية الفصحى في تعاملاتهم وحياتهم اليومية، وطبقوا ذلك تطبيقاً عملياً عندما عملوا على تدريس جميع المواد المقررة داخل الصفوف الدراسية، باللغة العربية الفصحى.

إن الدور المنوط بالطلاب للحفاظ على لغة الضاد لا يقل أهمية عن دور معلميهم، ولعل أولى خطوات هذا الدور هو شعورهم بالعزة والفخر عند تحدثهم العربية، وكذلك قراءة القرآن الكريم والتعلم من مفرداته، وقراءة الكتب المكتوبة باللغة العربية، وحرصهم الدائم على زيادة حصيلتهم اللغوية، مما ينمي لديهم الشعور بمسؤولياتهم تجاه لغتهم.

ونستطيع التأكيد على أن الحفاظ على اللغة العربية وتعزيز مكانتها لا يمكن أن يتحقق الا بتضافر الجهود بين كافة أفراد المجتمع، والتنسيق والتعاون بين الجميع للحفاظ على لغتنا الأم في ظل عالم سريع التغيير من حولنا.

* أمين عام مجلس الشارقة للتعليم

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"