عادي

المــسرح المحلي خجول في التعاطي مع هموم الشباب

23:25 مساء
قراءة 4 دقائق
1

الشارقة: عثمان حسن

قضايا الشباب في المسرح الإماراتي من المسائل التي تطرح بقوة، لاسيما أن الشباب قوة محركة لأي فعل ثقافي أو تنويري، كما أن الرهان عليهم في تطور المجتمع هو رهان رابح ولا شك، فهم يشكلون قوة دافعة، تمتاز بدينامية وحيوية وطاقة مبهرة قادرة على صناعة الفرق في أي حراك ثقافي وحضاري.

غير أن هموم الشباب بصفة عامة، وبشهادة الكثير من المسرحيين أنفسهم، لا يستطيع التعبير عنها غير الشباب أنفسهم، ولهذا برزت الكثير من الأعمال التي شاركت في مهرجانات مسرحية إماراتية وعربية كثيرة، أضاءت على قضايا تفصيلية يعانيها جيل الشباب اليوم، وهي بكل تأكيد تعبر عن رؤية خاصة، وغير مطروقة في التجارب المسرحية التي كتب عنها مخضرمون في المسرح الإماراتي.

إلى أي مدى عبر المسرح الإماراتي عن هموم وأحلام وطموحات الشباب؟ وإلى أين وصلت تلك التجربة الشبابية ومدى فعاليتها في الحراك الفني؟، هي أسئلة طرحتها «الخليج» على بعض الأسماء الشابة في التجربة المسرحية الراهنة.

حميد فارس من الأسماء اللامعة في التجربة الفنية المسرحية الإماراتية سواء في الكتابة أو التمثيل أو الإخراج ومن ألقابه أفضل ممثل دور أول في مهرجان المسرح الخليجي، وشخصية مهرجان كلباء للمسرحيات القصيرة.

يقول فارس: «في السنوات العشر الأخيرة بدأ المسرح الشباب في الإمارات يلمع أكثر في اتصاله بالتجربة المحلية والعربية، بعد فترة من الركود والتخبط، وكتب نوع من المسرحيات التي تعبر حقيقة عن طموحات وأحلام الشباب، وتميزت هذه الفترة كما يصفها حميد فارس بالألق والازدهار، وذلك لوجود حاضنة فنية كبيرة تجلت في«مهرجان دبي لمسرح الشباب»هذا المهرجان الذي استطاع أن يفجر طاقة المسرح الشاب سواء على مستوى كتابة النصوص أو التمثيل أو الإخراج».

ويضيف: «لقد كانت التجارب التي تعرض في المهرجان، هي من إبداعات الجيل المسرحي الشاب نفسه، الذي كان يهجس بكثير من القضايا والتفاصيل التي تلامس همومه وتطلعاته».

على المستوى الشخصي يؤكد حميد فارس أن المهرجان أفاده في كتابة عدد من النصوص التي حصلت على جوائز مهمة مثل مسرحيتيّ «زلة عُمر» و«العاصفة» حيث فاز بجائزة التأليف في المهرجان، الأمر الذي مهد له سكة اختبار مهاراته الحقيقية في عالم الكتابة المسرحية.

خارج السرب

المخرج سعيد الهرش قدم عدة أعمال مسرحية، يتفق مع فارس على أهمية ما قدمه هذا الجيل من تجارب ناجحة في مستواها المحلي، وأيضاً العربي، غير أنه يشير إلى نوع من المعاناة التي باتت تلقي بظلالها على المشهد الفني برمته، وتتلخص في أزمة التأليف المسرحي، هذه الأزمة التي ألقت بظلالها على النص المكتوب، حيث اتضح أن معظم النصوص التي كتبت عن قضايا الشباب وهمومهم، هي من تأليف كتّاب مخضرمين، ورغم وجاهة وأهمية ما قدمه هؤلاء الكتاب، بحسب ما يؤكد سعيد الهرش، إلا أن معظم هذه الكتابات كانت تحلق خارج السرب، بمعنى أنها لم تتطرق إلى تفاصيل القضايا الملحة التي يعانيها جيل الشباب رغم وجود كثير من المواهب الشابة في التأليف المسرحي، لكنها لم تأخذ فرصتها بعد، وربما أنها لم تجد دافعاً ومحفزاً قوياً لاستخراج ما لديها من أفكار ورؤى تلامس هموم الشباب وتعبر عن رؤاهم في غد أفضل. 

يشير الهرش إلى بعض التجارب المضيئة في هذا الإطار، خاصة المسرح الجامعي، في صيغ وعناوين مختلفة، وبعض التجارب القليلة في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، لكنّ التجربة من وجهة نظره تظل ناقصة، وبحاجة إلى تحفيز أكبر من الجهات والهيئات الثقافية والفنية في الدولة، ليتسنى للمسرحيين الشباب تطوير أدواتهم، وتمكينهم من الاطلاع على التجارب العربية والعالمية.

فرص متساوية

محمد جمعة وهو من الوجوه الشابة، ممن يعشقون المسرح، وكانت بداياتهم في التمثيل، قد انطلقت في الصفوف الأولى من التعليم المدرسي، مروراً ببروزه كممثل ومخرج، وفي رصيده عدة أعمال ناجحة، يقول: «أؤمن بشدة بدور الشباب في التغيير الثقافي، من خلال الفن المسرحي، فهم يشكلون الجذوة الأولى في أي تغيير ثقافي وحضاري منشود» ويضيف: «لقد استطعت تقديم عدة أعمال مسرحية قدمت من خلالها رؤيتي الفنية لكثير من القضايا التي تلامس هموم الشباب اليوم، ورغم أصالة التجربة الفنية والمسرحية في الإمارات، إلا أن مساهمة الشباب فيها لا تزال دون المستوى، فالتجارب التي تقدم في غالبيتها مخصصة لمواسم مسرحية ومهرجانات تقترح عناوين محددة للكُتّاب، وهذا بدوره يحول دون منح الكاتب الشاب فرصة التعبير عن أحلامه الخاصة أو أحلام وطموحات جيله الحقيقية».

ويتابع: «هناك عدة طرق ووسائل يمكن من خلالها تنشيط المسرح الإماراتي الشاب، أبرزها منح الشباب فرصاً متساوية في التعبير عن قضاياهم أسوة بالمسرح المقدم للكبار، وأهم من ذلك كله، منحهم فرصة التعبير بحرية ومرونة كافية عن أحلامهم وطموحاتهم، بالقدر الذي يعبر فيه الفن، أو الرؤية الفنية عن قضايا الشباب وهي كثيرة ولا حصر لها».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"