سيطر الديمقراطيون على مجلس الشيوخ الأمريكي، أمس الأربعاء، بعد فوزهم التاريخي الأول بانتخابات فرعية في جورجيا، في خطوة حاسمة لبداية ولاية الرئيس المنتخب جو بايدن.
وقبل ساعات قليلة من اجتماع الكونجرس الرامي إلى إضفاء الطابع الرسمي على فوز الرئيس المنتخب في اقتراع الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، جاءت هذه النتائج مشجعة جداً لبايدن الذي يأمل في بدء ولايته في 20 يناير/كانون الثاني بكل مقومات السلطة (البيت الأبيض والكونجرس بمجلسيه النواب والشيوخ).
أفادت شبكات «سي إن إن» و«سي بي إس» و«إن بي سي»، أمس الأربعاء، بأن المرشح الديمقراطي رافاييل وارنوك هزم السيناتورة الجمهورية كيلي لوفلير، سيدة الأعمال البالغة من العمر 50 عاماً التي عُينت في مجلس الشيوخ في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وسيطبع وارنوك (51 عاماً)، القس بكنيسة في أتلانتا، التاريخ، إذ سيكون أول سيناتور أسود ينتخب في هذه الولاية الجنوبية. ويمثل انتصار وارنوك أول فوز لمرشح ديمقراطي في سباق على مقعد بمجلس الشيوخ في جورجيا منذ 20 عاماً. ويلقي وارنوك عظاته في كنيسة إيبنيزر المعمدانية التي تشتهر في جورجيا لدورها في حركة الحقوق المدنية أيام مارتن لوثر كينج.
كما أعلن الديمقراطي جون أوسوف أيضاً فوزه بالمقعد الثاني في مجلس الشيوخ في الانتخابات الفرعية بولاية جورجيا، مؤكداً أن فوزه سيمنح الرئيس المنتخب بايدن السيطرة على المجلس.
وقال أوسوف في بيان نشرته قنوات التلفزيون «جورجيا، شكراً جزيلاً على الثقة التي أوليتيها لي. يشرفني دعمكم وتقديركم وثقتكم وأتطلع لخدمتكم». وأضاف لدى إعلانه فوزه إنه يتطلع «لخدمة مجلس الشيوخ الأمريكي بنزاهة وتواضع وشرف».
وسار المرشحان الجمهوريان على خطى ترامب، الذي لم يعترف بهزيمته، وتوقعا أن يفوزا في نهاية الأمر.
تحول سياسي
ويمثل فوز كلا الديمقراطيين الاثنين تحولاً سياسياً في ولاية سيطر عليها الجمهوريون طيلة عقدين، لكن بايدن فاز بها في الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني على دونالد ترامب.
كما أن الفوز بالمقعدين سيعطي الديمقراطيين السيطرة على مجلسي الكونجرس(النواب والشيوخ)، ويعزز سلطات بايدن.
وبفوزه، سيصبح جون أوسوف البالغ من العمر 33 عاماً أصغر سيناتور ديمقراطي منذ... جو بايدن (عام 1973).
وبالتالي، سيحصل الديمقراطيون على 50 مقعداً في مجلس الشيوخ، وهو عدد مماثل للجمهوريين. لكن كما ينص الدستور، سيكون لنائبة الرئيس المستقبلية كامالا هاريس سلطة تحديد الأصوات وبالتالي ترجيح كفة الميزان إلى الجانب الديمقراطي.
ويمثل أداء الديمقراطيين في هذه الولاية الجنوبية المحافظة تقليدياً، إهانة قاسية للحزب الكبير القديم. ومع هذا النصر المزدوج، فإن الجمهوريين، بعد خسارتهم البيت الأبيض، سيخسرون أيضاً مجلس الشيوخ.
وهذه النتائج تمثل نكسة جديدة لترامب الذي ما زال يرفض الإقرار بهزيمته .
ونجح الديمقراطيون المدفوعون بفوز بايدن في الولاية في 3 نوفمبر، وهو الأول منذ العام 1992، في حشد ناخبيهم، خصوصاً الأمريكيين من أصل إفريقي، وهو مفتاح أي نصر ديمقراطي.
وتمكن أكثر من ثلاثة ملايين ناخب، وهو رقم قياسي لانتخابات فرعية لعضوية مجلس الشيوخ في جورجيا، من التصويت مسبقاً، أي حوالي 40 في المئة من الناخبين المسجلين في الولاية.
بالنسبة إلى دايف واسرمان المحلل في الموقع المستقل «كوك بوليتيكل ريبورت»، فإن ليلة الانتخابات تذكر بانتخابات منتصف الولاية. وكتب على تويتر «هذا ما رأيناه في العام 2018. كثير من ناخبي ترامب لا يحتشدون عندما لا يكون ترامب على بطاقة الاقتراع».
وفي دليل على الأهمية الكبرى التي تكتسيها هذه الانتخابات، ذهب بايدن وترامب الاثنين إلى الولاية لدعم مرشحيهما. قد تكون هذه الانتخابات الفرعية «فرصتكم الأخيرة لإنقاذ أمريكا كما نحبها» بحسب ما قال ترامب خلال مهرجان انتخابي نظم مساء الاثنين في دالتون.
وأثناء الحملة الانتخابية صور الجمهوريون أوسوف ووارنوك على أنهما يساريان متشددان سيتبعان جدول أعمال يساري متطرف. لكن ذلك لم يجد صدى وسط العديد من الضواحي التي يقطنها البيض الذين تخلوا بشكل متزايد عن الحزب الجمهوري في عهد ترامب.
تؤكد النتيجة التحول السياسي الذي شهدته جورجيا والجنوب الأمريكي الأوسع. فالناخبون السود الذين يعتمد عليهم الديمقراطيون خرجوا بأعداد لم يسبق لها مثيل في انتخابات الإعادة.
تكريس للنصر الديمقراطي
وجاء إعلان فوز الديمقراطيين بمقعدي الشيوخ عن ولاية جورجيا قبل ساعات من ترؤس نائب الرئيس المنتهية ولايته مايك بنس جلسة مشتركة لمجلسي الكونجرس للمصادقة على نتيجة الانتخابات الرئاسية. وكان مستشارون قالوا إن بنس سيلتزم بمهامه الرسمية ولن يمنع تصديق الكونجرس على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن رغم ضغوط من الرئيس دونالد ترامب حتى يساعده في إبطال هزيمته في الانتخابات.
وكان ترامب كثف أول أمس الثلاثاء الضغط على بنس ليمنع تصديق الكونجرس على نتائج الانتخابات الرئاسية في إطار سعيه المستمر للبقاء في السلطة.
لكن مصدراً مطلعاً قال إن بنس أبلغ ترامب بأنه لا يعتقد أن لديه سلطة منع التصديق على النتائج.
وحصل الرئيس المنتخب جو بايدن على 306 أصوات في المجمع الانتخابي مقابل 232 صوتاً لترامب .
وتجمع أنصار ترامب بدعوة منه في الساحة جنوب البيت الأبيض رافعين رايات تحمل اسمه. (وكالات)
