مارلين سلوم
ليس كل من حمل قلماً صار كاتباً، ولا كل من خطرت في باله فكرة صار مؤلفاً، ولا كل من عمل في الدراما يمكنه التنقل بين مختلف المهام والكراسي، وكأنه من أهل البيت ولا مشكلة في لعبه كل الأدوار فيكون مرة ممثلاً ومرة مؤلفاً ثم مخرجاً. طبعاً هناك استثناءات، فتجد من نجح في التمثيل والإخراج معاً أو في التمثيل والكتابة، أو أنه وقف خلف الكاميرا وأمامها بنفس البراعة، إنما هؤلاء يملكون فعلاً أكثر من موهبة ويعرفون كيف يوازنون بينها كي لا تسقط منهم إحداها فيسقطون معها.
من النماذج الناجحة جداً في الكتابة الدرامية كمثل نجاحها في التمثيل، وربما أكثر، كارين رزق الله التي بدأت ممثلة قبل أن نشهد ولادتها مؤلفة لمسلسلات لعبت هي بطولتها وقفزت مباشرة إلى الصف الأول بين نجوم الدراما اللبنانية كتابة وتمثيلاً. ما يميز كارين أنها كتلة مشاعر تتجسد في كلمات، وتلك الكلمات لا تشبه أي كلمات يتم جمعها لتشكيل حلقات ومسلسل درامي، وكتلة مشاعر تتحرك أمام الكاميرا، تؤدي دورها بإحساس عالٍ جداً، تصدقها وتتعاطف معها، تغرف من هموم الناس في مجتمعها، حتى قصص الحب التي تحيكها جميلة وموصولة بحبال الواقع داخل المجتمع اللبناني. ومن مميزاتها أنها لا تلعب على شكل البطلة وإبهارها للجمهور بجمالها وملابسها وثرائها، بل على العكس، البطلة لدى كارين غالباً ما تكون بسيطة و«مطحونة» بالمشاكل الاجتماعية.
في المقابل نتوقف عند مي عمر التي خاضت حديثاً تجربة الكتابة، فقدمت قصة «لؤلؤ» تحت إشراف زوجها المخرج محمد سامي. من حقها أن تجرب، ومن حقنا ألا نعجب بتلك القصة المفبركة وكأنها خلطة حكايات لمجموعة فنانين، وأحداث تتركز كلها حول لؤلؤ «تربية دار الأيتام» التي صارت نجمة مشهورة. المسلسل مليء بالأخطاء التي تلفت عين المشاهد، وتستغرب كيف مرت على زوجها المشرف على الإخراج وعلى مخرج المسلسل محمد عبد السلام؟ كما يستوقفك التركيز على الشكل الخارجي وتبديل الملابس من أغلى الماركات العالمية والسيارات..
ما الجديد الذي يقدمه المسلسل؟ ما الفكرة المميزة التي نقلت مي عمر من التمثيل إلى التأليف، لتمسك الدفتين معاً؟ كما قلنا، للكتابة أصول وقواعد وشروط، وليس كل من حكى حكاية صار مؤلفاً، خصوصاً أن الشاشات العربية أشبعتنا حكايات عن ممثلين ومغنين انطلقوا من الصفر أو تحته ليصبحوا من المشاهير دون أن ينالوا نفس النصيب من الزواج أو الحب.