«هيلب».. مرض يصيب الحوامل ويمزق الكبد

ينتظر الزوج والزوجة بعد فترة من بداية زواجهما حدوث الحمل، ودائماً ما يوصي الأطباء الحامل بأن تكون منتبهة لأي أعراض أو علامات، لأنها عرضة للإصابة بالعديد من الأمراض، التي تؤثر في صحتها وصحة جنينها.
تشمل هذه الأمراض ما يعرف بمرض أو بمتلازمة هيلب، والتي تعد أحد أنواع تسمم الحمل أو أحد مضاعفاته، وفي الغالب فإنها تحدث في مراحل الحمل الأخيرة، أو في بعض الأحيان بعد الولادة.
يعد مسمى المتلازمة اختصاراً لثلاثة أعراض وهي التحلل الدموي وارتفاع إنزيمات الكبد ونقص في الصفائح الدموية.
يمكن أن يتسبب ذلك في تلف الكبد بصورة خطِرة، وعلى الرغم من مشاركة أعراضها مع أعراض تسمم الحمل فإنه يمكن لها أن تتطور بشكل أسرع حتى قبل ظهور هذه الأعراض.
يجب أن تدرك النساء وأطباؤهن أعراض هذه المتلازمة والتعامل معها بأسرع وقت ممكن، مع أهمية اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة ومراقبة ضغط الدم بالنسبة لمن تعاني من ارتفاعه.
تتضمن الأعراض البارزة لهذه المشكلة نقص الصفائح الدموية واضطراب الكبد وتحلل كريات الدم الحمراء، وربما اشتكت الحامل من ارتفاع ضغط الدم، وزيادة البروتين في البول.
نتناول في هذه الموضوع مرض متلازمة هيلب بكل تفاصيله، مع بيان العوامل الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذه الحالة، وكذلك أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم أيضاً طرق الوقاية التي ينصح بها الباحثون، وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
ثلاث درجات
يتم تصنيف متلازمة هيلب إلى نوعين، الأول بحسب مستوى الصفائح الدموية إلى وينقسم إلى 3 درجات، أول درجة يكون نقص شديد أقل من 50 ألف خلية لكل ميكرولتر، والدرجة الثانية يكون النقص متوسطاً يتراوح بين 50 ألفاً و100 ألف خلية لكل ميكرولتر، أما الدرجة الثالثة فيكون النقص بسيطاً يتراوح بين 100 ألف و150 ألف خلية لكل ميكرولتر.
يقسم التصنيف الثاني إلى 3 درجات، الأولى يكون هناك نقص شديد في الصفائح الدموية أقل من 50 ألف خلية لكل ميكرولتر، مع ضعف وظائف الكبد وانحلال الدم.
يكون النقص في الصفائح الدموية في الدرجة الثانية متوسطاً بين 100 ألف و150 ألف خلية لكل ميكرولتر، مع وجود نفس المعايير في الدرجة الأولى، ويسجل في الدرجة الثالثة نقص بسيط في الصفائح الدموية، مع وجود ضعف بسيط في وظائف الكبد، وانحلال الدم.
المرحلة الثالثة
تعاني السيدة المصابة بمتلازمة هيلب، عدداً من الأعراض، وفي الغالب فإنها تظهر في المرحلة الثالثة من الحمل، وفي بعض الحالات القليلة للغاية حدثت قبل الأسبوع الواحد والعشرين، وأصيبت أكثر من 5% من الحالات بهذه المتلازمة بعد الولادة.
تشمل هذه الأعراض نقصاً في الصفائح الدموية واضطراب وظائف الكبد وتحللاً دموياً لكريات الدم الحمراء، كما يكون هناك شكوى بصفة عامة من ارتفاع ضغط الدم، وربما كان بسيطاً، وزيادة البروتين في البول.
يحدث صداع قوي ومستمر وفي الغالب لا يهدئ حتى مع تناول المسكنات، وتعاني الحامل غثياناً وقيئاً في نهاية الحمل، كما يوجد ألم في الجزء العلوي من البطن أو الصدر ويزداد سوءاً.
تشكو المرأة الحامل من ألم عند التنفس بعمق، وتصاب بتغييرات أو تشوش في الرؤية، مع زيادة في وزنها بشكل مفاجئ، وتورم وبخاصة في الساقين.
فقر الدم
ترجع الإصابة بمتلازمة هيلب، إلى أسباب عدة في المقدمة منها انهيار خلايا الدم الحمراء، وهو الأمر الذي يؤثر في الجسم بصورة كبيرة، ويتسبب ذلك في نقص كمية الأكسجين التي يحصل عليها الجسم.
تعرف هذه الحالة بفقر الدم الانحلالي، وله نوعان داخلي وخارجي، ويقصد بالداخلي أن ينتج الجسم خلايا دم حمراء معيبة، وفي العادة يكون سببه اضطراباً وراثياً، أما الخارجي فيكون سببه عدوى أو أوراماً أو بتناول الأدوية.
يؤدي ارتفاع إنزيمات الكبد إلى الإصابة بهذه المتلازمة، ويرجع هذا الارتفاع إلى التهاب خلايا الكبد أو التهابها، وتتسرب هذه الخلايا المصابة بما فيها إنزيمات الكبد إلى مجرى الدم.
عوامل خطر
يتسبب كذلك في الإصابة بها انخفاض الصفائح الدموية، وفي الغالب فإن هذا يحدث بسبب اضطراب منفصل، ومنها الإصابة باللوكيميا، أو أحد أمراض المناعة الذاتية، ويحدث نقص الصفائح أيضاً بسبب محاصرتها في الطحال، أو زيادة تدميرها أو إخفاض معدل إنتاجها.
تزيد بعض العوامل من خطر الإصابة بمتلازمة هيلب، ومن ذلك وجود تاريخ سابق بالإصابة بتسمم الحمل، كما أن فرصة الإصابة أكبر لدى من تجاوزت 40 عاماً.
تشمل هذه العوامل كذلك السمنة والحمل المتعدد، وإنجاب أطفال بعد أقل من عامين أو أكثر من 10 سنوات، كما أن المصابين ببعض الأمراض- كالصداع النصفي وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري - يزيد خطر إصابته بهذه المتلازمة.
صعوبة التشخيص
يؤدي تنوع أعراض متلازمة هيلب، إلى صعوبة كبيرة في تشخيصها، ففي بعض الحالات لا تعاني المصابة سوى من ألم في أعلى البطن، وبالتالي فلابد من إجراء بعض الاختبارات والفحوص المعملية لتأكيد الحالة.
تشمل هذه الاختبارات تجلط الدم، ووظائف الكبد وعدداً دموياً شاملاً، وقياس مستوى الكهارل في الدم، وتحليل البول من أجل مراقبة الزلال.
يتم أيضاً قياس مستوى نواتج تحلل الفيبرين، ومستوى إنزيم لاكتات ديهيدروجينيز، الذي يعد مؤشراً على انحلال كرات الدم الحمراء.
يجب الانتباه إلى أن التشخيص المبكر لهذه الحالة يخفف من حدة المرض، كما أن التأخر في العلاج ربما كان سبباً في تفاقم الحالة، أو وفاة المصابة أو حدوث نزيف في الكبد أو وذمة دماغية.
درجة الخطورة
يعتمد علاج متلازمة هيلب على عدد من العوامل، ومنها مرحلة الإصابة ودرجة الخطورة، والحالة الصحية العامة للمصابة.
يمكن أن يكون العلاج الولادة المبكرة، وذلك عندما تتهدد حياة الجنين أو الأم، وكذلك لو سببت المتلازمة بعض المضاعفات، مثل تمزق الكبد أو فقر الدم أو النزيف، وربما تأخر هذا القرار يوماً أو يومين، وذلك من أجل إعطاء الأم منشطات تساعدها على الولادة المبكرة.
يشمل العلاج كذلك عمليات نقل دم، وذلك لعلاج فقر الدم، والأدوية التي تخفض من ضغط الدم المرتفع كالكورتيكوستيرويد بالنسبة للحالات البسيطة، والمضادات الحيوية، والهدف من هذه الإجراءات الحفاظ على نسبة سوائل ملائمة وموازنة ضغط الدم.
يقلل كبريتات المغنسيوم، احتمالية الإصابة بالإرجاج والصرع، وفي الحالات التي تعاني التخثر في الأوعية الدموية تعالج بالبلازما الطازجة المجمدة، وذلك بهدف تجديد بروتينات التجلط.

نظرة تاريخية

أظهرت الإحصاءات الحديثة، أن معدل الإصابة بمتلازمة هيلب لا يتجاوز 0.9% من جميع حالات الحمل، في حين أنه لا يقل عن 10% من حالات تسمم الحمل الشديدة.
تؤدي متلازمة هيلب إلى العديد من المضاعفات الخطِرة، كالسكتة الدماغية وتمزق الكبد، كما يحدث انفصال المشيمة عن جدار الرحم قبل ولادة الطفل، ومن الممكن أن يتسبب هذا في نزيف يؤثر في نمو الطفل، ويؤدي إلى ولادة مبكرة أو موت الجنين.
يزن الأطفال الذين يولدون من أمهات تعاني هذه الحالة من نقص في الوزن، يكون أقل من 2 كيلو، وفي الغالب يحتاج الطفل إلى علاج أطول في المستشفى وعلاج التنفس الصناعي.
كان الطبيب لويس وينشتاين أول من وصف هذه المتلازمة كمرض منفصل عن تسمم الحمل الشديد، وذلك عام 1982، وبعدها بـ17 عاماً كتب مقالاً ذكر فيه أن حالات وفيات تحدث لأمهات مصابات بانحلال الدم واضطراب في وظائف الكبد، ما دفعه للبحث عن مثل هذه الحالات في السجلات الطبية ليكتشف عن أن هناك حالات أبلغ عنها من منتصف القرن العشرين.