الإمارات واليوم الدولي لفعل الخير

محمد خليفة

من أكثر الأعمال التي تقرّب بين البشر، وتزيد من الحب والوئام، هي، ولا شك، أعمال الخير، ومن العادات التي توارثناها، منذ بزوغ الإسلام، مقولة «لقمة في فم جائع خير من بناء جامع» ما يدلل على أهمية عمل الخير، وبذل المال في سبيل مساعدة الفقراء والمحتاجين. والخير مبدأ أساسي في مختلف الأديان وتجمع عليه مختلف الشعوب. ويسعى المجتمع الدولي إلى تحقيق التكامل بين دوله وشعوبه من خلال التعاون في القواسم المشتركة وتعظيمها. ومن هنا جاء الاهتمام بإدخال عمل الخير ضمن أنشطة الأمم المتحدة، لتوفير منصة مشتركة للأنشطة الخيرية حول العالم، ليشارك بها الأفراد والمنظمات الخيرية والإنسانية والتطوعية، من أجل تحقيق أهدافهم على المستوى المحلي والوطني والإقليمي والدولي. حيث اعتمدت الجمعية العامة لأمم المتحدة الخامس من شهر سبتمبر/أيلول من كل سنة، يوماً دولياً للعمل الخيري.

 وتحتفي دولة الإمارات بيوم العمل الخيري الدولي، تأكيداً لالتزامها بشرعة الأمم المتحدة وقراراتها، وأيضاً لأن فعل الخير هو مبدأً أساسي في سياستها الخارجية. حيث عملت منذ نشأتها على يد المؤسس الراحل الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على المبادرة إلى تقديم العون والمساعدة لكل دولة محتاجة أو شعب محتاج، وقال الشيخ زايد، رحمه الله، قوله المشهور: «إننا نؤمن بأن خير الثروة التي حبانا الله بها يجب أن يعمّ أصدقاءنا وأشقاءنا». وقد تبرع، رحمه الله، بالكثير من المال، لدعم دول عربية وإسلامية، ودعم دول أخرى في مختلف القارات. 

 ولا ترتبط المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، ولا البقعة الجغرافية، أو العرق، أو اللون، أو الديانة، بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب، والحد من الفقر، والقضاء على الجوع، وبناء مشاريع تنموية لكل من يحتاج إليها، وإقامة علاقات الصداقة والتعاون مع الدول التي تتلقى المساعدات. ومن أجل تنسيق المساعدات الإنسانية الخارجية وجمع خبرات المؤسسات الإماراتية القائمة على تقديم تلك المساعدات. فقد تم تأسيس اللجنة الإماراتية لتنسيق المساعدات الإنسانية الخارجية، بناء على قرار مجلس الوزراء. الذي يعكس التزام الدولة بتطبيق أحدث الأهداف الإنسانية، وتعزيز مبدأ التعاون. وتصبّ المساعدات الخارجية الإماراتية في مجالات ذات أولوية تشمل القضاء على الفقر، ودعم الأطفال، إضافة إلى البرامج القطاعية العالمية كالنقل، والبنية التحتية، وتعزيز فعالية الحكومات، وتمكين النساء والفتيات. ووفقاً للجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). حافظت دولة الإمارات على مركزها كإحدى أكبر الدول المانحة للمساعدات الإنمائية الرسمية قياساً بدخلها القومي الإجمالي. وتأتي المساعدات الخارجية لدولة الإمارات في إطار سياسة الدولة لدعم أهداف الألفية الإنمائية، وحالياً تبذل الدولة جهودها لدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.

وقد أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، 2017 عاماً للخير، وبموجب هذه المبادرة أطلقت الحكومة الاتحادية في دولة الإمارات، والحكومات المحلية، فضلاً عن القطاع الخاص والمؤسسات المدنية مئات من المبادرات الإنسانية، التي تخدم قضايا خيرية داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، كما شارك الأفراد بالتبرعات وساعات العمل التطوعي لخدمة قضايا مجتمعية وإنسانية.

وأطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حفظه الله، أكبر مؤسسة إنسانية تنموية مجتمعية في المنطقة، تجمع تحت مظلتها 28 جهة ومؤسسة تعمل في مجالات مكافحة الفقر والمرض، ونشر المعرفة والثقافة والتمكين المجتمعي والابتكار وتنفذ مجتمعة أكثر من 1400 برنامج إنساني وتنموي في 116 دولة حول العالم. 

 كما عبّر صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عن فلسفة العمل الخيري في الإمارات بقوله: «إن العطاء اﻹنساني رسالة محبة للعالم أجمع، مؤكداً أن دولة اﻹمارات تعطي بلا حدود أو مقابل». وقال سموه، في 18 أغسطس 2020: «للعام الخامس، اﻹمارات أكبر مانح مساعدات إنسانية في العالم بالنسبة للدخل القومي وفق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. هذا نهجنا الموروث من مؤسس الدولة، أن نجعل العطاء اﻹنساني رسالة محبة للعالم أجمع، هكذا هي اﻹمارات، تعطي بلا حدود أو مقابل، بالحب بناها زايد وبالخير أعلى مكانتها». 

إن دولة الإمارات في ظل قيادتها الحكيمة ماضية نحو مزيد من العلوّ والرفعة، وهي لن تألو جهداً في مساعدة المحتاجين، ولن تتأخر عن تأدية واجباتها تجاه مجتمعها الإنساني.