العلاقة مع واشنطن من منظور صيني

00:31 صباحا
قراءة 3 دقائق

* افتتاحية وكالة «شنخوا» الصينية

تتطلب إعادة صياغة العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، رؤية موضوعية، تقوم على الحوار والاحترام على الرغم من الخلافات الحالية، كما تتطلب شجاعة وحكمة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في واحدة من أهم العلاقات الثنائية في العالم، والتي تقف اليوم عند منعطف حاسم وخطر.

 لا شك أن وجود بعض الاختلافات بين الصين والولايات المتحدة أمر طبيعي كأي خلاف بين دولتين؛ لكن النهج الأفضل للجانبين؛ هو اتباع منطق التفكير العقلاني والإيجابي البنّاء، مع التركيز على التعاون وإدارة الخلافات؛ لتعزيز وتطوير الصيغة الصحيحة والمستقرة للعلاقات الثنائية. ويمكن للصين والولايات المتحدة، من خلال التعاون المشترك، تحقيق العديد من الإنجازات التي تفيدهما، والعالم بأسره.

وقد أجرى الدبلوماسي الصيني المخضرم، يانغ جي تشي، الذي شغل منصب وزير خارجية الصين سابقاً، محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، أكد الرجلان، خلالها، أن العلاقات الثنائية مهمة للغاية للبلدين والعالم، وأنهما يرغبان في تطوير علاقات ثنائية مستقرة وبناءة.

 ولا شك أن الحوار ضروري؛ لكن عودة العلاقات بين بكين وواشنطن إلى مسارها الصحيح رهن باحترام الإدارة الأمريكية الجديدة الخطوط الحمراء في العلاقات الثنائية.

وقد طورت الصين والولايات المتحدة علاقات ثنائية جيدة عادت بفوائد كبيرة على شعبي البلدين، كما عززت السلام والازدهار في العالم. ومع ذلك، شهدت السنوات الأربع الماضية الكثير من الخطاب المناهض للصين وحتى الكراهية من بعض السياسيين الأمريكيين.

 وقد فشل مسؤولون مثل وزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو، الذي يفترض أن يكون رأس الدبلوماسية الأمريكية، في إظهار أي حماس في المساعدة في حل مشاكل العالم الحقيقية. على العكس من ذلك، فقد أسهم في إدخال بلاده في عدد من المهازل السياسية على المسرح العالمي، وحفر أكبر عدد ممكن من الثقوب في جدار مستقبل العلاقات بين الصين والولايات المتحدة.

 ومع بدء العام الجديد وأداء إدارة أمريكية جديدة اليمين، من الضروري توجيه العلاقات بين البلدين نحو المسار الصحيح. يتعين على الولايات المتحدة العمل مع الصين للمحافظة على روح التعاون وعدم المواجهة والاحترام المتبادل وتفعيل المبادرات المفيدة للطرفين، والتركيز على التعاون وإدارة الخلافات من أجل دفع التنمية الصحية والمستقرة للعلاقات الثنائية إلى الأمام.

 ومعلوم أن سياسة الصين تجاه الولايات المتحدة حافظت دائماً على درجة عالية من الاستقرار والاستمرارية.

 ومعلوم أن المصالح المشتركة للصين والولايات المتحدة تفوق الاختلافات بكثير؛ لكن لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن هناك بعض الخطوط الحمراء في العلاقات الثنائية، خاصة قضية تايوان، القضية الجوهرية الأكثر أهمية وحساسية في الصين، لجهة تأكيد سيادة الصين وسلامة أراضيها. وقد أكد بلينكين مجدداً أن الجانب الأمريكي ملتزم بسياسة صين واحدة، وملتزم بأساسيات العلاقة مع الصين، وبأن هذه السياسة ثابتة ولن تتغير.

ولا بد من التأكيد هنا أن ما يتعلق بكل من هونج كونج وشينجيانغ والتيبت يعد شؤوناً صينية داخلية لا يسمح بتدخل أي قوى خارجية فيها. وأية محاولات لتشويه سمعة الصين محكوم عليها بالفشل.

 وتلتزم الصين من جانبها بخطط التنمية السلمية وباستراتيجية الانفتاح المفيدة للجانبين. وقد صرّحت مراراً أنها لا تعتزم تحدي النظام العالمي لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية أو أن تصبح البديل للولايات المتحدة في هذا النظام. وما تعمل الصين على إنجازه، هو الخلاص من نقاط الضعف في خطط التنمية الذاتية، وتلتزم بطريق الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وتحقيق التجديد للأمة الصينية. ولا شك أن ازدهار الصين سوف يجلب المزيد من الفرص للعالم.

 وتجمع الصين والولايات المتحدة، كدولتين رئيسيتين، مصالح مشتركة واسعة وتتحملان مسؤوليات مهمة من أجل السلام والتنمية في العالم. وقد كان بينهما تعاون ناجح في الماضي في مجالات منها مكافحة الإرهاب، ومعالجة الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ومكافحة فيروس إيبولا في عام 2014، والتعاون في اتفاقية باريس في عام 2016.

 والآن يجب عليهما اغتنام فرص جديدة للتعاون في مجالات مثل المعركة ضد تغير المناخ، والاستجابة لتبعات وباء كوفيد-19 والتعافي الاقتصادي.

 ويمكن أن يبدأ هذا التعاون من خلال التفاعل كما حصل عندما أجريت المكالمة الهاتفية. ومطلوب من الجانبين تعزيز نمو العلاقات التي تطورت نتيجة عقود من الالتزام والتفاني من قبل الصينيين والأمريكيين من جميع القطاعات. ويمكن الحد من سوء التقدير الاستراتيجي والشكوك عندما يجلس الجانبان ويدخلان في حوار شامل وصريح ومعمق لتوضيح نواياهما الاستراتيجية وإعادة بناء الثقة المتبادلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"