الثقافة فن ورُقي

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

عندما نتحدث عن الثقافة تتبادر إلى أذهاننا مصطلحات عدة، والثقافة هي مركّب من العادات والتقاليد والقيم واللغة والمبادئ والدين والقوانين التي تصب في السلوك والممارسات اليومية التي يمارسها الفرد في المأكل والملبس وغيرها، وهي ما تميز شعباً عن آخر، ومجتمعاً عن غيره..
وكثيراً ما نربط كلمة الثقافة بالإنسان القارئ، أو ذاك الذي لديه معلومات لم نعلم عنها شيئاً، أو نسمع بها.. أو قد يكون إلهام فنان طوّع ريشته في ترجمة أحاسيسه إلى لوحة فنية جميلة.. أو الموسيقي الذي يعزف على أوتاره، فيخرج بين أشجانه لحناً يؤثر به على من يسمعه.
والثقافة في اللغة تعني صقل النفس والمنطق والفطانة، وثقّف الرمح تعني سوّاه وقوّمه.. والمثقف هو من يقوم بتعلّم أمور جديدة في حياته اليومية.
واستعملت الثقافة في عصرنا هذا للدلالة على الرّقي الفكري والأدبي والاجتماعي، ولكن ليس كل مثقف راقياً، والعكس صحيح، كل إنسان راقٍ هو بالضرورة مثقف.. فالمفكر الرّاقي هو من يتعامل مع الغير بإنسانيته، وبالتالي لديه استعداد كبير لتقبل الاختلاف بين رأيه وبين آراء الغير، بناءً على اختلاف البيئة القادم منها الطرف الآخر.
كذلك عنده استعداد كبير للتسامح لكنه لا ينسى.. والتسامح صفة لصيقة به بناءً على وعيه المستمد من توسيع مداركه.. والرّاقي يعرف تماماً قيمته فيرفع من قدر استحقاقه، فعزة نفسه إحساس يملأ قلبه بالإباء والشموخ، وهي حالة مانعة بأن يُغلب، أو يُمتهن، أو يُقهر.
وعزة النفس هي القوة الرافعة له عن المواضع التي من الممكن أن تقلل من شأنه وقيمته فيترفع عنها.
وسمو المنزلة ورفعة الشأن لا تأتيان إلا بتخلص القلب من الحقد والحسد، وكل ما يشوهه من الضغينة وأمراض النفوس، وبالتالي ملئه بالأخلاق العالية، والبعد عن التوافه، وصغائر الأمور.. فيحترم نفسه ويشعر بها بفخر واعتزاز لاكتسابه المواهب التي يلتزم بتطويرها ويساهم في ازدهارها.. ومع ذلك هو متواضع فكرياً.
وكذلك من الأمور التي يرقى بها الفرد معرفة حياة الناس من حوله بأن يكون له وعي اجتماعي، فيمكنه رؤية المجتمع بنظرة شاملة ليتعرف إلى سمات أفراده، ويشعر بالمشكلات التي تعترضهم، ليتمكن من تحليل قضايا مجتمعه، فتجده رقيق القلب، مرهف الإحساس، تغلب عليه العاطفة يحتوي الآخرين ويرفق بهم.. ولا يحمل في قلبه ذرة من التكبر، أو التعجرف.
والإنسان الراقي دائب على تطوير الحدس الجمالي عنده، فيبحث عن مواطن الجمال ويتداركها، ويعززها ويركز عليها، ويبتعد عن كل قبيح..
وهو من يأخذ شيئاً من كل شيء، وكل شيء من شيء، وبذلك يكون ملمّاً بكل جوانب الموضوع.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"