عادي
20 موقعاً لمراكز جمع عينات الدم في أبوظبي والعين

«الجينوم الإماراتي»..رعاية صحية وقائية مصممة للمواطنين

01:47 صباحا
قراءة 6 دقائق
خلال أخذ العينات

تحقيق: عماد الدين خليل
يشهد قطاع الرعاية الصحية توجهاً متسارعاً نحو الطب الدقيق الذي يتيح فهماً واسعاً لجسم الإنسان باستخدام المعارف الجينية الموسعة والابتكارات التقنية المتقدمة، الأمر الذي يلعب دوراً حيوياً في دفع عجلة تحول قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات.

وتزامناً مع السعي المتواصل لتشجيع التشخيص المبكر للأمراض الوراثية، ورفد المرضى بالرعاية الصحية المثلى، تهدف البرامج الطموحة، مثل برنامج الجينوم الإماراتي، إلى تقديم رعاية صحية وقائية مصممة خصيصاً للمواطنين من خلال تقديم رؤى أفضل حول التباينات الجينية للإماراتيين، بما يساعد في تصميم استراتيجيات الرعاية الصحية الأمثل والمناسبة لكل مريض على حدة، بهدف تحقيق أفضل المخرجات العلاجية الممكنة على المدى الطويل.

«الخليج» التقت مع عدد من المتخصصين والمسؤولين والمتطوعين في برنامج الجينوم الإماراتي، للتعرف على أهمية البرنامج وما يمثله من تقدم للرعاية الصحية مستقبلاً، بالإضافة إلى طبيعة وحجم المشاركات من المتطوعين ضمن البرنامج.

عينات الدم

في البداية كشف الدكتور فهد المرزوقي، الرئيس التنفيذي للعمليات – القطاع الصحي في شركة «جي 42» للرعاية الصحية، أن فريق الشركة تمكن من جمع عشرات الآلاف من عينات الدم لمواطني الدولة في برنامج الجينوم الإماراتي بمواقع جمع العينات، كما تم دراستها باستخدام تقنية التسلسل الجيني من جميع السكان الإماراتيين، مما صنف البرنامج كأكثر مبادرات الجينوم السكاني شمولاً، وسيقوم برنامج الجينوم الإماراتي بدراسة الجينوم الكامل لأكبر عدد ممكن من المواطنين دعماً لقدرات التنبّؤ بالأمراض الجينية والمزمنة والوقاية منها وعلاجها للأجيال الحالية والمستقبلية.

ويقول إن الهدف من البرنامج إحداث نقلة نوعية في طريقة تناولنا للرعاية الصحية، بفضل ما توفره من فهم أوسع لمسببات المرض والأمراض المعدية ودعمها لتطوير إجراءات علاجية جديدة ما كان بوسعنا تصورها قبل عقد من الزمن، ويأتي دور برنامج الجينوم الإماراتي على صعيد تمكين خبراء الرعاية الصحية والمجتمع الطبي من تسخير تقنيات وعلوم الجينوم في سبيل تحسين صحة السكان المحليين وتحقيق أولويات الرعاية الصحية الرئيسية لدولة الإمارات.

ويوضح د. المرزوقي أن البرنامج يتخذ خطوات متسارعة لتوسيع نطاقه عبر إضافة المراكز الجديدة لجمع العينات، حيث بلغ عدد المراكز لجمع العينات حتى الآن 20 موقعاً في أبوظبي والعين.

استجابة مشجعة

ويؤكد أن التعاون يشكل عنصراً أساسياً في نجاح أي مبادرة وطنية مثل برنامج الجينوم الإماراتي، حيث لم تعد الشراكات تقتصر على الهيئات الحكومية فقط، بل أصبحت تشمل شركات الرعاية الصحية الخاصة أيضاً، وذلك لزيادة الوعي بين المواطنين حول التأثير الإيجابي.

ويلفت إلى أن البرنامج يحظى بدعم كبير من قبل متطوعين من الهلال الأحمر الإماراتي وفزعة والعديد من المؤسسات الشريكة الأخرى، بالإضافة إلى تجهيز جميع المراكز بأفضل الخدمات الطبية وخدمات الدعم التي يقدمها متخصصون معتمدون وحاصلون على تدريب عالٍ، يقومون بتثقيف المتطوعين وتزويدهم بالمعلومات اللازمة وتسهيل المشاركة في البرنامج.

التركيبة الجينية

وحول فهم التركيبة الجينية التي تعد نقلة نوعية في كيفية إدارة وعلاج الأمراض النادرة، يقول الدكتور وليد زاهر، رئيس قسم الأبحاث في «جي 42 للرعاية الصحية» إن البشرية قطعت أشواطاً طويلة في مجال العلوم الطبية والرعاية الصحية، ونجحت في تطوير علاجات مبتكرة للكثير من الأمراض التي كانت فيما مضى مستعصية على العلاج، لكن الأمراض النادرة ما زالت واحدة من أبرز التحديات الماثلة أمام خبراء الرعاية الصحية حتى يومنا الحاضر نظراً لصعوبة، وربما استحالة، التوصل إلى نمط ثابت وقابل للقياس، فقد تتباين الحالة الصحية للمصابين بهذه الأمراض بين ليلة وضحاها، فتارة تجدهم بتمام الصحة والعافية، وتارة أخرى طريحي الفراش، الأمر الذي يصعّب على الكثيرين فهم الطبيعة الغامضة للأمراض النادرة وسبل علاجها، ومن هنا تأتي أهمية فهم التركيبة الجينية للأفراد باعتبارها خطوة أساسية نحو إدارة الاضطرابات الجينية والنادرة.

ويوضح أن مرض الهيموفيليا يعد اضطراباً نزفياً نادراً يمنع تخثر الدم بسبب نقص البروتينات اللازمة لهذه العملية، ويعد النزيف العميق والشديد من أبرز المخاطر التي قد تلحق أضراراً جسيمة بأعضاء الجسم والأنسجة الحيوية، وقد تؤدي إلى مضاعفات تهدد حياة المرضى، ويهدد مرض الهيموفيليا الذكور أكثر من الإناث، وينقسم إلى نوعين رئيسيين هما: الهيموفيليا (أ) والهيموفيليا (ب)، حيث يعد مرض الهيموفيليا (أ) المعروف أيضاً باسم الهيموفيليا التقليدية، نتيجة لنقص عامل تخثر الدم VIII ويعاني منه حوالي 85% من مرضى الهيموفيليا، أما الهيموفيليا (ب) المعروف أيضاً باسم «مرض عيد الميلاد»، فهو أقل شيوعاً ويصيب 1 من كل 25 -30 ألفاً من الذكور، ويعاني المرضى من نزيف حاد أثناء طفولتهم، لكن مشاكل النزيف تصبح أقل تكراراً بعد سن البلوغ.

مرض الثلاسيميا

ويشير الدكتور وليد زاهر إلى أنه ووفقاً للاتحاد العالمي للهيموفيليا، تشير الإحصائيات إلى وجود 85 مريضاً بالنوع (أ) و15 مريضاً بالنوع (ب) في الدولة، مع الأخذ في الاعتبار أنه لا تتوفر بيانات كافية حول مرضى الهيموفيليا، وعلاوة على ذلك، تضم دولة الإمارات عدداً مرتفعاً من حاملي طفرة الثلاسيميا، الأمر الذي يجعل من مرض الثلاسيميا مشكلة صحية عامة نظراً لأن خطورة انتقال المرض إلى الأطفال ترتفع بنسبة 25% في حال حدوث الزواج بين اثنين من حاملي الثلاسيميا، مما يعزز احتمالات ارتفاع أعداد المصابين بمرض الثلاسيميا.

ويؤكد أن فهم التسلسل الجيني للأفراد يلعب دوراً جوهرياً في التنبؤ باحتمالية الإصابة بمرض الهيموفيليا أو الثلاسيميا وغيرهما من الاضطرابات الجينية والنادرة، وبالتالي توفير المزيد من المعلومات اللازمة للمساعدة على استهداف المرض على المستوى الخلوي، وربما بعلاج واحد فقط، حيث تأتي أهمية برنامج الجينوم الإماراتي الرامي إلى تقديم رعاية صحية وقائية مصممة خصيصاً للمواطنين.

واجب وطني

ويعرب عدد من المواطنين المتطوعين في برنامج الجينوم الإماراتي عن فخرهم بالمشاركة والمساهمة ضمن المشروع من أجل وضع خارطة جينية للأفراد ودمجها مع البيانات الصحية بهدف تقديم رعاية صحية متميزة للمواطنين اعتماداً على نتائج فحص التسلسل الجيني لمواطني دولة الإمارات.

ويؤكدون أن المشاركة تعد واجباً وطنياً لمساعدة الجهات الصحية في الدولة على رسم الخارطة الجينية المرجعية لمواطني دولة الإمارات والتعرف على الأمراض الوراثية والطفرات الجينية لدى المواطنين.

خدمة المجتمع

ويقول سالم سعيد الكتبي، إن التطوع في برنامج الجينوم الإماراتي جاء من الحرص على مساندة الجهات الصحية وخدمة المجتمع لوضع خطة علاجية ووقائية للمجتمع في المستقبل من أجل تقديم كافة سبل الرعاية الصحية ضد أي أمراض للأجيال المقبلة، استناداً إلى ما قدمته الجهات الصحية وقدرها في التعامل مع أزمة كوفيد19 والتي أصبحت نموذج يحتذى به عالمياً.

ويضيف أنه عرف بالتبرع بالدم ضمن البرنامج من قبل وسائل الإعلام، حيث بادر بالتسجيل في الموقع وتحديد موعد للمشاركة في البرنامج من خلال الذهاب إلى إحدى المراكز في مدينة العين، مؤكداً أن كافة الإجراءات منذ دخوله المركز للتبرع والمشاركة لم تستغرق 5 دقائق، حيث تحرص الجهات الصحية على تقديم كافة سبل الراحة والطمأنينة من خلال الرد على كافة استفسارات المتطوعين.

رد الجميل

ويؤكد عثمان الحسيني، إن عملية التسجيل عبر الموقع الإلكتروني للبرنامج سهلة وسلسة تمتاز بسرعة فائقة لإدخال البيانات ومن ثم تحديد موعد في المراكز لأخذ العينة، مشيداً بكافة الإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشار كوفيد19 خلال عملية التبرع بالإضافة إلى المتخصصين في تعريف الجمهور من المتطوعين بأهمية البرنامج قبل عملية التوقيع من قبل المتطوع وتعريفه بالمتوقع من نتائج الدراسة لتعزيز تحسين الحياة الصحية في الدولة.

ويضيف أنه حرص على دعم هذا المشروع من خلال تشجيع أفراد الأسرة كافة والعائلة للمشاركة في البرنامج من أجل تقديم شيء ولو بسيط لرد الجميل للوطن على ما يحققه من إنجازات كبيرة في تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمواطنين والمقيمين على أرض الدولة.

العينات بالمنازل

وتقول سامية عبد الله الخوري، إن التطوع من أجل أخذ عينة دم بسيط في مثل تلك الدراسات الكبيرة والتي تؤثر في مستقبل القطاع الصحي يعد واجباً وطنياً وجزءاً بسيطاً من دور المواطن تجاه الوطن لدعمه في الدراسات والأبحاث التي يقوم بها.

وتوضح أن البرنامج وفر بادرة طيبة في توفير أخذ العينات من المنازل من خلال الاتصال على الأرقام المتاحة للبرنامج وتحديد موعد لزيارة المتطوعين الراغبين من منازلهم، وذلك توفيراً للوقت والجهد على المتطوعين وخاصة في ظل تلك الظروف الخاصة بانتشار فيروس كوفيد 19.

تكاتف الأفراد

ويقول عبد الرحمن الحوسني إن التطوع بشكل عام سمة أساسية في شباب وبنات دولة الإمارات، حيث إن بمجرد أن تطلب الجهات المعنية متطوعين وخاصة الجهات الصحية يجب على جميع المواطنين المبادرة بتقديم المساعدة أياً كانت مما يدل على تكاتف كافة أفراد المجتمع على مواجهة أي تحديات مختلفة وخاصة الصحية.

ويضيف أنه كان من أوائل المتطوعين في مشروع الجينوم الإماراتي بمجرد فتح المجال أمام المواطنين للتسجيل في البرامج لمساعدة الجهات الصحية على تعزيز سبل الرعاية للأمراض النادرة من خلال فحص دم جينات المواطنين، مشيداً بكل الإجراءات التي تقوم بها الجهات الصحية من تقديم كافة أشكال المساعدة والدعم للمتطوعين من خلال شهادات التقدير التي يحصل علها كل متطوع باسمه، مما يدل على الشكر المتبادل بين الجميع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"