الغزل.. وجذور مشكلات الهوية

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

ما رأيك في خطوة إلى الأمام، بعد «الغزل وجذور المشكلات التنمويّة»؟ النظرة التجزيئية إلى الأشياء، لعبت دوراً، من بين أدوار، في جعل بلدان عربية وعالمثالثيّة، ترى ميادين التنمية كأرخبيل جزر منفصلة، فيمكن بالتالي أن «يتقدم» البلد مع إهمال استقلالية القضاء، حريات الفكر والرأي والتعبير، تطوير التعليم، الاستثمار في العلوم بتأسيس مراكز البحث العلمي، تحديث البنية التحتية، مكافحة الفساد الإداري والمالي، مواكبة تحولات العصر وتقدم تقنياته وتقاناته، تحديث النظام الصحي، محو الأمية، القضاء على البطالة...

هل خطوتَ الخطوة الذهنيّة الأشمل في الدائرة الأكمل؟ إذا كانت الرؤية التجزيئية تنطبق على تجزئة منظومة التنمية الشاملة فلِمَ لا يسري الأمر على منظومة بلدان العالم العربي؟ في الواقع، بلاد العُرْب أوطاني: «كل طير معلّق من عرقوبه»، أو «كل شاة معلّقة من كراعها»، وإلاّ فكيف نفسّر أن أعسر ما يمكن تحقيقه، هو العمل العربي المشترك؟ هل تريد أن تتألق بموقف كوميدي في جمع من المثقفين، خصوصاً إذا كان بينهم أجانب؟ ما عليك إلا أن تتحدث عن الوحدة العربية: أربعة عشر مليون كم2، عليها أربعمئة مليون آدمي، ثروات دولهم لا تحصى. سترى كل أنواع الضحك التي ذكرها الثعالبي في «فقه اللغة»: التبسّم، الإهلاس، الافترار، الانكلال، الكتكتة، القهقهة، القرقرة، الكركرة، الطخطخة. الخطوة التالية ستريك خريطة العالم الإسلامي مشهداً كاريكاتوريّاً. لكن الحمد لله على أن الفرائض تذكّرنا بها. الفضائيات أيضاً بارك الله فيها، لا تبخل بمشاهد الموائد الرمضانية بأطايبها ولذائذها. يقيناً، فرصة طيبة، فمن بين الملياري مسلم، سيتذكّر نفر غير يسير، أن أشقاءهم في غزّة ملّوا رتابة عروض الفوسفور الأبيض، كما أن مقاعد حطام الحجارة تحتاج إلى دورة نوم على «مسامير داود».

نعود إلى مقاليد الغزل، فهو الذي كان سبباً في الرؤية التجزيئية للأشياء، على ما يبدو. المأساة التربوية هي أن الثانويات العربية، في الفرع الأدبي، تدرّس المعلّقات، ومن بينها معلقة عمرو بن كلثوم، مع الشرح وذكر الأحداث التي قيلت فيها. لقد دعا هذا العمود مراراً، إلى ضرورة إشراك خبراء النفس والاجتماع في لجان وضع المقرر الأدبي واختيار النصوص، ولكن، لا اكتراث لمن تنادي. لا حرج على القائل إن هذه القصيدة لا تصلح لتدريس الأدب على الإطلاق، لأنها النموذج «الأكمل» في الشعر العربي لمن يريد منهاجاً لحقن الأدمغة بنزعات العنف. إذا كان الهدف من المناهج تنشئة عقول تنموية محصّنة بمنظومة قيم سامية، فقد أخطؤوا المرمى.

لزوم ما يلزم: النتيجة التوعوية: الطريق التي تسلكها المناهج العربية، تؤدي إلى عكس الغايات المرسومة. تداركوا الأمر، يرحمكم الله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yknppbty

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"