ثوانٍ مهدورة

00:11 صباحا
قراءة دقيقتين

لسنوات طويلة، كان سلاح المدفعية الأمريكية يتبع سياسة تقتضي تصويب المدافع ثم الانتظار لمدة ثماني ثوانٍ قبل إطلاق النار باتجاه الهدف المطلوب.
وخلال قيام خبير تم استدعاؤه لتحسين الأداء بدراسة الحالة، لاحظ التوقف لثماني ثوانٍ فسارع إلى الاستفسار عن السبب الكامن وراءه، فأخبره الجنود الذين تم تعيينهم كمسؤولين عن المدافع بأنهم ينفذون التعليمات فحسب دون معرفتهم لسبب هذا الانتظار.
من فوره، اجتمع الخبير بكبار الضباط وسألهم عن السبب الذي يجعلهم يؤكدون للجنود ضرورة انتظار ثماني ثوانٍ قبل إطلاق النار، لكن الضباط بيّنوا له أنها مجرد سياسة متبعة ولا يعلمون تفسيراً لهذا الانتظار.
لم يستسلم الخبير لكل تلك الإجابات المبهمة؛ بل أجرى بحثاً في سجلات الجيش، ليكتشف بعد دراسة وتمحيص أن مسألة الثواني الثماني هذه كانت من التقاليد الأصيلة المتوارثة للجيش والتي تعود إلى حقبة القرن الثامن عشر، أما المفاجأة فكانت تتمثل في أن السبب الذي يفسر انتظار جنود المدفعية لثماني ثوان قبل إطلاق النار، حتى يتم إعطاؤهم وقتاً كافياً لإبعاد خيولهم عن ساحة المعركة.. تصور ذلك!
في عالم المؤسسات والشركات، هناك الكثير من السياسات القديمة التي يتم اتباعها بحكم التقليد الأعمى دون النظر في ملاءمتها لمتغيرات العصر ومتطلبات السوق الجديدة. فكم من إدارة اليوم ما تزال تؤمن بأن عمل الموظف لما يزيد على 8 ساعات يوميّاً سيحقق مردوداً عالياً ونتائج كبيرة، رغم جميع البحوث والدراسات التي بينت عدم صلاحية هذه السياسة التي باتت من مخلفات العصر القديم.
وكم من مدير ما يزال إلى الآن يظن أن القسوة في المعاملة والجدية المفرطة هما السبيل إلى فرض مكانته وجعل الموظفين يحترمونه، بدلاً من أن يعاملهم على السوية نفسها، كأنهم أصدقاؤه وإخوانه، حيث لا رئيس ولا مرؤوس؛ فيكسب محبتهم وولاءهم.
أما على صعيد الحياة الشخصية، ترى ما هي الاستراتيجيات التي اعتدت اتباعها، بيد أنها صارت اليوم قديمة ولا تثمر أية نتائج حقيقية ملموسة. هل حاولت تحسين قدراتك ومهاراتك؟ وهل حاولت الاطلاع على المستجدات في الواقع الراهن؟ وهل سعيت إلى تغيير نمط حياتك وطريقة تفكيرك وخططك لتتناسب مع متغيرات العصر؟
إنك أهل للنجاح سواء كنت موظفاً أو معلماً أو مديراً. وكل ما عليك فعله هو ألا تبني نجاحاتك على تجارب الآخرين الخاطئة والأساليب التقليدية التي لم تعد تجدي نفعاً.. وألا تنتظر أي ثانية بعد اليوم لمطاردة أحلامك وتحقيق ما تصبو إليه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"