«سمكري البني آدمين»

00:26 صباحا
قراءة دقيقتين

كثيراً ما يحسد الناس المشاهير على حياة الرفاهية التي يعيشونها، وفي مفهوم البعض أن كلمة فنان أو نجم مربوطة بشكل تلقائي برزم من الأموال والثراء و«النعيم». لا يلام الجمهور على نظرته هذه، فهناك من يتباهى بأمواله أكثر من تباهيه بموهبته التي أوصلته إلى الشهرة، وهناك من يعيش تحت مظلة «الصيت ولا الفقر»، ويمشي مع التيار كي يحافظ على مظهره والهالة التي أحاطه الجمهور بها. 
والشهرة تفتح شهية النصابين، وتزيد من أطماعهم، فيتسللون بطرق مختلفة لإغراء النجوم وجني الأموال والشهرة على حسابهم. وأكثر من يبحث عن استغلال النجوم هم منتحلو صفة طبيب تجميل وتنحيف وشفط دهون، كذلك الدجالون والمنجمون، وأضيف إليهم حديثاً منتحل صفة المعالج الطبيعي الذي لقب نفسه ب«سمكري البني آدمين».
كلنا معرضون للوقوع في فخ نصاب ما، لكنها تبقى حالات فردية لا يسمع عنها أحد، ولا تنشرها الصحافة كي يتم التحذير من هذا النصاب أو ذاك المنتحل صفة أو مهنة، بينما في الحقيقة هو تاجر منافق، بينما يختلف الأمر مع الفنانين، لذلك نستغرب أن يتم النصب على مجموعة منهم من قبل شخص واحد ولا يتم اكتشاف أمره إلا بالصدفة، أو بعد فترة طويلة. ما أصاب الفنانة ياسمين عبدالعزيز يصب في الإطار نفسه، حيث يتم تصنيفه في بداية الأمر بالخطأ الطبي في حين أنه متاجرة بأرواح المشاهير، وتعريض حياة الناس للخطر من قبل شخص يحمل صفة طبيب. وياسمين ليست الضحية الأولى لمثل هذه الأخطاء الطبية، ونتمنى لها العودة سالمة والشفاء التام. 
لا ننسى أن الفنانة الراحلة سعاد نصر كانت إحدى ضحايا «الخطأ الطبي»، وقد دخلت في غيبوبة مدة عام تقريباً إثر إجراء عملية شفط دهون. وأكثر ما نستغربه، كيف يساهم النجوم في انتشار شهرة أحد هؤلاء قبل التحقق من هويته ومهنته الحقيقية؟ بل يكون لهم الدور الأهم في الترويج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وينصحون بعضهم بعضاً بالتعامل معه، فيكبر ويشتهر ويصير الشخص الموثوق فيه بشكل أعمى. 
«سمكري البني آدمين»، يوسف خيري عبدالرحيم، هو موقوف لأنه انتحل صفة أخصائي علاج طبيعي، وكما تقول النقابة العامة للعلاج الطبيعي في مصر التي حذرت من التعامل معه، فإنه «قام بتزوير شهادة التخرج واستبدل مهنته في البطاقة من خريج كلية التربية الرياضية إلى مختص في العلاج الطبيعي». وبعدها مباشرة ألقت السلطات المصرية القبض على فتاة سارت على نهجه نفسه، وأطلقت على نفسها لقب «سمكرية البني آدمين» بعد انتشار بعض الفيديوهات لها وهي تقوم بمعالجة بعض الأشخاص، بينما فعلياً هي حاصلة على دبلوم تجارة، وقامت بإنشاء مركز طبي للعلاج الطبيعي من دون ترخيص. 
يوسف عبدالرحيم عرف كيف يجعل النجوم مصدر دعاية له بنشره فيديوهات وهو يعالج كل منهم، فيصير النصب مشروعاً ومختوماً بختم المشاهير، بل وكبار النجوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"