سحر النفَس الطويل

على مدار سنوات طوال تصدرت الشركات السويسرية المصنعة للساعات الأسواق العالمية، وظلت تصنع أفضل أصناف الساعات إلى أن بلغ إنتاجها في الأربعينات من القرن الماضي 80 في المئة من إجمالي الساعات التي تُنتج في سائر أرجاء المعمورة.
وبعد مرور عقدين من الزمن قدم واحد من المخترعين فكرة مبتكرة لصنف جديد من الساعات لأحد أصحاب الشركات الكبرى في مجال تصنيع الساعات السويسرية، غير أن فكرته رُفضت لا من قبل شخص واحد فحسب، بل من جميع شركات تصنيع الساعات الذين أبدوا ردة الفعل السلبية ذاتها تجاه فكرة المخترع.
في مثل هكذا مواقف، يستسلم معظم الناس ويتخلون عن أفكارهم، بيد أن الرجل كان يؤمن كلياً بفكرته وما ستقدمه للبشرية من نقلة نوعية وفوائد كبيرة، فظل يروج لها إلى أن استطاع ذات يوم إقناع أصحاب شركة يابانية شهيرة بها. كانت فكرته تدور حول تصميم الساعة الرقمية. اليوم وبعد مرور عقود منذ ذاك التاريخ، نجحت فكرة المخترع وأصبحت 80% من الساعات المصنعة على مستوى العالم رقمية. كل ذلك لأنه آمن بفكرته ولم يستسلم على طول الطريق، بل تشبّث بما يؤمن به وآمن بذاته وبقدرته على تحقيق النجاح؛ فكان له ما يريد.
إن ثقتك بنفسك وإيمانك بأفكارك وبقدرتك على تحقيق أي شيء تعقد العزم عليه، مع الالتزام والانضباط التام بالعمل الدؤوب والكفاح المستمر والصبر مهما تكن التحديات، كفيلة بجعلك تحلق فوق أسوار التحديات، وتتجاوز العقبات التي يضعها الآخرون في طريقك، وترى النور في آخر النفق مهما كان المسار مظلماً أو ضبابياً في بدايته.
علينا أيضاً أن نكون يقظين، ففي بعض الأحيان يضع حتى أقرب الناس إلينا العقبات الجسام في مسارنا، ويحاول الأصدقاء ثنينا عن الإقدام على الخطوة الأولى تجاه أحلامنا، ويتربّص بنا على امتداد الرحلة أعداء النجاح الذين لا هم لهم سوى تحطيم المعنويات وعرقلة التقدم وسرقة الأحلام. لكن هنا بالضبط تأتي مهمة كل إنسان يريد بالفعل أن يصنع لنفسه اسماً في هذا العالم، ويطمح إلى أن يصير واحداً ممن يتربعون على القمم وينقشون أسماءهم على دفاتر التاريخ.
إياك أن تستسلم يوماً أو تسلم قلبك للتخاذل والتردد. لا تسمح لإنسان على وجه الأرض بأن يغتال أحلامك ويحرمك لذة النصر. انطلق صوب المكان الذي تطمح الوصول إليه، واثقاً بنفسك ومتجاهلاً كل من يصور لك الهدف المنشود مستحيلاً.
يقول محمد علي كلاي: «تريد النجاح، ثق بالله ثم بنفسك وتجاهل من يقول هذا صعب وهذا مستحيل. الثقة بالله هي عقلية العظماء».

[email protected]