تكاثر ألوان الأمّيّة

00:39 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هي آثار الأمّية العلميّة؟ الموضوع شائك، لأنه يحمل في طياته ما يشبه الماتريوشكا الروسية: دمية في داخلها دمية في باطنها دمى. واقع العالم العربي هكذا، تتحدث الإحصائيات عن نسبة الأمّيّة، وهي في الحقيقة «باقة» أمّيات. مجموعة أسباب على صورة شجرة، جذور، جذع، أغصان، ثمار ضارّة. البحث عن الحلّ ليس أيسر من العثور على قشة في كومة من الإبر. أسوأ من إبرة في كومة قش.
القضية، عملية حسابيّة بسيطة، كلفة تحوّلها إلى واقع، باهظة الأثمان. منذ مطلع العصر الحديث، لم تفلح الدعوات المتكررة إلى النهوض بالتربية والتعليم. لم يكن ثمّة أمل أو فرصة فوق أن يصير عميد الأدب العربي، المفكر التجديديّ، الدكتور طه حسين، وزير معارف. النافع الله. صدور أمر بإجبارية تعليم الموسيقى في عهد الزعيم سعد زغلول، ثورة ذوقية، ذات أبعاد علمية، لا نظير لها، لكن النافع الله.
لا تبحثنّ عن السلوان الوهميّ الخادع، في أن جامعة أكسفورد تأسست سنة 1096. مشكلة العقل العربي أنه لا يراكم التجارب. 
جامعة كمبريدج منذ مطلع القرن الثالث عشر، طوال ثمانية قرون وهي تبني البحث العلمي في كل الميادين. عقود التاريخ المعاصر كلها لم تكن كافية لمحو الأمّية عربيّاً، الذي ليس مطلباً نجوميّاً. 
معاذ الله أن يذكر عاقل الأمّية الموسيقية، لكن من حقّ الشعوب التي لم تذق طعم التنمية الشاملة، أن تسأل: كيف استطاعت قلة قليلة من الدول العربية تحقيق تنمية شاملة حلّقت بها عالياً منعتقة من زحف العالم الثالث زحفاً؟ قبل أن تُحل معضلة الأمّيّة في تلك البلدان، أطلّت أشكال جديدة من الأمّية، أمّيات لم تكن عواقبها الوخيمة متصوّرة لغياب الاستشراف في الميادين الاستراتيجية.
 لا يوجد مجال استراتيجي أهمّ من التربية والتعليم. التخطيط للمناهج المتفوقة، ينطبق عليه قول الشاعر المسرحي الفرنسي كورناي: «القيمة لا تنتظر أبداً عدد السنين». البرهان: سنغافورة جاءت الأولى عالمياً، وليست قرونية التأسيس. دولة الإمارات احتلت المرتبة العاشرة عالميّاً.
الأميّات الجديدة العلميّة والتقانية ستثقل بلدانها وتجعلها أقلّ قدرة على اللحاق. الأمّية الرقمية، أمّية الذكاء الاصطناعي، العلوم العصبية، أمّية فيزياء الكوانتوم، الفيزياء الفلكية، وهلمّ أمّيات... مصطلح «العالم قرية» حديث لم يمضِ عليه الكثير، لكننا سنفاجأ قريباً على ما يبدو بعبارة جديدة: «الكون قرية»، بلدة، مدينة.
لزوم ما يلزم: النتيجة العجبيّة: علينا بتغيير طريقة تفكيرنا، ففيزياء الكمّ ليس فيها زمان ولا مكان. هل الأمّية راحة؟
 [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"