عادي
مستلهم من «جيمس بوند» وأفلام أخرى

«نشرة حمراء».. أفكار مكررة وأحداث ساذجة

23:14 مساء
قراءة 4 دقائق

مارلين سلوم
كم مرة شعرنا بأن ما نشاهده على الشاشة عمل جديد- قديم، وكأننا نشاهد مجموعة أفلام تم اقتطاف أفكار منها وجمعها لتشكيل فيلم آخر؟ «ريد نوتيس» أو «نشرة حمراء» من هذه النوعية التي تشبه الكثير من الأعمال التي سبق أن شاهدناها، تستمتع بمتابعته لما يقرب الساعتين، يتمايل بين «الأكشن» والكوميديا والجريمة، لكنه لا يتعمق في أي منها، ولا يبهرك ولا يشبعك.

اختار الكاتب والمخرج روسون مارشال ثوربر نجمين محبوبين للتشارك في البطولة، وهما يملكان من الكاريزما ومن المعجبين ما يكفي لضمان إقبال الجمهور على مشاهدة الفيلم. دواين جونسون ورايان رينولدز لا ينجحان في هذا العمل كثنائي بقدر ما يؤدي كل منهما دوره بشكل جيد، كما لم تشكل الممثلة جال جادوت شريكتهما في هذه المغامرة طرفاً قوياً لتشكيل مثلث متكامل شديد الترابط؛ لذا لا يمكننا التحدث هنا عن مثلث ناجح، بل عن ثلاثة أبطال كلٌّ نجح في أداء مهمته بغض النظر عن شريكه الواقف أمامه في العمل. كما تمكن الثلاثي من تحمل مسؤولية الفيلم بأكمله دون الحاجة إلى مجموعة أكبر من النجوم معهم، ولا إلى ممثلين كثر في أدوار ثانوية.

تشم في فيلم «ريد نوتيس» رائحة أفلام «جيمس بوند»، حركة وجاسوسية وجريمة ومطاردات وسرقة ونفحات كوميدية وجمال أنثوي يستخدم الإغراء من أجل إخفاء القوة والجريمة أياً كان نوعها. القصة خيالية يعيد أصولها المؤلف ثوربر إلى زمن الفراعنة في مصر، وتحديداً إلى الهدية الثمينة التي قدمها أنطونيو إلى حبيبته كليوباترا وهي عبارة عن ثلاث بيضات من ذهب وكل منها مزخرفة بشكل وتحمل أحجاراً كريمة. يقال إن مزارعاً مصرياً وجد بالصدفة بيضة وهو يعمل في الأرض، وتقول القصة إن أحد الأثرياء المصريين دفع لأحدهم مبالغ خيالية من أجل الحصول على البيضات الثلاث لتقديمها هدية لابنته التي سماها كليوباترا في يوم زفافها الأسطوري في مصر. تمت سرقة الأولى بينما الثانية موجودة في روما، والثالثة لا يعلم بمكانها إلا القلائل.

مطاردة

دواين جونسون يلعب دور جون هارتلي من كبار المحققين أو بالأحرى المحللين في مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، يصل إلى روما للتنسيق مع محققة «الإنتربول» داس (ريتو أريا)، من أجل حماية البيضة الثانية المعروضة في متحف من السرقة. يصل جون وفريق المحققين والشرطة في الوقت المناسب، حيث تمت للتو عملية السرقة بالفعل والسارق ما زال داخل القاعة. تبدأ طبعاً المطاردة التي تذكرنا بأفلام «العميل 007 جيمس بوند»، ويتمكن السارق من الإفلات من الشرطة ومن العميل هارتلي. كيف لا يهرب وينجح في العملية وهو أحد أشهر لصوص القطع الفنية الثمينة في العالم نولان بوث (رايان رينولدز)؟. يذهب إلى بالي، حيث يملك منزلاً ليخبئ بيضة الذهب بعيداً عن الشرطة وعن المحقق هارتلي، لكن هذا الأخير خبأ له مفاجأة أكبر وتمكنوا من القبض عليه، واتخذت المحققة داس قراراً بسجنه في أبعد سجن، في روسيا ليقضي فيه عقوبته. أثناء استعادة هذه القطعة الثمينة تكتشف داس أنه تم استبدالها بأخرى مزيفة فتشك بهارتلي نفسه وتلقي القبض عليه لترسله أيضاً إلى نفس السجن في روسيا.

أجاد ثوربر استلهام أفكاره من مجموعة أفلام مثل سلسلة «جيمس بوند» و«إنديانا جونز» و«ناشونال تريجر» و«أوشينز إليفن»، لكنه لم يتعمق في الكتابة فبدت الأحداث ساذجة أحياناً، غير منطقية ولا مترابطة أحياناً أخرى. كيف مثلاً يمكن لعميلة في «الإنتربول» إلقاء القبض على عميل في ال «إف بي آي» وتدخله السجن في مكان هي تحدده، دون أن تتدخل ال «إف بي آي» أو نرى أي رد فعل لمسؤول في جهاز المخابرات؟ عموماً لم يظهر أي شخص مسؤول ولا شخصية عامة طوال الفيلم، وبقيت اللعبة تدور بين داس وهارتلي ونولان، ثم دخلت على الخط «ذا بيشوب» التي تؤديها جال جادوت.

هذه الأخيرة هي أخطر من يقوم بعمليات سرقة بشكل ذكي واحترافي ولم تتمكن أي سلطة او شرطة من إلقاء القبض عليها.

ومن الطبيعي أن تنقسم الأدوار في مثل هذه النوعية من الأفلام وتتوزع في أي فريق أو تشكيل عصابي بين صاحب العضلات الذي يتولى مسؤولية القتال، وصاحب العقل المفكر الذي يتولى التخطيط. في هذا الفيلم يمشي المؤلف والمخرج ثوربر بخط غير واضح، فمرة يكون نولان هو المفكر الذكي، بينما رفيقه هارتلي مفتول العضلات البارع في القتال، ومرة نكتشف أن صاحب العضلات هو الأذكى، بينما نولان والمفروض أنه أشهر سارق تحف في العالم غبي أو ساذج! عموماً العلاقة بين الثلاثي نولان وهارتلي وذا بيشوب تتأرجح بين العداوة والشراكة طوال الفيلم.

كوميديا

لا يخلو أي فيلم يقدمه دواين جونسون من روح النكتة وكوميديا الموقف، فما بالك وشريكه في العمل هو رايان رينولدز؟ كثيرة هي المواقف المضحكة، والتي تعوّض الجمهور هذا الضعف في بنيان القصة وضياع الهدف منها. توقعنا من عنوان الفيلم «نشرة حمراء» أن يكون أكثر حدة وتشويقاً، حيث تعني «النشرة الحمراء» أعلى درجة لمذكرات الاعتقال التي يصدرها «الإنتربول» بحق أكثر المجرمين المطلوبين في العالم، إلا أنه جاء تشويقياً ناعماً مسلياً، تستمتع به دون أن تشعر بأي عنف أو توتر، بينما عرف مؤلفه كيف يخبئ للمشاهدين مفاجأة مهمة لم يكشفها سوى في الجزء الأخير من الفيلم.

ومن مميزات «نشرة حمراء» أن مشاهد القتال والعنف فيه غير مؤذية، لا دماء ولا قتلى رغم كل المعارك «الشرسة» التي يخوضها أبطاله الثلاثة، فهي معارك استعراضية أكثر مما هي حقيقية. التصوير جيد وخصوصاً المناظر الطبيعية والتصوير الخارجي في الأجواء الباردة المثلجة في روسيا.

أما أداء البطلين فهو جيد رغم أنه أقل من مستوى قدرات كل من دواين ورينولدز، وهو مناسب للممثلة جال جادوت التي سبق لها أن قدمت دور «المرأة الخارقة».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"